إنّ مسألة ما يجعل كل واحد منّا فريد هو ما يكمن وراء مجال علم نفس الشخصية، قام علماء النفس المتخصّصون في هذا المجال بفحص الخصائص التي يظهرها الأفراد وكذلك دوافعهم اللاواعية واللاواعية، لهذا المجال تاريخ طويل ومميز يعود إلى أكثر من قرن..
سيكولوجية علم نفس الشخصية:
التنمية في وقت مبكر:
كان سيغموند فرويد أول باحث يتعمق في مجال علم نفس الشخصية، في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين توصل فرويد إلى الاعتقاد بأنّ شخصيتنا تتكون من هويتنا أي سلوكياتنا الغريزية وغرورنا المسؤول عن إحساسنا بالهوية وتتوسط بين اللاوعي واللاوعي، كذلك الأنا العليا التي هي في الأساس ضميرنا وإحساسنا بالصواب والخطأ، وفقاً لفرويد تعكس شخصياتنا الطريقة التي توازن بها هذه المكونات الثلاثة بعضها البعض لتقليل التوتر النفسي.
كما رأى فرويد؛ فإنّ الجوانب المحددة لشخصيتنا هي نتيجة لكيفية تطورنا خلال مرحلة الطفولة وسن المراهقة عبر خمس مراحل نفسية جنسية، التي أشار إليها بالفم والشرج والقضيب والكامن والأعضاء التناسلية، عملت كارين هورني بعد فرويد بقليل في الجزء الأول من القرن العشرين، حيث اعتقدت أنّ الشخصية نتجت عن جهود الطفولة لحل أو تقليل القلق الاجتماعي، من وجهة نظرها فإنّ الدرجة التي نلبي بها عشرة احتياجات عصبية، حددتها قبل أن تصبح بالغ تؤثر على كيفية ارتباطنا بأشخاص آخرين في وقت لاحق من الحياة.
وفقاً لهورني إمّا أن نتحرك تجاه الآخرين أو نبتعد عنهم أو نكون عدوانيين في تفاعلاتنا، إذا قمنا بالتطوير بشكل كامل يمكننا وسنفعل الثلاثة حسب الموقف، يتحدى إريك إريكسون الذي كان يعمل في منتصف وأواخر القرن العشرين، فكرة أن شخصية الفرد تتحدد بالكامل خلال طفولته، بدلاً من ذلك اقترح أن يستمر الأفراد في التطور جيداً إلى مرحلة البلوغ، يعتقد إريكسون أن هناك ثماني مراحل من التطور النفسي والاجتماعي، تقدم كل مرحلة من هذه المراحل للفرد أزمة يجب حلها حتى يعيش هذا الفرد حياة كاملة وذات مغزى.
أنواع وسمات الشخصية:
في مجال علم نفس الشخصية يركز بعض علماء النفس على ما يشيرون إليه على أنّها سمات على المستوى الجزئي، بينما يأخذ آخرون نظرة أوسع من خلال تصنيف الناس على أنهم أنواع، يتم تحديد السمات من خلال جميع خصائصنا سواء كانت شائعة أو غير عادية، لا يزال علماء النفس يناقشون بالضبط عدد السمات التي يمكن أن يمتلكها الفرد، أنشأ جوردون ألبورت أحد رواد البحث في السمات كتالوج ضخم يضم أكثر من 4000 سمة نظمها في ثلاث فئات أساسية.
السمات المركزية هي تلك التي يمكن وصفها بكلمة واحدة والتي نتعرف عليها بقوة، مثل ذكي أو غاضب أو مؤنس، أمّا السمات الثانوية فهي تلك التي نعرضها بشكل متكرر ولكن ليس في جميع الأوقات؛ مثلا عندما يكون شخص ما لطيف مع زملائه في العمل ولكنه ينخرط في غضب الطريق أثناء القيادة إلى المنزل؛ ثمّ السمات الأساسية وهي تلك الصفات التي قرب نهاية حياتنا، ينظر الناس إليها على أنّها الأكثر أهمية ونموذجية للفرد.
تمّ تقديم آراء متنافسة حول السمات في علم النفس الشخصية من قبل ريموند كاتيل وهانس آيسنك؛ وفقًا لـ (Eysenck) يمكن تفسير المجموعة الواسعة من التفاعل بين البشر بدرجة الذهان والانبساط والعصابية لدى الأفراد، حاول كاتيل إنشاء رابط بين شخصياتنا و16 عامل كان قد حددها، بما في ذلك أشياء مثل الدفء والاستقرار العاطفي والكمال والانفتاح على التغيير.
كان كارل يونج أول عالم نفسي يحاول فحص وتصنيف الأفراد كأنواع، استناداً إلى أربع وظائف نفسية عرّفها بأنّها الحدس والإحساس والتفكير والشعور، اعتقد يونغ أن الناس إمّا منفتحون أو انطوائيون؛ أحد أنواع الشخصية وفقاً لتفكيره هو الانطوائي الحدسي، الذي يرقى إلى مستوى الصورة النمطية للفنان الجائع، مثال آخر هو المنفتح الفكري الذي يركِّز بشكل صارم في المحادثات مع الآخرين على الأفكار.
في رأي يونغ نشأت شخصية الفرد من جهد مدى الحياة لتوحيد الأفكار المكبوتة والتوفيق بينها، كذلك الجبهة الخاطئة التي نقدمها للآخرين، بالإضافة إلى الجوانب الأنثوية والمذكرية لطبيعتنا، متابعةً للعمل الذي أنجزته جونغ أنشأت إيزابيل بريجز مايرز ووالدتها كاثرين كوك بريجز مؤشر نوع مايرز بريجز، استناداً إلى أربع فئات من الصفات؛ التفكير مقابل الشعور والاستشعار مقابل الحدس والانبساط مقابل الانطوائية والحكم مقابل الإدراك، تضمن هذا المقياس 16 نوع محدد من الشخصيات.