النسبية الأخلاقية في علم النفس

اقرأ في هذا المقال


يجادل كل من المدافعين عن النسبية الأخلاقية ومعارضيها بأن النظريات الأخلاقية الإلزامية أو النظريات المعيارية يجب أن تكون مقيدة بالنتائج التجريبية حول علم النفس الإنساني، فلقد تساءل التجريبيين عما إذا كان الناس نسبيين أخلاقيين أو يمكن أن يكونوا كذلك، والتأثير الذي يمكن أن يكون للنسبية الأخلاقية على الدور الأخلاقي للمرء.

النسبية الأخلاقية في علم النفس

تعبر النسبية الأخلاقية في علم النفس عن هدف علماء النفس في دمج العمل الفلسفي والتجريبي على القيود المفروضة على النسبية المعيارية، وذلك من خلال تقييم الاستنتاجات الخاصة بالنسبية الأخلاقية التي يمكن ولا يمكن استخلاصها من الدراسات التجريبية، حيث تقترح كيف يمكن للفلاسفة الأخلاقيين وعلماء النفس الأخلاقيين التعاون في موضوع النسبية الأخلاقية.

كل من المدافعين عن النسبية الأخلاقية ومعارضيها يجادلون بأن النظريات الأخلاقية الإلزامية أو النظريات المعيارية يجب أن تُكتسب من خلال النتائج التجريبية حول علم النفس البشري، حيث تهدف النسبية الأخلاقية في علم النفس لتوضيح الفروقات الوظيفية بين النسبية الثقافية والفردية، وبين النسبية الأخلاقية المحايدة والمعتدلة، ومعرفة الوصفات الأخلاقية التي تتوافق مع علم النفس البشري.

مكونات النسبية الأخلاقية في علم النفس

يرتبط مصطلح النسبية الأخلاقية في علم النفس بمجموعة متنوعة من المفاهيم المختلفة للغاية، والتي يعمل بعضها بشكل أساسي لمعارضة وجهة النظر الأخلاقية، ومن الناحية التخطيطية يستخدم مصطلح النسبية الأخلاقية على نحو أن تتكون النسبية الأخلاقية من ثلاثة مكونات.

أولاً، تنص على أن الجوانب الوصفية أو الإرشادية أو الأخلاقية الفوقية للمصطلحات الوصفية مثل الصحيح أو الخطأ التي تعتبر مرتبطة بوجهة نظر أخلاقية.

ثانيًا، ترى النسبية الأخلاقية أن هناك تباينًا في هذه الآراء الأخلاقية.

ثالثًا، لا يمكن القضاء على هذا الاختلاف تمامًا إما عمليًا أو باتباع قواعد معرفية معينة وهذا أمر تجريدي تمامًا.

فيما يتعلق بأضداد النسبية المعيارية يتعلق المكون الأول بالشرعية للآراء الأخلاقية، مما يعني أن ما هو صواب أو خطأ يعتمد جزئيًا على الأقل على الآراء الأخلاقية للموضوع أو الثقافة وليس كليًا على أي شيء موجود بشكل مستقل عن عقول الناس، هذا يجعل النسبية الأخلاقية مختلفة بشكل ملحوظ عن الموضوعية الأخلاقية، حيث تنص الموضوعية الأخلاقية على أن ما هو صواب أو خطأ هو إلى حد كبير مستقل عن العقل.

بهذا المعنى للموضوعية الأخلاقية تبقى النسبية الأخلاقية في علم النفس قريبة جدًا من استخدامها من قبل العلماء الذين يعملون في أهمية البيانات التجريبية للنظريات النفسية والدراسات التجريبية حول النسبية الأخلاقية، حيث يعبر الجانب الثاني في نطاق اهتمامات المخططات لدينا، ومنها تختلف النسبية عن العالمية، حيث ترى العالمية الأخلاقية أن الأفعال صحيحة أو خاطئة للجميع فالعالمية لا تنطوي على أي من مكونات النسبية الأخلاقية في علم النفس.

وفي الادعاء ما وراء الطبيعي قد تكون الموضوعية والعالمية مفاهيم متعامدة، على الرغم من أن الموضوعية تستلزم عادة الشمولية، حيث أن هذه المفاهيم ذات أهمية في الدراسات التجريبية حول النسبية الأخلاقية، عندما نقوم بتقييم النظريات المعيارية والافتراضات التجريبية.

الفروق والنظريات داخل النسبية الأخلاقية في علم النفس

هناك تمييز مبدئي مهم بين النسبية المحايدة والمعتدلة، حيث ترى النزعة المعيارية المحايدة في النسبية الأخلاقية في علم النفس أن جميع الأفعال الأخلاقية صحيحة أو خاطئة نسبيًا، أو أن كل فعل يمكن أن يكون مطلوبًا أو يجب التسامح معه أو احترامه، أولئك الذين ينتقدون النسبية الأخلاقية غالبًا ما يوازنون بين النسبية والنسبية القاعدية المحايدة.

