قال تعالى: “وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا”، 23، الإسراء، إن عدم طاعة الأبناء للآباء والأمهات كما أمر الله تعالى والرسول الكريم صلى الله عليه وسلم هو من الكبائر، كما هو مذكور صراحة في الآية السابقة هو أيضًا شرك وعصيان الوالدين.
عقوق الأبناء للوالدين
رُوي عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أنه قال: “ذَكَرَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ الكَبَائِرَ، أوْ سُئِلَ عَنِ الكَبَائِرِ فَقالَ: الشِّرْكُ باللَّهِ، وقَتْلُ النَّفْسِ، وعُقُوقُ الوَالِدَيْنِ”، صحيح مسلم، إن خطورة معصية الوالدين كبيرة عند قياسها من حقيقة أن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم قد ذكرها مع الشرك بالله وهو أعظم الذنوب العظيمة التي لا تغتفر، هو ذنب نزل عقوبته في القرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة.
كما يجب على الأبناء احترام حقوق والديهم وإكرامهم وإلتودد لهم، فإنه يتعين على الأم والأب أداء الحقوق التي يتمتع بها الأبناء آدائها، إذا لم يفي الوالدان بهذه الحقوق، فسيكون ذلك بمثابة قطع الرحم، وبما أن الأبناء هم الأقرب إلى الوالدين فلا بد من الامتناع عن قاطع الرحم معهم، وقطع الرحم من الذنوب الكبرى.
فكما أن الأبناء يصبحون عاقين من خلال عدم الامتثال لواجبات الأبناء، يصبح الوالدين أيضًا عاقين إذا فشلوا في أداء واجباتهم تجاه أطفالهم، وعلاوة على ذلك لا ينبغي للوالدين أن يفرضوا أوامر لا تطاق على الأبناء بحيث يضطر الأبناء إلى إيجاد الأعذار لعدم طاعتهم وبالتالي يصبحون عاقين لآبائهم.
يجب على الوالدين عدم الاستهزاء بأبنائهم على أفعالهم، بل يجب تصحيح الأطفال بالنقد البناء، السخرية تجعل الأبناء عنيدين وتخلق عداوة بينهم وبين والديهم، عندما يفشل الوالدان في الوفاء بحقوق الأبناء، فإن ذلك يدفع الأطفال إلى التنازل عن حقوق الوالدين انتقاما، نتيجة لذلك، كلا الوالدين والأطفال متورطون في عقوق عظيمة.
من واجب الوالدين الرسمي أن يتصرفوا بلطف مع أطفالهم وأن يوفروا لهم تدريبًا وتعليمًا جيدًا لهم، وعليهم إبقائهم تحت السيطرة اللطيفة وعدم القيام بأي عمل من شأنه أن يجعل الأبناء عاقين.
يجب على الوالدين التغاضي عن أخطاء الأطفال البسيطة، يجب أن يقدروا الخدمات غير المهمة التي يعملونها لهم، وأن يُظهروا السعادة والامتنان لهذه الخدمات التي من شأنها أن تشجع الطفل على المزيد من الأعمال الجيدة، يجب أن يدركوا الأطفال أنهم يتمنون لهم الأفضل وأن يدعون من أجل سعادتهم في الدنيا والآخرة.
يحتاج إلى تعليم الأطفال منذ سن مبكرة عن أخطار عقوق الوالدين وأنها من أكبر الذنوب، العصيان والسلوك العدواني من أكثر قضايا الشباب إثارة للقلق في هذا اليوم وهذا العصر، إذا تحدث إلى الأطفال وتوجهوا بالرجوع إلى القرآن الكريم والسنة فسوف يفهمون هذا بالتأكيد وسيحاولون تغيير سلوكهم.
معصية الوالدين
إن عصيان الوالدين الذي يسمى بعقوق الوالدين الذي هو من أكبر الذنوب والرذائل الأخلاقية؛ التي تشير إلى أي شكل من أشكال إزعاج الأب والأم أو أي منهما باللسان أو فعل، فإن النظر إلى الوالدين بغضب، أو عدم احترامهم، أو قول أو تعبير عن الإحباط فهذا كله أو بعضه يعتبر من عقوق الوالدين، إذا كان هناك أي تعبير عن اشمئزاز أو أقل من ذلك بتعبير أوف، فإن الله تعالى ينهى عن ذلك كله في التعامل مع الوالدين، كذلك حرمان الابن العاق من دخول الجنة ودخول الجحيم، كما أن عذاب القبر وترك الصلاة وعدم إتمام الدعاء من عواقب معصية الوالدين، ذكر بعض العلماء المسلمين أن قصر الحياة الشخص وشدة آلام الموت ضمن نتائج عقوق الوالدين من قبل الأبناء.
يتضمن معصية الوالدين أن يضايق الطفل أبيه أو أمه بلسانه أو بفعله، مع ذلك، فإن كلمة عُقَق لها معنى قطع ؛ وبالتالي، في هذا الاستخدام، فإن ابن عاق: يعني قطع العلاقة مع الوالدين، أن عقوق الوالدين هو أسوأ أشكال قطع العلاقة مع الأقارب، ويعتقد أن أي انتقاد ينطبق على قطع العلاقة مع الأقارب، يمكن تطبيقه أيضًا على عصيان الوالدين، كما تعتبر معصية الوالدين من الرذائل الأخلاقية المرتبطة بملكات الغضب والعاطفة والتي تنبع من الكراهية والغضب أو البخل والحب للوالدين.
عصيان الوالدين يشير إلى أي شكل من أشكال إزعاج الأب والأم أو أحدهما، مثل الانظر إليهم بغضب، ودوس حقوقهم وعدم تلبية طلباتهم، وعصيان أوامرهم وعدم احترامها تعتبر أمثلة على معصية الوالدين، فإن عقوق الوالدين لا يحدث فقط في حياة الوالدين، بل قد يحدث حتى بعد وفاتهم، بالطريقة نفسها فعل الخير لهم لا يقتصر على حياتهم، قد يكون الإنسان بارًا مع والديه، ولكن بعد الموت، يصبح عاصلُا للوالدين؛ مثل، عدم سداد ديونهم أو عدم الاستغفار والدعاء لهم، فيجب على الأبناء الدعاء والصدقة عن الوالدين ووفاء دينهم، وزيارة أصدقائهم، فبر الوالدين في جال حياتهم وحتى بعد وفاتهم.
بر الوالدين في الإسلام
قال تعالى: “وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا”، 23، الإسراء، بر الوالدين من أهم واجبات الأبناء، وعصيانهم ممنوع قطعا، والمؤمن يطلب مرضاة ربه تعالى بفعل ما أوجبه الله تعالى عليه، والكف عما نهى عنه، فيتمنى ثواب ربه ويخشى عقابه.
ومن علامات عدم عق الوالدين: طاعتهما وإحسانه لهما قولاً وفعلاً، وعدم الإساءة إليهما، حتى بأخف القول، لكن هذا لا يعني أنه يجب طاعتهم في كل ما يطلبون من الابن القيام به، بل إن ذلك يتوقف على ما إذا كانت تعليماتهم متوافقة مع تعاليم الإسلام، ولا تتضمن أي عمل من المحرمات يغضب الله تعالى؛ ففي هذه الحال لا طاعة لهم؛ حتى لو أغضبهم ذلك، والمؤمن عبد لربه تعالى يفعل ما يأمر به، ويمتنع عما ينهى عنه، وأما طاعة الآخرين فيقتصر ذلك على ما شرعه الله تعالى ولا يفرق عن والديه.
أمر الله تعالى عز وجل بإخلاص العبادة له وحده، وإلى جانب ذلك أمر بالحب للوالدين، بر الوالدين مع عبادة وحده عز وجل وقد أمر الله تعالى الإنسان بأن يكون صالحًا ومخلصًا لوالديه، وقد ذكر الله عز وجل في هذه الآية بر الوالدين مع عبادة التوحيد، هذا يدل على التركيز على الأمر لتكريم الوالدين، لهذا فالواجب على الابن أن يكرم كلا والديه، ويحرم عليه عصيانهما.، إذا كان للأب حق واحد في الطاعة فالأم لها ثلاثة أضعاف من هذا الحق.
تحث السنة النبوية الشريفة الناس على تكريم الأقارب من باب حقوق الوالدين وعدم العقوق بهما، إن الأم هي أحقهم يليها الأب، يليها الأقرب ثم الأقرب، قال العلماء وسبب تقديم الأم لما تبذله من جهد في تربية ولدها، وحنانها، وخدمتها، وما أصابها من مشقات في حمله ثم ولادته ثم إرضاعه، ثم تربيته وخدمته والعناية به عند مرضه ونحو ذلك.
ما يجب على الفرد فعله هو تكريم والديه أمه وأبيه، وبرهما بالإنفاق عليهما، وخدمتهما، واستخدام كل الوسائل الأخرى لمساعدتهما، وبذل كل ما في وسعه لتكريمهما وإكرامهم، أما أن جاهدا الابن على طاعة وعبادة غير الله تعالى فلا يجب على الابن طاعتهما ولا يعتبر هذا من الصيان والعقوق.
لذلك أمر الله تعالى بالصحبة الحسنة لهذين الوالدين المشركين اللذين يجتهدان في جعل ابنهم يشرك في العبادة الله تعالى، ومع ذلك فإن الله تعالى أمر الأبناء في الدنيا بالوالدين ومصاحبتهما في الدنيا لرد معروفهما عليهم، يجب على الأبناء أيضًا تكريم كل منهم والتعامل معهم بلطف.