شروط اختيار الوظيفة للموقف الأصلي للعدالة في علم النفس الاجتماعي

اقرأ في هذا المقال


تتمثل شروط اختيار الوظيفة للموقف الأصلي للعدالة في علم النفس الاجتماعي في العديد من الشروط المرتبطة بالجهل الذي يعبر عن الشرط الأساسي الذي يقيد الاختيار العقلاني للأطراف في الموقف الأصلي، حيث تعتبر مثل هذه الشروط هي شروط مفروضة على اتفاق الأطراف للموقف الأصلي للعدالة.

شروط اختيار الوظيفة للموقف الأصلي للعدالة في علم النفس الاجتماعي

تتمثل شروط اختيار الوظيفة للموقف الأصلي للعدالة في علم النفس الاجتماعي من خلال ما يلي:

1- شرط ظروف العدالة

من بين الحقائق العامة التي يعرفها الأفراد كشروط اختيار الوظيفة للموقف الأصلي للعدالة في علم النفس الاجتماعي هي ظروف العدالة، حيث يقول العالم جون راولز إن هذه الظروف يكون فيها السلوك الجمعي ممكنًا وضروريًا، فمن بعد العالم ديفيد هيوم يميز راولز نوعين عامين منها تتمثل في الظروف الموضوعية والظروف الذاتية للعدالة.

تتضمن الظروف الموضوعية حقائق مادية عن البشر مثل التشابه التقريبي في القدرات العقلية والجسدية، والضعف أمام القوة الموحدة للآخرين، حيث تشمل الظروف الموضوعية أيضًا ظروف ندرة معتدلة في الموارد ولا توجد موارد كافية لتلبية مطالب الجميع، ولكن هناك ما يكفي لتزويد الجميع بالرضا الكافي لاحتياجاتهم الأساسية، على عكس ظروف الندرة الشديدة يبدو التعاون والسلوك الجمعي مثمرًا وجديرًا بالاهتمام للناس.

من بين الظروف الذاتية للعدالة عدم الاهتمام المتبادل بين الأطراف والذي يعكس الإيثار المحدود للأشخاص في المجتمع فهؤلاء الأشخاص لديهم خطط حياتهم الخاصة والتزاماتهم الخاصة تجاه الآخرين، وكذلك كمعتقدات فلسفية ونفسية مختلفة ومذاهب أخلاقية، ومنها يقول ديفيد هيوم إنه إذا كان البشر محايدين غير متحيزين، ومهتمين بنفس القدر برفاهية الجميع، فلن تكون العدالة ضرورية.

عندها سيضحي الناس عن طيب خاطر بمصالحهم من أجل المنفعة الأكبر للآخرين، ولن يهتموا بحقوقهم الشخصية أو ممتلكاتهم، ولن تكون الممتلكات ضرورية، لكننا مهتمون أكثر بأهدافنا واهتماماتنا التي تشمل مصالحنا في مصلحة أولئك الأقرب إلينا وأعزَّا منا، أكثر من اهتمامنا بمصالح الغرباء الذين لدينا تفاعلات قليلة معهم إن وجدت.

هذا يعني وجود تضارب محتمل في المصالح البشرية بحيث يضيف راولز أن الاهتمام بمصالحنا وخطط حياتنا لا يعني أننا أنانيين أو لدينا مصالح فقط في أنفسنا، والمصالح لا ينبغي بها الخلط بين الذات والمصالح في النفس، ولدينا مصالح في الآخرين وفي جميع أنواع الأسباب والغايات، ولكن فإن مصالحنا الخيرية في الآخرين وفي المذاهب المتنوعة غالبًا ما تكون سببًا للصراع مثلها مثل المصلحة الذاتية.

تشمل الظروف الذاتية للعدالة أيضًا قيودًا على المعرفة البشرية والفكر والحكم، بالإضافة إلى التأثيرات العاطفية والتنوع الكبير في الخبرات، يؤدي ذلك إلى تحيز وخلافات حتمية في الأحكام الواقعية وغيرها من الأحكام، فضلاً عن الاختلافات في المعتقدات الأخلاقية.

2- شروط القيود الرسمية للعدالة

هناك مجموعة قيود رسمية مرتبطة بمفهوم الحق أو العدالة في شروط اختيار الوظيفة للموقف الأصلي للعدالة في علم النفس الاجتماعي، حيث يقول راولز إنه يجب على الأطراف أخذها في الاعتبار عند التوصل إلى اتفاق وكلما زاد مفهوم العدالة عن تلبية هذه القيود الرسمية للعدالة، زاد سبب اختيار الأطراف لهذا المفهوم، فالقيود الشكلية للحق هي العمومية والشمولية في التطبيق وترتيب المطالبات المتضاربة والدعاية والنهائية.

شرط الطلب يقول أن مفهوم العدالة يجب أن يطمح إلى الاكتمال حيث يجب أن يكون قادرًا على حل المطالبات المتضاربة وترتيب أولوياتها، ويستلزم الأمر مطلبًا منهجيًا ومنها يجب أن توفر مبادئ العدالة حلاً حاسمًا لمشاكل العدالة التي تنشأ في ظلها، وبقدر ما يكون مفهوم العدالة غير قادر على الأمر بادعاءات متضاربة وحل مشاكل العدالة، فهذا سبب ضد اختياره في الموقف الأصلي، شرط الترتيب مهم في حِجَة راولز ضد المذاهب الأخلاقية التعددية التي يسميها الحدس.

يعلق بعض علماء النفس قدرًا كبيرًا من الأهمية على شرط الترتيب في الموقف الأصلي للعدالة، ويجادلون بأن مذهب المتعة العالمي هو العقيدة الأخلاقية المعقولة الوحيدة التي يمكن أن ترضيها، ومنها يتعين على راولز الاعتراف بأن العدالة كإنصاف لا تمتلك نفس الدرجة من المنهجية مثل نفعية المتعة.

على سبيل المثال في حين أن مبادئ راولز ذات الأولوية يمكن أن تحل المطالبات المتضاربة فيما يتعلق بأولوية الحريات الأساسية على المساواة العادلة في الفرص ومبدأ الاختلاف، فلا يوجد مبدأ أولوية لحل العديد من النزاعات بين الحريات الأساسية نفسها، مثل التعارض بين حرية التعبير مقابل الحقوق، بالتالي يعتبر أمن وسلامة الأشخاص في قضايا الكراهية أو الصراع بين حرية التعبير والقيمة العادلة للحريات في القيود المفروضة.

في كثير من الأحيان في مثل هذه النزاعات يتعين علينا أن نزن الاعتبارات المتنافسة ونتوصل إلى قرار حول مكان تكمن التوازن الأكبر بين الأسباب، تمامًا مثل الآراء الحدسية، ولا يعني عدم وجود مبدأ تنظيمي أن توازن الأسباب في مثل هذه النزاعات المتعلقة بالحريات الأساسية غير محدد، بل يعني أن الأفراد العقلاء غالبًا ما يختلفون، وأن القرارات النهائية يجب أن تُتخذ من خلال الإجراءات الديمقراطية أو القضائية أو غيرها.

3- شرط الدعاية

ينص شرط الدعاية من شروط اختيار الوظيفة للموقف الأصلي في علم النفس الاجتماعي على أن يفترض الأطراف أن معايير العدالة التي يختارونها ستكون معروفة للجمهور ولأفراد المجتمع والمعترف بهم كأساس لتعاونهم الاجتماعي، هذا يعني أن الناس لن يكونوا جاهلين أو لديهم معتقدات خاطئة حول أسس علاقاتهم الاجتماعية والسياسية.

يجب ألا تكون هناك أكاذيب نبيلة أو أيديولوجيات كاذبة أو أخبار كاذبة تحجب مبادئ العدالة في المجتمع، حيث تعتبر الدعاية لمبادئ العدالة في نهاية المطاف بالنسبة إلى راولز شرطًا لاحترام الأشخاص كأشخاص مستقلين في الأخلاق، ويعتقد راولز أن الأفراد في المجتمع الديمقراطي يجب أن يعرفوا أسس علاقاتهم الاجتماعية وألا ينخدعوا بها من أجل التعاون والعيش معًا بشروط عادلة.

يلعب هذا الشرط دورًا مهمًا في حِجَج راولز ضد النفعية والمفاهيم التعاقبية الأخرى، حيث تم تطوير فكرة الدعاية من خلال أفكار التبرير العام ودور العقل العام في المداولات السياسية، وفيما يتعلق بالدعاية يجب أن تكون المبادئ عالمية في التطبيق هذا لا يعني ببساطة أنهم يحتفظون بها للجميع بحكم كونهم أشخاصًا أخلاقيين.

متطلبات الاستقرار في شروط اختيار الوظيفة للموقف الأصلي للعدالة في علم النفس الاجتماعي

من السمات المهمة لمفهوم العدالة أنه يجب أن يولد دعمه الخاص ويجب أن تكون مبادئها بحيث عندما تتجسد في البنية الأساسية للمجتمع، حيث يميل الناس إلى اكتساب الإحساس المقابل بالعدالة وتطوير الرغبة في التصرف وفقًا لمبادئها، في هذه الحالة يكون مفهوم العدالة مستقرًا، وعلى الأطراف في الموقف الأصلي أن تأخذ بعين الاعتبار الاستقرار النسبي لمفهوم العدالة والمجتمع الذي يؤسسها.

إن استقرار المجتمع العادل لا يعني أنه يجب ألا يتغير إنه يعني بالأحرى أنه في مواجهة التغيير الحتمي، ويجب أن يكون أفراد المجتمع قادرين على الحفاظ على ولائهم لمبادئ العدالة والمؤسسات التي يدعمونها، عندما تحدث اضطرابات في المجتمع أو خروج المجتمع عن العدالة، فإن التزامات الأفراد بمبادئ العدالة قوية بما يكفي لاستعادة المؤسسات العادلة في نهاية المطاف.

في النهاية نج أن:

1- شروط اختيار الوظيفة للموقف الأصلي للعدالة في علم النفس الاجتماعي عبارة عن إجراءات يتوجب اتباعها لتكون مبادئ ومعايير العدالة عالية في المجموعة والمجتمع.

2- تتمثل شروط اختيار الوظيفة للموقف الأصلي للعدالة في علم النفس الاجتماعي في وجود العدالة أو الظروف التي توجد بها العدالة، مع وضع مجموعة من القيود والدعايات لها.

3- ترتبط شروط اختيار الوظيفة للموقف الأصلي للعدالة في علم النفس الاجتماعي مع مفاهيم الاستقرار الذاتي من حيث التفكير وتطبيق الأحكام الأخلاقية.


شارك المقالة: