اقرأ في هذا المقال
إن نظرة المجتمع للطفل المتخلف عقلياً لابد أن تتغير، فيجب أن ينظر إليه على أنه فرد من أفراد المجتمع وحتى يتثنى له أن يشارك في الحياة، ويجب توفير الإمكانات المناسبة التي تفي باحتياجاته وتساعده على التكيف في المجتمع.
متطلبات المجتمع من المتخلف عقليا
إن تقبل المجتمع للمتخلف عقلياً يعتبر حق إنساني؛ لأنه عضو في المجتمع الذي يعيش فيه يتأثر به ويؤثر فيه، وهذا يعني إعداد المتخلف عقلياً التكيف مع المجتمع الذي يعيش فيه، وهو مسؤولية اجتماعية عامة تتطلب التخطيط والعمل والدعم الاجتماعي العام، لذلك يجب تأهيله اجتماعياً، للانتقال به من الاعتماد على الآخرين إلى الاستقلال الذاتي.
والكفاية الشخصية والاجتماعية والمهنية عن طريق استعادة المعاق ذهنياً، لأقصى درجة من درجات القدرة الجسمية أو العقلية المتبقية لديه، بالإضافة إلى تقبله اجتماعياً وتوفير فرص العمل له كحق من حقوقه الإنسانية التي يكفلها له المجتمع والقانون، فيجب تأهيله اجتماعية على أساس تقبل إعاقته واحترام حقوقه الأساسية في النواحي الاجتماعية والإنسانية والمدنية والنفسية.
بغض النظر عن طبيعة الإعاقة التي يعاني منها، فمتطلبات المجتمع من المتخلف عقلياً أن يكون مواطنا صالحا له حقوقه الاجتماعية، وأن يتحمل مسؤولية نفسه، ويستطيع حماية نفسه والإلتزام بواجبات المواطنة واحترام القوانين والعادات والتقاليد، ويتم ذلك عن طريق التأهيل الاجتماعي أو التدريب الاجتماعي.
والذي يهدف إلى مساعدتهم على اكتساب المهارات الاجتماعية في التفاعل الاجتماعي مع الأهل والأصدقاء والجيران والزملاء، وفي رعاية أنفسهم وحمايتها وتنميتها، وتحمل مسئولية الولاية على النفس والمال.
وهذا يعني أن أهداف التأهيل الاجتماعي تعليم المتخلفين عقلياً مهارات الحياة الاجتماعية، في المجتمع أو مهارات التوافق مع المجتمع، حيث يعتبر اكتسابها أو تعلمها هدفاً تربوية رئيسية في التربية الخاصة الحديثة، والتي جعلت غايتها الكبرى دمج هذه الفئة في المجتمع، ومساعدتها على أن تعيش الحياة الطبيعية في الرشد قدر الإمكان.
وهذا ما يتطلبه المجتمع من الطفل المتخلف عقلياً من الطفولة المبكرة، ويستمر معه في جميع مراحل التعليم والتأهيل لمساعدتهم على اكتساب المهارات والخبرات الاجتماعية المناسبة لهم في كل مرحلة، والتي تسهم في نمو شخصياتهم ونضجهم الاجتماعي والانفعالي، وتمهد لعملية تحولهم إلى الحياة الطبيعية في المجتمع.
وتتطلب الحياة في المجتمع من المتخلفين عقلياً إلى تعلم مهارات اجتماعية كثيرة، يجب أن يتعلمها ويتقنها ويطبقها في مواقف الحياة، ويتم متابعتهم فيها بشكل مباشر أو غير مباشر حسب قدراتهم ومهاراتهم حتى يتقنوها.
المهارات الاجتماعية التي يجب أن يكتسبها المتخلف عقليا
1- مهارات العناية الشخصية الرعاية الذاتية
يبدأ الطفل المتخلف عقلياً تعليم عنايته بنفسه في مرحلة مبكرة، وذلك يحتاج إلى وقت طويل وجهد كبير من الوالدين والمعلمين في المدرسة، وذلك حتى يعتمد على نفسه في تناول الطعام والنظافة واللبس والخلع والذهاب إلى الحمام وحماية نفسه وممتلكاته والانتقال والتواصل مع الآخرين.
2- مهارات رعاية شؤون المنزل
ويقصد به تعلم الأعمال المنزلية التي تساعد المتخلف عقلياً على الاستقرار في أسرته، فكلما كان الطفل المتخلف عقلياً قادرة على القيام ببعض الأعمال المنزلية لنفسه أو لغيره في الأسرة زاد اعتماده على نفسه، وقلت أعباء رعايته على أهله وزاد اندماجه معهم.
ويبدأ التدريب على المهارات المنزلية من الطفولة المبكرة، وذلك على بعض الأعمال المنزلية البسيطة، والتدرج معه سنة بعد أخرى في تنمية هذه المهارات، والتوسع فيها حتى تشمل جميع الأعمال المنزلية التي يستطيع القيام بها.
3- مهارات تنمية العلاقات الاجتماعية
الأطفال المتخلفون عقلياً لا يعرفون كيف يتفاعلون مع الأخريين، بسبب نقص مهاراتهم الاجتماعية، فتضطرب علاقتهم الاجتماعية، ويتعرضون للنبذ والإهمال من الناس، لذلك فإنهم في أشد الحاجة لاكتساب المهارات التي تمكنهم من تكوين علاقات طيبة مع الزملاء والأصدقاء والجيران، لهذا يجب أن يكون هناك برامج منظمة في تدريب المتخلفين عقلياً على مهارات آداب الحديث والإنصات.
واحترام الكبير والعطف على الصغير وضبط النفس عند الغضب، وحتى تكون ردود أفعالهم في التفاعل الاجتماعي جيدة، ومناسبة للموقف ويقوم إعداد المتخلفين عقلياً للحياة الاجتماعية على أساس أن عليهم واجبات نحو أهلهم وجيرانهم وأصحابهم وأقاربهم، ويحتاجون إلى التدريب على مودتهم والتعاون معهم، وذلك حتى يعيشوا الحياة الطبيعية التي يعيشها الأطفال العاديين في المجتمع.
4- مهارات الانتقال والسفر
يحتاج المتخلفون عقلياً إلى مهارات الانتقال بين المدرسة والمنزل، والتنقل بين الشوارع في القرية أو المدينة ولذلك يحتاجون إلى برامج منظمة لتدريبهم على الانتقال من مكان إلى أخر، في القرية أو المدينة في مجتمعهم حتى يكتسبوا المرونة في انتقالاتهم.
ويعتمدوا على أنفسهم في الانتقال والسفر، وتشير نتائج دراسات عديدة إلى نجاح كثير من المتخلفين عقلياً في استخدام المواصلات العامة في تنقلاتهم الداخلية والخارجية.
5- مهارات القيام بالعبادات
تعامل حالات التخلف العقلي المتوسط والشديد في العبادات معاملة الأطفال غير المميزين؛ لأن نموهم العقلي يتوقف في مستوى دون سن التمييز، فهم غير مكلفين بأي شيء من العبادات من صلاة وصوم وحج وزكاة لأنهم لا يميزونها، وأما حالات التخلف العقلي البسيط، فتعامل في العبادات معاملة الأطفال المميزين من سن (7-14) سنة تقريباً.
لأن نموهم العقلي يتوقف في مستوى دون سن التكليف، ومع هذا يتطلب منهم القيام بالصلاة والصوم والحج والزكاة والنطق بالشهادتين في المراهقة والرشد، ويحتاج الأطفال المتخلفين عقلياً إلى التدريب على الذهاب إلى الحمام والاستنجاء والصلاة في سن مبكرة، حتى يكتسبوا المهارات اللازمة لأداء الصلوات الخمس، ويعتادوا الذهاب إلى المساجد مع المسلمين في كل صلاة، ويستكوا سلوك الراشدين العاديين في هذه المواقف.
6- مهارات الترويح عن النفس
يحتاج الأطفال المتخلفون عقلياً إلى الترويح عن النفس في الطفولة، ومساعدتهم على اكتساب المهارات التي تمكنهم من الترويح عن أنفسهم، فالأطفال المتخلفون عقلياً يكتسبون مهارات الترويح عن النفس بالتدريب عليها تدريبا منظمة حتى يتقنوها.
ويستطيعون الترويح عن أنفسهم في الرشد، ويحتاجون في ذلك إلى تعريفهم بأنواع الأنشطة والألعاب الترويحية، وكيفية الوصول إليها والاشتراك فيها، واكتساب مهارة تبادل الزيارات والقيام بالرحلات والاشتراك في المسابقات.
7- مهارات استعمال النقود
المتخلف عقلياً تمنع عنه الولاية على أمواله؛ لأنه لا يحسن التدبير، ويتعرض للغش والخداع من الآخرين، لذلك فمن الضروري تدريبه على استعمال النقود منذ الطفولة، والمحافظة عليها حتى يكتسب مهارات التعامل بها في البيع والشراء وفي الكسب والإنفاق.
كما يحتاجون إلى التدريب على استعمال النقود مع الإشراف عليهم، ممن له الولاية عليهم بطريقة مباشرة أو غير مباشرة حتى يتحقق لهم الإحساس بالملكية وحرية التصرف فيما يملكون، وفي الوقت نفسه نحميهم من غش المعاملات المالية التي قد يمارسها بعض الناس عليهم.