المدخل المعرفي للاضطرابات النفسية
يعتبر العلاج المعرفي السلوكي من أحد الأساليب العلاجية الجديدة التي تقوم بالاهتمام بشكل أساسي بالمدخل المعرفي للاضطرابات النفسية، من أهم أهداف هذا الأسلوب هو التخلُّص من الألم النفسي وما يشعر به الفرد من ضيق وهم، ذلك عن طريق التعرُّف على المفاهيم والإشارات الذاتية الخاطئة ومحاولة حصرها، أيضاً العمل على تصحيحها ومن ثم تعديلها.
فنيات العلاج المعرفي السلوكي
فنية الواجبات المنزلية
تقوم الواجبات المنزلية على تقوية فعالية العلاج المعرفي السلوكي، هي الفنية الوحيدة التي يبدأ المعالج بها وينتهي بها في كل جلسة علاجية، تساعد الواجبات على معرفة درجة التعاون والألفة بين المعالج والعميل، ذلك يؤثر على طريقة أداء العميل في كل خطوات البرنامج العلاجي.
يستطيع المعالج على زيادة قوة العلاقة العلاجية، من خلال أن يكلِّف العميل بواجبات منزلية، يتم تقديم الواجبات المنزلية على أنَّها تجربة ملائمة؛ من أجل اكتشاف العوامل المعرفية المرتبطة بالمشكلة التي يواجهها.
تتضمن الواجبات المنزلية أشكال متعددة، فيطلب المعالج من المريض أن يسجِّل أفكاره والاتجاهات المختلة بشكل وظيفي، أيضاً القيام بتجربة سلوكية أو معرفية تحتوي على أهداف معينة ومرتبطة بمشكلته. يجب أن ينتبه المعالج أنَّ للواجبات المنزلية دور مهم في زيادة قوة العلاج المعرفي السلوكي، حدوث الألفة والتعاون مع المريض، إذا قام بتقديم واجبات متصلة وبسيطة بمشكلة المريض، معرفة الأساس المنطقي لكل واجب منزلي، أيضاً توضيح كيفية إجرائها والتركيز على مراجعتها في بداية كل جلسة.
يرى الباحثون أنَّ الواجبات المنزلية يتم استخدامها من أجل تقوية الأفكار وعلاقتها بالاستجابات الانفعالية، أيضاً تساعد على تطوّر العلاج المعرفي السلوكي بشكل سريع، تعطي فرصة للمريض لتعلُّم مهارات جديدة بشكل منطقي؛ من أجل التعرف على أفكاره المختلة واتجاهاته غير العقلانية، مع المحاولة في تعديلها، أيضاً أنها تُعد جزء متمم لنتائج العلاج.
فنية ملء الفراغ
من الإجراءات الأساسية التي تساعد العميل على توضيح أفكاره بشكل تلقائي، أن يتم تدريبه على ملاحظة تدرُّج الأحداث الخارجية وردود أفعاله ناحيتها.
يقوم العميل أحياناً بذكر المواقف التي أحس فيها بضيق ليس له مبرر، في هذه الحالة تتشكل فجوة بين المثير وردود الأفعال الانفعالية، يستطيع العميل أن يفهم سبب ضيقه الانفعالي، إذا تمكّن من تذكُّر واسترجاع الأفكار، التي حدثت له خلال هذه الفجوة.
فنية الأسئلة السوقراطية والاكتشاف الموجه
يتم فحص الفروض عن طريق استخدام الأسئلة السوقراطية، (سُميّت بذلك نسبة إلى سقراط)، من قبل المعالج، بدلاً من المواجهة المباشرة لأفكار العميل واعتقاداته. في الأسلوب الأول من أساليب هذه الفنية، يقوم المعالج بتقديم وجهة النظر البديلة على العميل بشكل مباشر مثل عدم التناسق ووجود أخطاء في التفكير، يسأل العميل عن مدى موافقته وفهمه لذلك.
الأسلوب الثاني هو الهدف من الأسئلة السوقراطية، توجّه العميل إلى فحص جوانب وضعه بعيداً عن مساحة التدقيق والفحص، مساعدته على اكتشاف الحلول التي لم يهتم بها، تعويد العميل على التفكير سؤال نفسه الأسئلة، بدل الاندفاع التلقائي.
يرى الباحث أنَّه من خلال هذه الفنية يأخذ المعالج المعلومات عن العميل وعن خبراته، فهو القادر على شرح أفكاره ومشاعره، هذه المعلومات تفيد المعالج في تحديد الطريقة التي يتم استخدامها في القواعد العلاجية التي سيقوم المعالج بتطبيقها.
فنية صرف الانتباه
تُستخدم هذه الفنية في العلاج المعرفي السلوكي لأهداف معينة وقصيرة المدى، بحيث يُطلب من العميل الذي يعاني من القلق تكوين سلوك يبعد انتباهه عن الأعراض التي تحدث له؛ لأنَّ الانتباه على هذه الأعراض يساعد على زيادتها. هناك جوانب سلبية لفنية صرف الانتباه، التي قد تؤثر بشكل سلبي على تطور العملية العلاجية، خاصة عندما يستخدمه العميل للابتعاد عن الأعراض.
يستطيع المعالج المعرفي السلوكي استخدام هذه الفنية في الانتباه في بداية العلاج؛ حتى يجعل العميل يعرف أنَّ بمقدوره التحكُّم بالأعراض التي تحدث له، قد تستخدم هذه الفنية أيضاً في مراحل العلاج المتأخرة للتعامل مع الأعراض.
الأساليب المستخدمة في صرف الانتباه
- التركيز على شيء معين: يتم تدريب العميل على التركيز على شيء ما، يقوم بوصفه بشكل مفصَّل لنفسه، من خلال استخدام الأسئلة والإجابة عليها، مثل كيف يكون بالضبط؟ كم حجمه؟ كم يوجد منه؟ ما الفائدة منه؟.
- الوعي الحسي: يتم تدريب العميل على التنبيه على البيئة المحيطة به ككل، عن طريق استخدام الحواس الخمس، ويستعين بالأسئلة مثل، ما الذي تشاهده بالضبط إذا نظرت من حولك؟ ما الذي تقدر سماعه داخل جسمك؟
- التمرينات العقلية: يتضمَّن ذلك بالعد بطريقة خلفية من 100 بطرح 7 كل مرة، التفكير في أسماء الجمادات التي تبدأ بحرف ( ب ) ثم بالحرف ( ت ) وهكذا. تذكَّر حادثة معيَّنة بالتفصيل.