يوجد قواعد أساسية من الضروري الانتباه إليها عندما نتحدّث عن الصحّة النفسية والأمراض النفسية، إذ أنّها تختلف في صياغتها وطرق معالجتها عن الأمراض العضوية، على سبيل المثال عندما يشتكي إنسان من الاكتئاب أو القلق فهو ليس بالضرورة أن يعاني من مرض نفسي، إنّما قد تكون الشكوى لها أسبابها الاجتماعية، الأسرية، الوظيفية وغيرها، لابد من الانتباه إلى النماذج المتعددة أدناه عند تقييم شكوى أي مريض وعلاجه.
النموذج السلوكي للصحة النفسية الخاصة بالأطفال
يوجد أربع معايير عملية تتصف بسهولة التطبيق في تحديد السوء واللاسوء في سلوك الطفل، من المعروف أنَّ السلوكية لا تهتم بالسلوكيات غير القابلة للملاحظة والقياس، فهي لا تنشغل بالشخصية وبنيتها ودوافعها ودينامياته، بل تقوم بتكريس اهتمامها على السلوك نفسه، باعتباره متعلماً بتأثير من المحيط الخارجي، فالسلوك السوي مثل السلوك اللاسوي فهما متعلّمان، فالطفل يتعلم الشجاعة والتعاون، كما أنّه يتعلم الخوف والأنانية، إذا كان الأمر كذلك فما علينا إلّا أن نتدخل لتعزيز السلوك السوي داخل الصّحة النفسة الخاصّة بالطفل، كذلك تعديل السلوك اللاسوي على اعتبار أنّ السلوك المرغوب هو ما يضمن حسن التوافق مع المحيط والعكس صحيح.
يتعين الحكم على السلوك غير المرغوب الذي يحتاج تدخل وتعلُّم سلوكيات بديلة مكانه، يتم هذا عن طريق مؤشرات ومحكّات تمّ تجربتها، قابلة للملاحظة والقياس وتكرار السلوك وشدته ومدّته وتلاؤمه مع الموقف، كلما تكرر حدوث هذه المؤشرات كان السلوك أكثر اضطراباً أو أشد حاجة للتدخل من قبل أخصائيي الصحة النفسية.
تكرار السلوك
لا بدّ أن يتكرّر السلوك غير المرغوب، كذلك يمكن ملاحظته بوضوح عن طريق معدلات ظهوره في الحالات العادية عند الأطفال الأسوياء، فلا نحكم على سلوك ما بأنّه عدواني أو قلق أو مخرب، من مجرد حدوثه بشكل عابر أو كرد فعل على مثيرات تستدعي بشكل فعلي هذا السلوك، فكل الأطفال يظهرون عدوانية أو خوف أو يكذبون أو يسرقون، إنّما يجب أن يتكرر هذا السلوك بمعدلات تفوق المألوف وفي غياب المثيرات التي تثيرها في العادة، فمثلاً كل الأطفال يتشتت انتباههم أثناء الدرس أو يظهرون نشاط زائد إذا كان هناك ما يثير هذه السلوكيات.