التربية طريقة لبقاء المجتمع: إن الإنسان كائن بشري يصارع من أجل الحياة، حيث يكون هذا الصراع من أجل جعل الطاقات المحيطة به ميسرة لصالحه، ويعني وجوده واستمرار نشاطه، هو بمثابة تفاعله مع البيئة المحيطة به، وأيضاً سيطرته على الظروف التي تمر به، وإذا نظرنا من جانب الحياة بتكوينها الطبيعي، إلى الحياة في تكوينها الاجتماعي الذي يحتوي على الخبرة البشرية، بما تحتويه هذه الخبرة من عادات ونظم وأيضاً معتقدات فإننا نكشف التطبيق لمبدأ (الاستمرارية من خلال التجديد).
وفي الواقع فإن في المجتمع لا تنتهي حمل الخبرة من الجيل الأكبر إلى الجيل الأصغر نظراً لاختلاف الأعمار في المجتمع، فموت البعض وولادة البعض الآخر قد تجعل من نقل الخبرات والأفكار وأيضاً الأفعال إعادة لنشأة الحياة الاجتماعية واستمرارها، لذلك فإن وحدها التربية هي التي تنشئ ذلك، لذلك تصبح التربية دافع شخصي أكثر من ان تكون حاجة اجتماعية، ولكنه في الواقع هي ضرورة اجتماعية، فيمكننا أن نشبهها بالتغذية والنمو اللازمة للحياة العضوية، تماما التربية لازمة للحياة الاجتماعية.
ضرورة التربية للمجتمع:
الاحتفاظ بالتراث الثقافي: إذا اجتهد المجتمع المتقدم والمتحضر أن يكون له البقاء والاستمرارية، فيجب عليه المحافظة على التراث والثقافة، وبالتالي حفظها من الضياع والاندثار، حيث نرى أن أفضل الطرق لحفظة وأيضاً صيانته هو نقله للناشئين بواسطة التربية، فالجيل القديم هو الأساس في التمسك في هذا التراث وما عليه سوى نقله للجيل الجديد، وبالتأكيد الجيل الجديد ليس لديه أي مشكلة في استقبال هذا التراث الثقافي، وبهذه الطريقة (طريقة التربية) تنتقل الثروة من جيل إلى جيل، ولو لم تنتقل لعاد المجتمع البدائية والهمجية.
تعزيز التراث الثقافي: إن المجتمع بحاجة إلى التربية، لأن التربية تساعد على تعزيز التراث الثقافي، فالمحافظة على التراث لا تكفي بل تحتاج الى تجديد بما يناسب روح العصر، وهذا ما نشبهه ببركة الماء فإذا لم نجددها فإنها تصبح فاسدة، كذلك التراث الثقافي فإن لم يكن مزينا بما حصل عليه الجنس البشري من علم واسع وخبرة تبقى العيوب واضحة، لأنه بالتأكيد لا يخلو من العيوب، وبالتالي فإن المجتمع الذي يرغب بأن يمشي في طريق الرقي متجنب الركود والجمود، يجب عليه أن ينقي تراثه الثقافي من أي عيوب يمكن أن تواجهه، وحتى لو عجز الجيل القديم على تقديم تلك المهمة فإن الجيل الجديد سيقوم بذلك. من هذا المنطلق جاءت أهمية التربية في بذل الجهد من أجل تعزيز تراث المجتمع.