حسابات معرفة الذات وأشكالها في علم النفس

اقرأ في هذا المقال


تعبر حسابات معرفة الذات في علم النفس عن جميع الطرق التي يعتمد عليها الأفراد في معرفة الدرجات المعرفية لأنفسهم، وكيفية توجيه اتجاهاتهم التفكيرية نحو المواقف المختلفة، مع توضيح أهم الفروق الفردية والاختلافات من كل شخص لآخر.

حسابات معرفة الذات في علم النفس

تختلف حسابات معرفة الذات عبر عدد من الأبعاد في علم النفس بما في ذلك كيفية وطرق واستراتيجيات تتحقق من خلالها معرفة الذات، ومن حيث نوع ودرجة الأمن المعرفي الذي تمتلكه النسب الذاتية، ومن حيث طبيعة امتيازنا المعرفي وسلطتنا الاجتماعية أو اللغوية بالنسبة لحالاتنا العقلية، ومن حيث دور سلطاتنا الرقابية والعقلانية والتفاعلية والتعبيرية في شرح امتياز وسلطة الشخص الأول.

هذه الحسابات تختلف أيضا من حيث نطاقها، حيث يهدف منظرو المعرفة بشكل أساسي إلى شرح كيف نعرف ما نفكر فيه ونشعر به حاليًا من خلال حالاتنا الحادثة، بينما يهتم المنظرين والمؤيدين من علماء النفس للأسباب المهمة بشكل حصري بالمعرفة الذاتية لتلك المواقف التي تمثل التزاماتنا مثل المعتقدات والنوايا.

يختلف أنصار المعنى الداخلي والتفسير الذاتي والشفافية التجريبية والعقلانية والتعبيرية فيما يتعلق بنطاق حسابات معرفة الذات في علم النفس، حيث يؤخذ كل من هؤلاء على الأقل من قبل أحد مؤيديها، لتطبيقه على جميع أنواع الحالات العقلية، هذا التنوع يعني أن وجهات النظر المختلطة ممكنة، على سبيل المثال قد يعتقد المرء أن حساب التعارف يشرح كيف نعرف أحاسيسنا بينما تشرح غيرها بشكل أفضل معرفة الذات بالمعتقدات.

أهم أشكال حسابات معرفة الذات في علم النفس

تتمثل أهم أشكال حسابات معرفة الذات في علم النفس من خلال ما يلي:

1- حسابات التعارف

عادة ما ترتبط فكرة أننا نعرف حالاتنا العقلية من خلال التعرف عليهم من خلال نسبهم على الأقل إلى العالم رينيه ديكارت، ومنها فإن وعينا بحالاتنا العقلية يكون أحيانًا مباشرًا بشكل خاص بالمعنى المعرفي والمعنى الخاص بما وراء الظواهر الطبيعية للتفكير، أي إنه مباشر معرفيًا من حيث أننا لسنا بحاجة إلى الاعتماد على الوعي بشيء آخر لكي نكون مدركين لحالاتنا العقلية.

تعتبر حسابات التعارف لمعرفة الذات مباشرة بشكل خاص بالظواهر ما وراء الطبيعية للتفكير من حيث أنه لا يوجد حدث أو عملية تتوسط بين وعي الفرد والحالة العقلية نفسها، على النقيض من ذلك فإن وعي الفرد بمعرفة مثلاً أن الليلة الماضية كانت مُمطرة بشكل غير مباشر من الناحية المعرفية من حيث أننا نحققه فقط من خلال الوعي بشيء آخر مثل الرصيف الرطب.

تحظى حسابات التعارف بجاذبية خاصة للمؤسسين المعرفيين من علماء النفس الإدراكي، الذين يزعمون أن كل معارفنا تستند إلى أساس من المعتقدات المبررة ولكن لا تبررها معتقدات أخرى، حيث أن الادعاء بأن الوصول الاستبطاني مباشر من الناحية المعرفية وهو الأكثر منطقية بالنسبة لأحاسيس الفرد مثل الألم؛ هذا لأن كيفية ظهور الإحساس وكيف يبدو للموضوع وكيف هو في الواقع طبيعته، وفقًا له هو نفسه، أي لا يوجد تمييز بين المظهر أو الواقع في حالة الأحاسيس.

إن قصر حسابات التعارف على المعرفة الذاتية للأحاسيس أو بشكل أكثر دقة المعرفة الذاتية للحالات العقلية الفردية التي تفردها المعرفة، لا يحدد نطاقها تمامًا حيث يختلف علماء النفس حول أنواع الحالات العقلية التي تفردها المعرفة.

في الآونة الأخيرة حظيت فكرة أن الأفكار لها ظواهر مميزة باهتمام متجدد، حيث يستخدم بعض علماء النفس المعرفي حقيقة أننا على ما يبدو قادرين على معرفة ما نفكر فيه بطريقة مباشرة وآمنة للغاية، أفضل طريقة لتفسيرها من خلال نموذج التعارف من الاستبطان؛ لنجادل في أن الأفكار لها خصائص ظاهرية مميزة نتعامل معها تعرف، ويجادل بعض علماء النفس أيضًا بأن المواقف الواعية مثل الأحكام لها ظواهر مميزة.

لا يعني الاتجاه المعرفي المزعوم للاستبطان أننا إما معصومين عن الخطأ بشأن حالتنا؛ لأنه سؤال مفتوح عما إذا كانت جميع حالاتنا قابلة للاستبطان، ولكن إذا كان الاستبطان يتضمن وصولًا مباشرًا معرفيًا إلى الحالات الظاهرية، فإن استخدامه الصحيح قد يسمح للصفات الذاتية ذات الصلة بتحقيق درجة عالية من الصدق، وقد استند بعض علماء النفس إلى مفهوم التعارف ليجادلوا بأن بعض الحالات العقلية على الأقل مثل الأحاسيس الشديدة قد تكون مضيئة.

فكرة أننا نعرف أحاسيسنا عن طريق التعارف تظل مثيرة للجدل إلى حد كبير، إن فكرة معرفة معتقداتنا أو مواقفنا الأخرى عن طريق التعارف هي أكثر إثارة للجدل، حيث تتطلب معرفة الذات أكثر من الاتصال المباشر بالحالة العقلية، فهي تتطلب أن يصور المرء الحالة بشكل صحيح، ويصنفها على سبيل المثال على أنها ألم أو برودة وغيرها.

ينبع قلق واحد بشأن حسابات التعارف من ملاحظة أننا نخطئ أحيانًا بشأن تجاربنا في معرفة الذات، ومع ذلك فإن معظم منظري التعارف سوف يقرون أننا يمكن أن نكون مخطئين بشأن حالاتنا الظاهرية، وتشير النظرية فقط إلى أنه في ظل ظروف معينة فإن الواقع الهائل للتجربة الحسية والجودة بمصطلحات تفكيرية، وبالتالي فإن وصفنا الذاتي للتجربة سيكون صحيحًا.

2- حسابات الحواس الداخلية

بينما تفسر حسابات التعارف معرفة الذات على أنه يختلف اختلافًا جوهريًا عن الإدراك في توجيهه المعرفي فإن حسابات الحس الداخلي تتخذ الاتجاه المعاكس فهي تفسر حسابات معرفة الذات في علم النفس على أنه مشابه للإدراك في جوانب جوهرية، حيث أن مصدر الأفكار لكل إنسان في ذاته بالكامل وعلى الرغم من أنه ليس عاقلاً، لا علاقة له بالأشياء الخارجية، ومع ذلك فهو يشبه ذلك كثيرًا وقد يكون كافيًا أن يكون إحساسًا داخليًا.

تفسر حسابات المعنى الداخلي معرفة الذات على أنه مشابه للإدراك من حيث أنه يتضمن آلية مراقبة أو عملية مسح ذاتي، تأخذ الحالات العقلية كمدخلات وتنتج تمثيلات لتلك الحالات كمخرجات، حيث تشكل آلية المراقبة المتضمنة في الحس الداخلي تمثيلات للحالات العقلية التي تأخذها كمدخلات، هذه العملية موثوقة وفقًا لبعض حسابات الحس الداخلي؛ لأن الآلية تعيد توزيع محتوى حالة الإدخال في تمثيل تلك الحالات التي هي ناتجها.

في مثل هذه الحسابات وعلى النقيض من حسابات التعارف، فإن العلاقة بين حالة الاستبطان في المدخلات والحالة الاستبطانية في المخرجات سببية وعرضية، لكن حسابات الحس الداخلي تسمح بأن الاستبطان يختلف أيضًا عن الإدراك بطرق مهمة، حيث يتم تحقيق الإدراك من خلال أعضاء مخصصة مثل العينين والأذنين، بينما لا يوجد عضو حرفي للتأمل.

عادةً ما يتضمن الإدراك التجارب الحسية بينما لا أحد يعتقد أن المرء يدرك المعتقدات والأفكار من خلال امتلاكه لأحاسيس أو تجارب شبه حسية؛ نظرًا لأن تفسيرات الحس الداخلي تفسر المعرفة الذاتية كعملية سببية، فهي مناسبة بشكل خاص لمقاربات الموثوقية أو على نطاق أوسع الخارجية المعرفية لمعرفة الذات.


شارك المقالة: