تفسير نظرية الإرشاد بالمعنى للانسان

اقرأ في هذا المقال


قام العلاج بالمعنى بالتركيز على أهمية تشكيل نُسق ابتكاري يقوم بالتحفيز على العمل والإنجاز، أيضاً وجود نُسق آخر اتجاهي، يساعد على تحفيز الشجاعة في تحدي الألم والمعاناة، النسق الثالث وهو الخبراتي، الذي يتضمن معاني الحب والفهم والفلسفة، يدعمها جميعهاً وجود مبدأ المسؤولية والإيمان بحريّة اتخاذ القرار.

نظرية فرانكل في العلاج بالمعنى

يعتقد أصحاب النظرية الوجودية أنّ التقيُّد بأسس النظرية، يعد عائقاً يحول دون بلوغ أفضل فهم للإنسان وأفضل تواصل معه، رغم كل ذلك يوجد للجانب الظاهرياتي والفلسفة الوجودية أهمية واضحة في إرساء القواعد التي تحدد الخلفية.
يؤكد العلاج بالمعنى على اكتشاف الجوانب المهمة التي لها معنى في حياة الإنسان، أيضاً كيف يستطيع تجميعها وتعميقها، ثم تحويلها إلى مصدر من مصادر الفاعلية والحيوية والنشاط والاستمرارية، يساعد الفرد على أن يأخذ من الماضي انعكاساته على الحاضر والمستقبل.

محاور الشخصية

بنيان الشّخصية

يرى فرانكل أنّ الشخصيَّة الإنسانية وحدة متكاملة، تتضمن ائتلاف ثلاثة أبعاد وهي البعد البدني الفيزيائي، البعد العقلي النفسي، البعد الرُّوحاني المعنوي، بحيث أكّد على أهمية البعد المعنوي، الذي يقوم على الإنسان عن غيره من جميع المخلوقات الأُخرى، إذ تتواجد فيه سائر الظاهرات الإنسانية.
يؤكد فرانكل البعد المعنوي في الشخصية الإنسانية على وحدة الشخصية، أيضاً على الحب والضمير؛ لأنها تعتبر من أحدث القُدرات الإنسانية التي تعطي الفرصة للإنسان ليتخطى ذاته، إلى إدراك وفهم الآخرين في تفردهم الأصيل.
لأنَّ فرانكل مؤسّس وجهة نظر تفاؤلية في الشخصية الإنسانية فهو يؤكد على أهمية تمسُّك الإنسان بحريته، مهما كانت متمثلة في القلق والمعاناة والصراع، ليس من الضروري أن تكون ظاهرة مرضية في جميع الأحوال، بل هو الصميم للطبيعة الإنسانيّة، الذي يقوم على تحفيز الإنسان إلى الرُّقي وبلوغ الهدف، يحفظ عليه إنسانيته، يحقِّق ذاته.

الدّوافع

حسب نظريات الدافعية، يرى باترسون أنّ اهتمام الإنسان يعتبر الأساس بالإحتفاظ على حالة من الاتزان الداخلي، أيضاً محاولة إلى استعادتها، الدَّافع الأساسي لدى الفرد حسب فرانكل هو تحقيق الإرادة للمعنى، لا يعتبر الدافع إلى المعنى قوة دافعة بالمعنى السيكودينامي، فالقِيم لا تُعد دافع يدفع الإنسان، بل إنها تقوم بجذبه بما تنطوي عليه من اختيارات وقرارات.
إنّ محاولة الإنسان في الوصول إلى المعنى حسب رأي فرانكل يعد قوة أولية في حياته لا يعد تبريراً ثانوياً لحوافزه الغريزية. إنّ المعاني والقيم لا تعتبر ميكانزمات دفاعية، لا تعتبر تكوينات وردود أفعال وإعلاءات، بل هي القوى الجاذبة، يكون فيها بشكل دائم حرية متضمنّة، تكفل للإنسان الاختيار بين القُبول والرَّفض من أجل تحقيق إمكانات المعنى.

الشّخصية بين السوية والمرض

لا يصل الفرد إلى الصحة النفسية والشّخصية السوية من جانب العلاج بالمعنى كما يرى ساهاكيان، إلا بوجود كمية مناسبة من التوتر، يصدر عن فهم الفرد للفجوة بين ما قام بإنجازه وما يتمنى أن يحقّقه. هذا التوتر يكون الأساس لكون المرء إنسان، في وجوده يكون التبصر بالإمكانات وحدودها والمدى الذي يمكن أن تمتد إليه الطموحات والأهداف، حيث استخلص شولتز من كتابات فرانكل العديد من الخصائص المميزة للفرد.
إنّ العصاب من وجهة نظر العلاج بالمعنى كما أشار كورى، هو فشل المرء في استخدام حريّته في تحقيق إمكاناته الإنسانية، أيضاً فشله في الفيام بمسؤوليات هذه الحرية، الأمر الذي يصل إلى خسارة الشعور بالوجود ومحدودية الوعي والإمكانات والقدرات وانبعاث حالة من اللامعنى، تقوم بدورها إلى الشعور بالذنب والفراغ والاغتراب، تصل بعض الأحيان إلى اللامبالاة، التي تدعو إلى الانسحاب وتجنُّب المُواجهة توصل بالفرد إلى الاضّطراب النفسي والعصبي.
حسب فرانكل، إنَّ خسارة المعنى هو نوع من العصاب، الذي تميزه حالة من اللاغرضية وافتقاد الهدف، أحياناً يصل إلى رغبة في عدم الاستمرارية. في تناول لمفهوم العصاب يركِّز فرانكل على قول ديستوفسكي (يوجد شيء واحد فقط يروُّعني وهو ألا أكون جدير بآلامي).
إنّ الحياة حسب وجهة نظر فرانكل، مليئة بالاختيارات والفرص التي تقول للإنسان حدد إذا كنت تنوي أن تصبح أو لا تصبح لعبة في يد الظروف، خاسراً للحرية والكرامة. يعد الإنسان العصابي هو الذي يعتقد أنَّ الحياة كلها محن وآلام ومعاناة، يحاول الهرب من الوعي الكامل بمهامه فيها، إذا أمكن للعلاج أن يُوقظ فيه هذا الوعي، فإنَّ في ذلك إسهام كبير في تعضيد قدرته على التغلُّب على عصابه.


شارك المقالة: