تطور نظرية الذات

اقرأ في هذا المقال


مفهوم ونظرية الذات في علم النفس

إنّ مفهوم الذَّات يعد مفهوم أساسي في فهم الشخصية، فقد عرض فليب فيرنون عدد من نظريات الذَّات، يرى أنّ أهمها نظرية الذات لكارل روجرز، التي تعد من أشمل نظريات الذات؛ بسبب اقترانها بطريقة الإرشاد والعلاج الممركز حول العميل.

نظرية الذات التي طورها كارل روجرز هي واحدة من الركائز الأساسية في علم النفس الإنساني. تهدف هذه النظرية إلى فهم كيف يدرك الفرد نفسه وكيف تؤثر هذه الرؤية على سلوكه وعلاقاته. على مدار العقود، تطورت نظرية الذات لتشمل مفاهيم وأساليب جديدة، مع التركيز على تجربة الفرد الداخلية وقدرته على النمو الشخصي. إليك نظرة على تطور نظرية الذات وأهميتها.

تطورات نظرية الذات

من أهم تطوُّرات نظريّة الذات والجانب الذي قام فيليب فيرنون بتقديمه، فهو يرى أنَّ هناك مُستويات متعددة للذات.

يشعر الفرد أنَّ لديه ذات مركزية أو خاصّة به، لا تشبه أبداً الذَّات الاجتماعيّة التي تقوم على كشف للناس.

مستويات الذات حسب فيرنون

حدد فيرنون طريق جيد للإرشاد والعلاج حيث وضّح أنَّ الصورة التي يقوم العميل بكشفها عن نفسه أو التي يحصل عليها المرشد، هي ذاتية وتعتمد على الجانب التصوّري للملاحظ، أيضاً أنّ هناك صور كثيرة على مستويات متعددة يمكن الوصول إليها.

يمكن الوصول للتقدم في الإرشاد النفسي والعلاج، عندما تقترب الذّات الخاصَّة من الذَّات البصيرة، أيضاً عندما تقترب بشكل كبير من الذَّات الفعّالة.

  • الذَّات الاجتماعية أو العامَّة: وهي الذات التي يقوم الفرد بإظهارها للمعارف والأخصائيين النفسيين والغرباء.
  • الذَّات الشعورية الخاصَّة: هي الذَّات التي يقوم الفرد على إدراكها، في الغالب يعّبر عنها بشكل لفظي، يقوم الفرد بكشفها لأصدقائه المقربين فقط.
  • الذات العميقة (المكبوتة): وهي التي يتوصَّل الفرد إلى صورتها عن طريق التحليل النفسي.

مفهوم الذات الإيجابي

تمَّ تحديد الصِّفات التي تميز مفهوم الذَّات الإيجابي عن مفهوم الذَّات السلبي، توضّح أنّ مفهوم الذَّات الإيجابي يقوم بالتعبير عن التوافق النفسي والصحَّة النفسيَّة، أيضاً أنَّ تقبُّل الفرد لذاته، يرتبط بشكل كبير مع الجوهر الموجب بتقبُّل وقبول الآخرين،

إنَّ تقبُّل ذات الفرد وفهمها يعتبر من الأبعاد الرئيسية في عملية التّوافق الشخصي، إعادة هيكلة التوافق الشخصي، أن يتأثر مفهوم الذَّات الإيجابي بالعوامل الاجتماعية، مثل اتجاهات الفرد نحو الآخرين، اتجاهات الآخرين نحو الفرد.

يجب على الأهل والمربين والمرشدين أن يفهموا دورهم في إلهام ونمو مفهوم الذات عند الأطفال والمراهقين، ظهرت العلاقة الفعَّالة بين التوافق النفسي للفرد ومفهومه لذاته، أنّه كلما كان الفرد سيئ في التوافق، نظر إلى نفسه بشكل سيء.

الجذور والمفاهيم الأساسية لنظرية الذات

بدأت نظرية الذات بالظهور في الخمسينيات من القرن العشرين عندما قدم كارل روجرز مفاهيمه حول الشخصية والعلاج النفسي، تُعتبر الذات، وفقًا لروجرز، مجموعة من الأفكار والمعتقدات التي يحملها الفرد عن نفسه، هذه الأفكار تتشكل من خلال التجارب الشخصية والتفاعلات مع الآخرين. وتتكون الذات من ثلاثة مكونات رئيسية:

  • الذات المثالية: الصورة التي يرغب الفرد أن يكون عليها.
  • الذات الواقعية: ما يعتقد الفرد أنه عليه في الحاضر.
  • الذات المُدركة: كيفية رؤية الفرد لذاته بناءً على تجربته.

مراحل تطور نظرية الذات

1. البدايات (1950-1960):

ركز روجرز في البداية على العلاقة العلاجية، مشددًا على أهمية القبول غير المشروط والتعاطف في مساعدة الأفراد على تحقيق التوافق النفسي. كانت الفكرة الرئيسية أن الفرد يمكنه تحقيق ذاته المثالية من خلال عملية النمو الشخصي والوعي الذاتي.

2. النموذج الإنساني (1970-1980):

مع تطور النظرية، أصبحت جزءًا من حركة أوسع في علم النفس تُعرف بعلم النفس الإنساني. ركز هذا النموذج على الإمكانيات البشرية والنمو الشخصي بدلاً من المرض العقلي. قدمت النظرية مفهوم “ميل الفرد الطبيعي نحو تحقيق الذات”، مما يعني أن الناس يسعون بطبيعتهم إلى النمو والتحسين.

3. التطبيقات العملية (1990-2000):

شهدت نظرية الذات توسعًا في استخدامها لتشمل مجالات متعددة مثل التعليم والأعمال والعلاقات الشخصية. في التعليم، استُخدمت لتعزيز بيئات تعليمية تُشجع على التعلم الذاتي والإبداع. في الأعمال، استخدمت لتعزيز التطوير الشخصي والمهني.

4. التوجهات المعاصرة (2000-الحاضر):

أصبحت النظرية أكثر تكاملاً مع نظريات نفسية أخرى، مثل العلاج المعرفي السلوكي والعلاج بالمعنى. تم التركيز على كيفية استخدام الوعي الذاتي والقبول لتعزيز التغيير الإيجابي في حياة الأفراد. بالإضافة إلى ذلك، تُستخدم مبادئ نظرية الذات في تقنيات جديدة مثل العلاج النفسي عبر الإنترنت.

الأهمية والانتقادات لنظرية الذات

تُعد نظرية الذات ذات أهمية كبيرة لأنها تُركز على القوة الإيجابية داخل الأفراد وقدرتهم على إحداث تغيير في حياتهم. تُشجع هذه النظرية الأفراد على تحقيق أهدافهم الشخصية وتطوير فهم أعمق لذواتهم. ومع ذلك، تعرضت النظرية لبعض الانتقادات بسبب افتقارها إلى الأدلة العلمية الصارمة التي تدعم بعض مفاهيمها الأساسية.

تطور نظرية الذات عبر العقود يُظهر كيف يمكن لفهم الفرد لذاته أن يكون قوة دافعة للنمو الشخصي والتحسين، من خلال التركيز على الوعي الذاتي والقبول الشخصي، تقدم النظرية إطارًا قويًا لمساعدة الأفراد على تحقيق إمكاناتهم الحقيقية، في عالم يتغير باستمرار، تبقى نظرية الذات ذات صلة لأنها تُعزز من قيمة الفرد وقدرته على تحقيق التغيير الإيجابي في حياته.


شارك المقالة: