تمايز الذات في العلاج الأسري عبر الأجيال

اقرأ في هذا المقال


تختلف الذوات عن بعضها البعض، فكل شخص يسعى للبحث عن ما يميزه ويفرده عن غيره، ويوجد للأسرة دور كبير وفعال في تنمية ذوات أطفالهم وتفردهم، حيث من الممكن أن تمنح الأسرة طفلها بعض الاستقلالية والحرية لتنمية ذاته وتطورها وفي نفس الوقت هناك أسر قد تقوم بأسر أطفالهم ويضعونهم في ظلهم دون أن يكون لهم أي استقلالية خاصة بهم، ممَّا يبنى لديهم تمايز ضعيف لذواتهم.

تمايز الذات في العلاج الأسري عبر الأجيال

تَحدَّث العالم “بوين” عن مدى تعلق الوالدة والطفل ببعضهما وأثره على مرض الفصام، حيث أنَّه تعلق مبالغ فيه، يحدث بين المرضى الفصاميين ووالداتهم، وشبَّه بوين الأطفال الملتصقين بأمهاتهم بالتوائم الملتصقين عاطفياً.

يكبر الأطفال وهم يمتلكون مستويات متعددة من تمايز الذات عن العائلة، فمعظم الأبناء يتمكنون من أن ينفصلوا عن عائلاتهم بشكل ناجح لكي يصلوا إلى الرشد، وليحققوا استقلاليتهم في أداء المهام والواجبات، ويتمكنوا من التعبير عن آرائهم بحرية ويتخذوا قراراتهم الخاصة بعيداً عن أعضاء العائلة، قد يتخذ بنصائح غيره ولكنَّه في نفس الوقت يقوم باتخاذ قرارات خاصة مستقلة.

يعتبر تمايز الذات بأنَّه جزء من ديناميات العائلة أكثر من أنَّها صفات شخصية، ويمكن ملاحظة عملية تمايز الذات في أنظمة متعددة مثل: العائلة، الأصدقاء، الأقارب، ولكن قد يبقى بعض الأعضاء مقيدين للعائلة لا يتمايزون، ممَّا يكونون أكثر عرضة للإصابة بالفصام.

تعريف تمايز الذات

تمايز الذات هو قدرة الفرد على الفصل بين هويته الشخصية والتوقعات أو الضغوط الاجتماعية، خاصة تلك التي تأتي من العائلة. يشمل ذلك الوعي الذاتي، والتفكير النقدي، والاستقلالية العاطفية. عندما يتمتع الأفراد بمستويات عالية من تمايز الذات، يكونون أكثر قدرة على التواصل بشكل صحي مع أفراد أسرهم، مما يؤدي إلى علاقات أكثر توازناً.

دور تمايز الذات في العائلات عبر الأجيال

تؤثر الأنماط العائلية المتكررة عبر الأجيال في تشكيل الهوية الفردية. فقد تنتقل القيم، والعواطف، والسلوكيات من جيل إلى جيل، مما يعزز أو يضعف مستويات تمايز الذات. على سبيل المثال، في بعض العائلات، قد يُشجع الأفراد على الاعتماد على بعضهم البعض بشكل مفرط، مما يؤدي إلى ضعف تمايز الذات. في المقابل، العائلات التي تعزز الاستقلالية والتعبير عن الذات تميل إلى إنتاج أفراد أكثر تمايزاً.

كيفية تعزيز تمايز الذات في العلاج الأسري

في سياق العلاج الأسري، هناك عدة استراتيجيات يمكن استخدامها لتعزيز تمايز الذات:

  • التواصل المفتوح: تشجيع أفراد الأسرة على التعبير عن مشاعرهم وأفكارهم دون خوف من النقد. يعزز هذا التواصل الفهم المتبادل ويساعد في تقليل التوترات.

  • فهم الأنماط العائلية: يساعد العلاج الأفراد على التعرف على الأنماط السلوكية المتكررة في عائلتهم وكيف تؤثر على تمايزهم. هذا الوعي يمكن أن يساعدهم في كسر الحلقات السلبية.

  • تطوير الاستقلالية: من خلال وضع أهداف شخصية، يمكن لكل فرد في الأسرة أن يتعلم كيف يحقق تمايزه الذاتي، مما يعزز علاقاته مع الآخرين.

تأثير تمايز الذات على الصحة النفسية

إن الأفراد الذين يتمتعون بمستويات عالية من تمايز الذات يميلون إلى مواجهة تحديات الحياة بشكل أفضل. يكونون أكثر مرونة في مواجهة الضغوط، وأقل عرضة للقلق والاكتئاب. كما أن لديهم القدرة على الحفاظ على علاقات صحية ومستقرة مع الآخرين.

يعتبر تمايز الذات عنصراً حيوياً في العلاج الأسري، حيث يلعب دوراً كبيراً في تشكيل الهويات الفردية والتفاعلات بين أفراد الأسرة. من خلال تعزيز هذا المفهوم، يمكن للعائلات تحسين صحتها النفسية وتعزيز العلاقات الأسرية. إن فهم الأنماط العائلية وتطوير مهارات التواصل والاستقلالية يمكن أن يؤدي إلى تجارب أكثر إيجابية عبر الأجيال.


شارك المقالة: