حتى نفهم ما يدور حول المنظور البيولوجي الذي يعرف كذلك بمنظور علم الأعصاب، علينا أن نلقي نظرة على الاسم؛ يبني علماء النفس البيولوجي التفسيرات الخاصة بالسلوك البشري فقط بما يرتبط بالعمليات البيولوجية للشخص، الأسباب الثلاثة الرئيسية لأفكارنا وسلوكياتنا من منظور بيولوجي هي جيناتنا وهرموناتنا وناقلاتنا العصبية، هذا يعني أن سلوكياتنا ليست خيارنا، لكنها نتيجة لخلفيتنا الجينية ونظامنا العصبي ونظام المناعة.
المنظور البيولوجي في علم النفس:
يوجد العديد من الطرق المتعددة للتفكير في مواضيع علم النفس، المنظور البيولوجي هو طريقة للنظر في القضايا النفسية من خلال دراسة الأساس المادي للسلوك الحيواني والبشري، إنها أحد وجهات النظر الرئيسية في علم النفس وتشمل أشياء مثل دراسة الدماغ والجهاز المناعي والجهاز العصبي وعلم الوراثة.
غالباً ما تتركز النقاشات الرئيسية في علم النفس على المساهمات النسبية للطبيعة مقابل التنشئة، يشير أولئك الذين يتبنون جانب التنشئة في النقاش إلى أن البيئة هي التي تلعب الدور الأكبر في تشكيل السلوك، يميل المنظور البيولوجي إلى التأكيد على أهمية الطبيعة، في الغالب ما يشار إلى هذا المجال من علم النفس بإسم علم النفس البيولوجي أو علم النفس الفسيولوجي، تكوّن هذا الفرع الذي يعتبر أحد فروع علم النفس بشكل هائل وهو مرتبط بمجالات أخرى من العلوم بما في ذلك علم الأحياء وعلم الأعصاب وعلم الوراثة؛ فالمنظور البيولوجي هو في الأساس طريقة للنظر في مشكلات وأفعال البشر.
المناهج البيولوجية في علم النفس:
يقوم عالم النفس الذي يبحث من خلال المنظور البيولوجي بشرح سلوك الأفراد المنفتح نتيجة للتركيب الجيني من الأهل، كذلك التأثير اللاحق لتلك الجينات على بعض النواقل العصبية في دماغهم، إنّ العوامل البيئية تتفاعل مع العوامل الوراثية لتشكيل الشخصية؛ اقترح بعض علماء النفس نظريات تؤكد على هذه التأثيرات الجينية على الشخصية.
يعتقد عالم النفس هانز آيسنك أن علم النفس البيولوجي هو المحدد الأساسي للشخصية، على الرغم من أنه يعتقد أن التكييف يلعب أيضاً دور كبير، وفقاً لـ Eysenck فإن سمات الشخصية هرمية مع وجود بعض السمات الأساسية التي تؤدي إلى ظهور مجموعة كبيرة من السمات السطحية، الاختلافات المحددة وراثياً في الأداء الفسيولوجي تجعل بعض الناس أكثر عرضة للتكيف السلوكي.
يقترح Eysenck أن الأشخاص الانطوائيين لديهم مستويات أعلى من الاستثارة الفسيولوجية، مما يسمح لهم بالتكيف مع المحفزات البيئية بسهولة أكبر، بسبب هذا فإن هؤلاء الأشخاص يصابون بمزيد من الموانع، مما يجعلهم أكثر خجل وعدم ارتياح في المواقف الاجتماعية، يأتي الدليل التجريبي للمساهمات الجينية في الشخصية أساساً من نوعين من الدراسات؛ دراسات حول مزاج الأطفال ودراسات التوريث.
المزاج:
يشير المزاج إلى سمات الشخصية الفطرية أو التصرفات، يظهر الأطفال مزاجات خاصة بعد الولادة مباشرة؛ تشمل المزاجات التي درسها الباحثون التفاعل والذي يشير إلى استثارة الطفل أو استجابته وقابلية التهدئة، التي تشير إلى سهولة أو صعوبة تهدئة الطفل المضطرب، درس الباحثون الأطفال من سن الرضاعة إلى سن المراهقة ووجدوا أن المزاج يظل ثابت إلى حد ما بمرور الوقت، مع ذلك يمكن أيضًاً تعديل المزاج بمرور الوقت بواسطة العوامل البيئية.
التوريث:
تقدم دراسات التوريث التي تعتبر إحدى مناهج علم النفس البيولوجي دليل على المساهمات الجينية في الشخصية؛ التوريث هو تقدير رياضي يشير إلى مقدار اختلاف السمة في مجتمع ما يمكن أن يُنسب إلى الجينات، تساعد الدراسات التوأم الباحثين على تحديد التوريث، أظهر الباحثون أن التوائم المتطابقة التي نشأت معاً هي أكثر تشابه من التوائم الأخوية التي نشأت معاً في سمات مثل العاطفة الإيجابية والعاطفية السلبية والقيود.
التوائم المتطابقة التي يتم فصلها في وقت مبكر من الحياة، وتنشأ عن بعضها البعض هي أكثر تشابه في هذه الصفات من التوائم الأخوية التي نشأت معاً، تشير كلتا النتائج إلى وجود مكون وراثي للشخصية، أظهر علماء النفس، بعد إجراء دراسات في العديد من البلدان المختلفة أن توارث سمات الشخصية حول 0.5، مما يعني أن 50% من التباين في سمات الشخصية في مجموعة من الناس، يمكن أن يُعزى إلى الاختلافات الجينية بين هؤلاء الأشخاص.
البيئة الأسرية والبيئية:
من المثير للدهشة أن الأبحاث تظهر أن مشاركة البيئة الأسرية لا تؤدي إلى العديد من أوجه التشابه في الشخصية، لا يوجد ارتباط أو ارتباط ضئيل بين السمات الشخصية للأطفال بالتبني وآبائهم بالتبني، يعتقد الباحثون أن السبب في ذلك هو أن الآباء لا يتصرفون بنفس الطريقة مع جميع أطفالهم، تؤثر مزاج الأطفال على كيفية تصرف الوالد تجاههم، كما يمكن أن يؤثر جنس الطفل ومكانه في ترتيب الولادة على كيفية معاملة هذا الطفل.
البيئة أيضاً لها تأثيرات مهمة على الشخصية، تشمل هذه العلاقات بين الأقران وأنواع المواقف التي يواجهها الطفل، تتكون التفاعلات بين الخصائص الفطرية والعوامل البيئية ذات اتجاهين، من المرجح أن تؤثر مزاج الأطفال على علاقاتهم مع أقرانهم والمواقف التي يواجهونها وبالمثل، يمكن للأقران والمواقف تعديل خصائص شخصية الأطفال.
المناهج التطورية:
يشرح المنظرون التطوريون الشخصية من حيث قيمتها التكيفية، جادل المنظرون مثل ديفيد بوس بأن السمات الشخصية الخمس الكبرى مهمة عالمياً؛ لأن هذه السمات أعطت البشر ميزة إيجابية.