إنّ عمل المرشد النفسي شاق وهام ومؤثر وسري أيضاً، حيث يترك المرشد الحرية لمسترشده بأن يذكُر جميع الأفكار الموجودة لديه، أن يقول كل شيء يخطر بباله حتى أحلامه وعناصرها المختلفة، بعد أن يكون المرشد قد أزال جميع المُشتتات من الغرفة التي يستلقي فيها المسترشد، يكون دور المرشد دور المراقب لما يقوله المسترشد من أفكار وتداعيات؛ ليحاول التعرُّف على المكبوتات لديه، إذا طال صمت المسترشد يساعده المرشد عن طريق الإشارة إلى كلمة وردت على لسان المسترشد.
من هو المرشد النفسي
هو شخص متخصِّص في الصحَّة والعلاج النفسي، إضافة إلى دراسة المواد المتخصِّصة في الإرشاد النفسي والقياس والتقويم، لديه قدر كافي من المعلومات عن الأمراض النفسية والاجتماعية، بالإضافة إلى التدريب العملي والخبرة في الإرشاد النفسي. يجب على الأخصائي النفسي التمسُّك بالميثاق الأخلاقي للعمل كمرشد النفسي من خلال عدَّة أمور:
- الحفاظ على سريّة المعلومات للمسترشد.
- الرّغبة في مُعاونة الآخرين وتقديم المشورة العلاجية بدون أيِّ اعتبارات للون او جنس أو دين.
- التمتُّع بقدر عالٍ من الضّبط الذاتي والبعد عن العصبية أثناء الجلسات الإرشاديَّة.
- التحلِّي والتمسُّك بالقيم الأخلاقية والمُثل العُليا في العمل.
- القُدرة على الإنصات والصَّبر وتحمُّل المسؤولية الإرشادية.
خصائص المرشد النفسي
تعتبر شخصية المرشد عنصر أساسي وجوهري في أي علاقة إرشادية، أهم خصوصية يجب أن تتوافر في المرشد هي الاهتمام، فالمرشد شخص متعلِّم ويتمتع بمعرفة واسعة، لكنَّه شخص مهتم بمساعدة الناس، فكل الناس يستطيعون تعلُّم ما يعرفه المرشد ولكن حتى يصبح الشخص مرشد لا بدَّ وأن يصبح مهتم بمساعدة الناس، أيضاً إنّ اعتقادات المرشد حول طبيعة الإنسان تؤثِّر على الطريقة التي يستجيب بها ويتعامل من خلالها مع المسترشدين.
- الكفاءة العقلية: على المرشد أن يتمتع بقاعدة معرفية حول أهم النظريات الإرشادية، أيضاً عليه أن يتمتع بالرغبة والقدرة على التعلُّم، كما عليه أن يتخذ الإجراء الصحيح بسرعة.
- الحيوية والنشاط: تستنزف عملية الإرشاد طاقة المرشد انفعالياً وجسمياً، على المرشد أن يكون نشيط خلال جلساته وأن يحتفظ بهذا النشاط أطول وقت ممكن.
- المرونة: لا يكون المرشد الفعَّال مقيد بمجموعة من الاستجابات المحدَّدة، إنّما يكّيف ما يفعله وفقاً لما يلبي حاجات مسترشديه.
- الدعم: يشجِّع المرشد مسترشديه على اتخاذ قراراتهم المستقلَّة، أيضاً يساعدهم على التسلُّح بالأمل والقوة في حياتهم، يتجنَّب المرشد أن يقوم بدور المنقذ لهم.
- الشعور بالمودة نحو الآخرين: أن يتمتع المرشد بالرّغبة في العمل على تحقيق مصلحة المسترشدين، من خلال أساليب بناءة تشجّع استقلالهم.
- الوعي الذاتي: هذه الخصوصية تنبع من معرفة المرشد بذاته، بما يحمله من اتجاهات و قيم ومشاعر، أيضا من قدرته على إدراك العوامل التي تؤثر عليه.
- الوعي بالخبرات الثقافية: تعني قدرة المرشد على الشُّعور بالرَّاحة، خلال تعامله مع الأفراد من الشُّعوب الأُخرى والمختلفة ثقافياً عن ثقافته.
دور المرشد النفسي من وجهة نظر التحليليون
- إنّ دور المرشد في التحليل النفسي هو دور الوسيط والمحرِّض في الوقت نفسه بما يقوم به من نشاط في توفير الجو المناسب للمسترشد لكي يكون في حالة من الاسترخاء، أن يفسح له المجال لكي يتحدث عمَّا يدور في ذهنه، من الأمور الهامَّة وغير الهامَّة من حياته. في هذه الحالة يضعف دور الرّقابة قدر الإمكان، ذلك من خلال الإشباعات الجزئية لمطالب الهو، أي عن طريق الإفصاح عن المكبوتات في الهو دون أيَّة إعاقة له من قبل الأنا.
- يقوم المرشد بتحريض المسترشد على الكلام عند صمته، من خلال بعض الأسئلة غير الموحية بإجابة ما؛ تفادياً للمقاومة التي قد يبديها المسترشد، إنَّ دور المرشد لا يتوقف عند هذا الحد من العمل مع المسترشد، أي أنَّه لا يستمع له فقط وإنَّما يلاحظ كل التغيرات التي قد تظهر على المسترشد من تعابير الوجه إلى بعض الإيحاءات، التي قد يظهرها المريض بين الحين والأخر، إلى الزلَّات التي تصدر من المسترشد أثناء الجلسة؛ لأنَّ الرقابة تكون ضعيفة.
- يقوم المرشد بجمع المعلومات وتفسيرها وتحليلها، من أجل الوصول إلى داخل اللاشعور عند الفرد، هذا هو جوهر عملية التحليل النفسي. يحاول المرشد في المراحل المتقدمة من العلاج الغوص إلى أعماق النفس عند المسترشد والوصول إلى السَّاحة اللاشعورية لديه، التحدُّث معه عنها دون خجل، خاصَّةً ما يتعلق منها بالناحية الجنسية، التعرُّف على المكبوتات في هذا الحقل المهم من حياة المسترشد، على المرشد أن يراعي أخلاقيات العمل المهني، التي من أهمِّها المحافظة على سريّة المعلومات التي سيدلي بها المسترشد أمامه.