يعاني بعض المسترشدين من مشاكل تتعلّق بالقدرة على إثبات وجهات النظر والقدرة على المواجهة، فهم عادة ما يشعرون بالخجل وعدم القدرة على التحدّي، أو لربما أنهم نشأوا في أسر غير قادرة على تحفيز أبناءها على المواجهة، أو أنهم أصحاب حجّة ضعيفة غير قادرين على إثباتها بصورة صحيحة، وعليه فالعملية الإرشادي من خلال الإرشاد النفسي تعمل على تحفيز المواجهة لدى المسترشدين.
قواعد المواجهة التي على المسترشد اتباعها في الإرشاد النفسي:
1. أن يكون المرشد واعي لدوافع المواجهة:
عندما يقوم المرشد بمحاولة تفعيل عقل المسترشد من أجل جَرّه إلى مواجهة افتراضية، عليه وقتها أن يكون مدركاً للدافع الذي يرغب من خلاله في إقامة المواجهة مع المسترشد، وألا يكون الدافع هو استفزاز المسترشد والعمل على مضايقته من أجل تحقيق مصلحة شخصية مثل دفع المسترشد للانتكاس أو الخروج من العملية الإرشادية كونه يحتاج إلى جهد كبير، أو لعدم القدرة على مواجهة المشكلة الإرشادية التي تواجه المسترشد، فالهدف من المواجهة هو تحفيز المسترشد وإثبات قدرته على مواجهة أي شخص بأي موضوع كان.
2. تستخدم مهارة المواجهة بعد تجاوز العلاقة الإرشادية المراحل الأولى:
يعمل المسترشد على استخدام مهارة المواجهة بصورة منظمة تمّ الاتفاق عليها مسبقاً ضمن الخطط الاستراتيجية لعملية الإرشادي النفسي، بحيث يتم تفعيل هذه المهارة والعمل عليها بعد الانتهاء من المهمّة الأولى المتعلقة بالعلاقة الإرشادية، ويتم بعد ذلك تفعيل تلك المهارة لإثبات بعض المفاهيم وتوثيقها بالذات، ليكون المسترشد قادراً على التواصل الاجتماعي البنّاء مع الآخرين دون الشعور بالخوف أو الخجل.
3. عدم استخدام الكثير من أساليب المواجهة مع المسترشد:
على المرشد أن يكون مدركاً للقدرات العقلية التي يتمتّع بها المسترشد، والقدرة النفسية والفكرية التي تفتح له المجال لخوض عدد معيّن من المواجهات مع المسترشدين، وعليه فإنّ المواجهة التي قوم المرشد باستخدامها يجب أن تكون ضمن المعدل المقبول، وألا تزيد عن الحدود العامة التي تعمل على استنزاف المعلومات والجهود الخاصة بالمسترشد، بحيث يتم توزيع وقت تمارين المواجهة مع المسترشد بين فترات تسمح له بإعادة التفكير، وألا يتم استخدامها في أوقات قصيرة كونها مرهقة للعقل ولا تقوم على صقل الشخصية بالطريقة الإرشادية الصحيحة.
4. معرفة حدود المواجهة:
الهدف من المواجهة هو أن يتمّ تفعيل قدرات المسترشد الصامتة القادرة على مواجهة الآخرين، وأن يقوم المسترشد بمعرفة حدود عقله وما يمكن له القيام به من خلال المهارات التي يملكها، ولكن على المرشد أن يدرك أنّ هناك حدود معيّنة للمواجهة ولا يجوز له تجاوزها، بحيث تعمل مهارة المواجهة على معالجة الصراع الذي يدور في شخصية المسترشد والإجابة على الأسئلة التي يطرحها عادة على نفسه في إمكانية وقوفه في وجه الآخرين وإثبات وجهات نظره، وان يعرف المسترشد الحدود العقلية التي يملكها والتي تمكّنه من الوقوف في وجه الآخرين، وتفعيل هذه القدرات بأساليب إرشادية جيدة.
5. استخدام مهارة المواجهة لوحدها لا تكفي لبناء الشخصية:
يدرك المرشد أن تفعيل مهارة المواجهة لدى المسترشد لوحدها لا تكفي لمعالجة الأمور الفكرية والمشكلات النفسية التي يعاني منها، ولكنها تحتاج إلى العديد من المهارات الأخرى المتعلّقة بالشخصية والذات مثل معالجة التناقضات في الشخصية وعدم القدرة على اتخاذ القرارات بصورة ثابتة والتأرجح الفكري وعدم الاتزان، وإنه لا بدّ من استخدام أساليب إرشادية أخرى تتعلّق بأساليب الحوار أو لعب الأدوار لمعالجة المشاكل الإرشادية التي تظهر من خلال خطوات القيام بالعملية الإرشادية بصورة رئيسية، وعليه فإنّ المسترشد لا بدّ وأن يخضع للعديد من المهارات المتعلقة بالشخصية والقدرة على المواجهة وعدم الخوف من محاورة الآخرين والتغلّب عليهم.
6. يجب أن يكون المسترشد نموذجا حسنا أمام المسترشد:
لا يمكن أن يقوم المرشد بالمطالبة بقيمة أو مهارة ما لم يكن قادراً على اتقانها بصورة صحيحة، وعليه فالمرشد النفسي مطالب بأن يكون ذو خبرة كبيرة في المجال الإرشادي وفي القدرة على مواجهة الآخرين والتغلّب عليهم بالحجة والدليل، وأن يكون المرشد مقنعاً بالنسبة للمسترشد يمكن الاعتماد عليه في معالجة كافة المشكلات التي تواجهه، أو المحاولة في حلّها، وأن يكون المسترشد معجباً بشخصية أسلوب المرشد يعتبره النموذج الأكثر وضوحاً وقدرة على فهم كافة التساؤلات التي يشعر بالحاجة إلى الإجابة إليها، لتكون العملية الإرشادية عملية مكتملة الأطراف وخاصة فيما يتعلّق بالمواجهة.