على سبيل المثال يخشى خصوم النسبية الأخلاقية في علم النفس من أنه إذا كانت النسبية سليمة، فلا توجد قواعد أخلاقية مطلقة، ومع ذلك نادراً ما يدافع علماء النفس الأخلاقيين المعاصرون عن النسبية المعيارية المحايدة، وبدلاً من ذلك فإن وجهة نظرهم توصف بشكل أفضل بالنسبية التكوينية المعتدلة، التي ترى أن بعض الوظائف الأخلاقية وليس كلها مضبوطة أو خاطئة نسبيًا، وأن الوظائف الأخلاقية الأخرى خاطئة أو غير خاطئة بشكل عام.

على سبيل المثال يرى بعض علماء النفس الأخلاقيين أنه يمكننا العثور على العديد من الآراء الأخلاقية المختلفة الموجودة، ولكن مجموعة فرعية منها فقط شرعية، بالتالي ترى النسبية الفردية أن الفعل يكون صحيحًا أو خاطئًا اعتمادًا على النظرة الأخلاقية للفرد، في المقابل يرى النسبيين الثقافيين أو الجماعيين أن ما إذا كان السلوك الإنساني صحيحًا أم خاطئًا يعتمد على وجهة النظر الأخلاقية لثقافة الفرد.

التسامح في النسبية الأخلاقية في علم النفس

في الأعمال المتعلقة بالنسبية الأخلاقية غالبًا ما يكون التمييز بين الأفراد وسياقهم الثقافي ضمنيًا، حيث تعتبر الوصفة المهمة للتسامح مثلًا تعني أنه لا يجب أن تتدخل في الإجراءات التي يعتبرها الفرد أو ثقافته خاطئة، مرة أخرى يعني التسامح المعتدل أنه لا يجب التسامح مع جميع الإجراءات، فقط مجموعة فرعية من الإجراءات التي يعتبرها المرء خاطئة يجب التسامح معها.

غالبًا ما يكون التسامح مطلوبًا فقط من النسبية الأخلاقية في علم النفس، ويتم انتقاد فكرة التسامح لكونها مستحيلة نفسيًا من حيث صلة المعلومات التجريبية بالنظريات الفلسفية، وفقًا لذلك تتناول بعض الدراسات التجريبية موضوع التسامح وتكون دراسات تجريبية حول النسبية الأخلاقية، وبغض النظر عن النتائج التجريبية يرفض البعض التسامح.

بدلاً من ذلك توصي النسبية الأخلاقية في علم النفس أنه إذا اعتبر المرء أن السلوك خاطئ، فيجب على المرء أن يتكيف معه، بمعنى أنه يجب على المرء محاولة فهم وجهة نظر الآخر، على سبيل المثال وبصورة مبسطة ، يعطي بعض الناس الأولوية للحكم الذاتي على المجتمع، بينما يعطي البعض الثاني منهم الأولوية للمجتمع على الحكم الذاتي.

يمكن للأفراد من كلا النوعين من الثقافات فهم أن الاستقلالية والمجتمع أمران مهمان، حيث أنه عند مواجهة أخلاق أخرى يجب على المرء أن يضع نفسه مكان الآخر والتركيز بمفهوم التناقض، حيث يحدث التناقض عندما يفهم المرء وجهة نظر الآخر وبعد ذلك يضع قيمتين في الاعتبار، وبالتالي فإن هذه القيم تنص على إجراءات قابلة للتوفيق لنفس الفاعل.

إذا كانت قيم المجتمع تملي أنه يجب على المرء أن يعتني بأسرته، بينما تملي قيم الاستقلالية أنه يجب على المرء متابعة اهتماماته الخاصة، فإن المرء يعاني من التناقض، هذه التجربة مشابهة لمعضلة أخلاقية خاصة بالنسبية الأخلاقية في علم النفس، فحتى لو كنا قادرين على اتخاذ موقف يمكننا أن نفهم أن شيئًا ذا قيمة أخلاقية يضيع عندما نتصرف في هذا الجانب، وأن الخسارة هي طبيعة لا يمكننا ببساطة رفضها.

وفي النهاية يمكن التلخيص بأن:

1- النسبية الأخلاقية في علم النفس تعبر عن أخلاقيات جزئية وليست عامة أو شاملة للعديد من العوامل والقواعد الأخلاقية والاجتماعي.

2- تعبر النسبية الأخلاقية في علم النفس عن هدف علماء النفس في دمج العمل الفلسفي والتجريبي على القيود المفروضة على النسبية المعيارية، وذلك من خلال تقييم الاستنتاجات الخاصة بالنسبية الأخلاقية.


شارك المقالة: