الوظائف المعرفية للنماذج في علم نفس الوجود

اقرأ في هذا المقال


تم التأكيد بشكل مختلف على أن النماذج تؤدي عددًا من الوظائف المعرفية في علم نفس الوجود، حيث يجادل بعض علماء النفس بأن القيمة المعرفية للنماذج لا تقتصر على وظيفتها التمثيلية، ويطورون حسابًا يرى النماذج على أنها أعمال معرفية تسمح لنا بجمع المعرفة بطرق متنوعة، ويؤكدون على دور النماذج التناظرية في تكوين المفاهيم والعمليات المعرفية الأخرى.

الوظائف المعرفية للنماذج في علم نفس الوجود

تُناقش الوظائف المعرفية للنماذج في علم نفس الوجود النماذج كأدوات لبناء النظرية والتأكيد على قيمتها الإرشادية والتربوية، حيث أنها تسرد عددًا من الوظائف المحددة للنماذج في العلوم الاجتماعية النفسية، وتبحث في الطريقة التي يمكن بها استخدام النماذج لبناء نماذج أخرى وإنشاء أنظمة مستهدفة جديدة.

تم وضع الوظائف المعرفية للنماذج في علم نفس الوجود للجدل حول النماذج العلمية التي تعتبر ذات تداعيات مهمة على قضايا أخرى في علم النفس الوجودي، حيث كانت النقاشات حول الواقعية العلمية والاختزال وقوانين الطبيعة على سبيل المثال قد صيغت من منظور النماذج؛ لأن النماذج كان يُنظر إليها على أنها الناقل الرئيسي للمعرفة العلمية.

بمجرد الاعتراف بأن النماذج تحتل مكانة مهمة في صرح العلم النفسي وعلم الوجود يجب إعادة النظر في هذه القضايا مع التركيز على النماذج، والسؤال هو ما إذا كانت المناقشات حول هذه القضايا تتغير وإذا كان الأمر كذلك فكيف تتغير عندما نحول التركيز من النظريات إلى النماذج.

حتى الآن لم يظهر أي حساب شامل قائم على النموذج لأي من هذه القضايا، لكن النماذج تركت آثارًا مهمة في المناقشات حول هذه الموضوعات، من حيث الوظائف المعرفية للنماذج في علم نفس الوجود.

أهم الوظائف المعرفية للنماذج في علم نفس الوجود

تتمثل أهم الوظائف المعرفية للنماذج في علم نفس الوجود من خلال ما يلي:

1- وظيفة النماذج والواقعية وقوانين الطبيعة

في بعض الأحيان تُقدم النماذج عادةً تمثيلًا مشوهًا لأهدافها، فإذا نظر المرء إلى العلم على أنه قائم على النموذج في المقام الأول، فيمكن اعتبار ذلك لاقتراح تفسير علمي مضاد للواقعية، ومع ذلك ينكر الواقعيين أن وجود المثالية في النماذج يجعل النهج الواقعي للعلم مستحيلًا ويشيرون إلى أن النموذج الجيد، رغم أنه ليس صحيحًا حرفيًا، عادة ما يكون صحيحًا تقريبًا على الأقل أو يمكن تحسينه عن طريق التحديد والمثالية.

بصرف النظر عن المخاوف المعتادة بشأن مراوغة فكرة الحقيقة التقريبية للنماذج في علم نفس الوجود، فقد عارض أنصار الواقعية مع هذا الرد لسببين مرتبطين، أولاً أنه لا يوجد سبب لافتراض أنه يمكن للمرء دائمًا تحسين نموذج عن طريق إضافة تصحيحات غير مثالية، وثانيًا يبدو أن نزع المثالية لا يتماشى مع الممارسة العلمية؛ لأنه من غير المعتاد أن يستثمر علماء النفس العمل في نزع المثالية بشكل متكرر عن نموذج موجود.

بدلاً من ذلك ينتقلون إلى إطار عمل نمذجة مختلف بمجرد إدخال التعديلات التي سيتم إجراؤها بشكل كبير حيث أن النماذج المختلفة في الوظائف المعرفية للنماذج في علم نفس الوجود هي مثال على ذلك، وذلك بمجرد إدراك أن تأثيرات النماذج مهمة لفهم الظواهر دون الوجودية المختلفة لحساب النتائج المقابلة.

هناك صعوبة أخرى في إلغاء المثالية وهي أن معظم عمليات المثالية لا يتم التحكم فيها من خلال الوظائف المعرفية للنماذج في علم نفس الوجود، وهناك وظيفة أخرى مضادة للواقعية وهي تتمثل في حِجَة النماذج غير المتوافقة، تأخذ كنقطة انطلاقها الملاحظة القائلة بأن العلماء غالبًا ما يستخدمون بنجاح عدة نماذج غير متوافقة لواحد النظام المستهدف للأغراض التنبؤية.

يبدو أن هذه النماذج تتعارض مع بعضها البعض؛ لأنها تنسب خصائص مختلفة لنفس النظام المستهدف، حيث يبدو أن هذه الممارسة تسبب مشكلة للواقعية العلمية، ومنها يعتقد الواقعيون عادة أن هناك علاقة وثيقة بين النجاح التنبئي للنظرية وكونها صحيحة تقريبًا على الأقل، ولكن إذا كانت عدة نماذج من نفس النظام ناجحة بشكل متوقع وإذا كانت هذه النماذج غير متسقة بشكل متبادل فمن الصعب الحفاظ على أنها كلها صحيحة تقريبًا.

يمكن للواقعيين الرد على هذه الوظيفة من الوظائف المعرفية للنماذج في علم نفس الوجود بطرق مختلفة، أولاً يمكنهم تحدي الادعاء بأن النماذج المعنية هي بالفعل ناجحة بشكل متوقع، فإذا لم تكن النماذج تنبئًا جيدًا فسيتم حظر الحِجَة المتعارضة معها، وثانيًا يمكنهم الدفاع عن نسخة من الواقعية المنظورية، حيث يضع مؤيدو هذا الموقف موقعه في مكان ما بين الواقعية العلمية المعيارية واللاواقعية.

2- وظيفة النماذج والاختزال

تثير مشكلة النماذج المتعددة في علم نفس الوجود التساؤل حول كيفية ارتباط النماذج المختلفة، فمن الواضح أن النماذج المتعددة لنفس النظام المستهدف لا تقف عمومًا في علاقة استنتاجية؛ لأنها غالبًا ما تتعارض مع بعضها البعض، ومنها اقترح البعض من علماء النفس صورة للعلم لا توجد بموجبها علاقات منهجية بين النماذج المختلفة.

ترتبط بعض النماذج ببعضها البعض لأنها تمثل نفس النظام المستهدف في الوظائف المعرفية للنماذج في علم نفس الوجود، لكن هذا لا يعني أنها تدخل في أي علاقات أخرى استنتاجية أو غير ذلك، ونحن نواجه خليطًا من النماذج وكلها تحمل ثبات العوامل الأخرى في مجالاتها المحددة للتطبيق.

يجادل البعض من علماء النفس بأن هذه الصورة غير صحيحة جزئيًا على الأقل؛ لأن هناك العديد من العلاقات المثيرة للاهتمام التي تربط بين النماذج أو النظريات المختلفة، حيث تتراوح هذه العلاقات من العلاقات الاختزالية الشاملة والتقريبات المتحكم بها على علاقات الحدود المفردة إلى العلاقات الهيكلية وبدلاً من ذلك تسمى العلاقات الفضفاضة والقصص.

تظهر الوظائف المعرفية للنماذج في علم نفس الوجود في النقاش حول الاختزال والظهور في المجال القياسي، حيث يجادل بعض علماء النفس بأن النهج الحديث لإعادة التطبيع يتحدى نموذج التخفيض أو عقيدة التخفيضات الأوسع، ويقدم البعض دفاعًا عن هذا النموذج للاختزال، ويجادلون بأن إعادة التطبيع تتفق مع الاختزال، وأن انتقالات الطور متوافقة مع الاختزالية وأن برنامج بحث نظريات المجال الفعال يتوافق مع الاختزالية.

في العلوم الاجتماعية يتم استخدام النماذج القائمة على الوكيل  بشكل متزايد، حيث تُظهر هذه النماذج كيف يمكن أن تظهر الأنماط السلوكية المعقدة بشكل مدهش على المستوى الكلي من عدد صغير من القواعد السلوكية البسيطة للعوامل الفردية وتفاعلاتهم، ويثير هذا أسئلة مشابهة حول الاختزال والظهور في القياس.

في النهاية نجد أن:

1- الوظائف المعرفية للنماذج في علم نفس الوجود هي عبارة عن عمليات تتعلق بالقيمة المعرفية للنماذج والتي لا تقتصر على وظيفتها التمثيلية، بل أنها أعمال معرفية تسمح لنا بجمع المعرفة بطرق متنوعة.

2- تتضمن الوظائف المعرفية للنماذج في علم نفس الوجود وظيفة النماذج والواقعية وقوانين الطبيعة ووظيفة النماذج والاختزال.


شارك المقالة: