إن الفرد بحاجة إلى أن يقرر القيمة والوقت اللذان ينبغي أن يعطيها للحوادث والضغوطات في الحياة، فالنضج العاطفي هو القدرة وكيفية الاستجابة لحدث معين، كذلك تعيين متى وماذا يقول وما لا يقوله الفرد، وعند تطوير هذه المهارة، سوف يتعلم الفرد إعطاء قيمة مناسبة لأي شيء ولأي شخص في حياته، ومستوى الضغط الذي يستحقه موقف معين.
كيفية الوصول إلى النضج العاطفي؟
من خلال سلسلة من الخطوات، ومن خلال الدخول في تجارب وكثرة التفاعلات يمكن تنمية المهارات والوصول إلى النضج العاطفي، ومنها:
الوعي بالذات:
وهو من قيم الذكاء العاطفي وأكثر ما يدعم في هذا النوع من النضج عند ضبط هذه العواطف والتعامل معها، ولتنمية الوعي بالنفس على الشخص أن يجرب كتابة يوميات عن العواطف. كل ليلة قبل الدخول إلى النوم والكتابة عن العواطف التي مرّ بها طوال اليوم وفكر فيها.
الابتعاد حين يكون هذا ضروري:
إن التعلق ليس أمر سيء بالضرورة، فعلاقات الشخص بمن يحب تساعده في التطور والنمو، مع ذلك فإن التعلق بالآخرين والأشياء والذكريات التي تتردد في العقل كثير ما تولد ألم كبير لا يعيه الشخص أحياناً، لذا فالنمو العاطفي يعني عيش الحاضر والتخلص من الماضي، والوعي بكيفية فصل الذات عن الأفكار والذكريات والأحداث، وإدارتها بطريقة تدفع للتطور.
تغيير الاتجاه:
على الشخص أن يسعى على أن يكون إيجابي، من السهل أن يلاحظ النواحي السلبية في الأحداث المتنوعة، لكن هذا يرفع من استياء الشخص ويدفعه لرد فعل سلبي نحو الآخرين، بينما تسهم ملاحظة النواحي الإيجابية في استقرار الشخص العاطفي، يمكنه كتابة قائمة بالأمور الإيجابية التي يمر بها والتي يشعر بالامتنان لوجودها، فمن شأن هذا أن يساعده في التغلب على القلق.
التوقف عن الشكوى:
انتقاد الشخص المتواصل لنفسه وللآخرين يعني الشلل، النضج العاطفي يعني أن يكون الشخص واقعي وأن يكون في حركة مستمرة، ويتعلم الشخص من الأخطاء وتجاوزها والتعلم من تجارب الآخرين.
تحمل المسؤولية:
وهذا يعني أن يسأل الشخص دائماً عما يمكنه فعله لإصلاح أمر ما، وأن يفهم أيضاً الحد بين ما يهيمن عليه ويتحكم به وما يفعله الآخرون دون تأثير منه.
وضع الذات مكان الآخرين:
وحتى يتمكن الشخص من ذلك ينبغي أولاً أن يعتني بنفسه بما يحقق له الرفاهية الجسدية والنفسية، وأن يعتني بصحته النفسية، ويهتم بصحته من خلال غذاء صحي، وممارسة الرياضة، وتخصيص وقت لهواياته المفضلة.
التطوع بالوقت:
إن تخصيص بعض من الوقت لتلبية احتياجات الآخرين يدل على النضج العاطفي، والتطوع في مكان ما لمساعدة الآخرين يسمح للشخص بالتقرب منهم ويرفع المقدرة على أن يتعاطف معهم، وهي خطوة في الاتجاه السليم نحو النضج العاطفي، لذا على الشخص أن يبدأ بالبحث عن فرص التطوع في إحدى دور الأيتام أو رعاية كبار السن، كما يمكنه تخصيص بعض الوقت لزميل في العمل أو أحد أفراد الأسرة.
تخيل ما يشعر به الآخرون:
عندما يختلف الشخص مع الآخرين أو مناقشهم، عليه احترام حدود الآخرين، والاهتمام باحتياجاتهم، ولا تكن الأهمية فقط لاحتياجاته الخاصة، إن التقرب من ما يشعر به الآخرون يساعد في الوصول إلى نقطة اتفاق معهم وتقدير إحساسهم، وعلى الشخص أن يتذكر دائماً إمكانية الاتفاق على الاختلاف، إذ لا يمكن دائماَ النجاح في النقاش، وسيبقى لكل منكم رأيه المختلف.
المحاولة أن يكون الشخص مستمع جيد:
الإنصات إلى المتحدث يساعد في التواصل بنجاح مع الآخرين، أن يصغي الشخص فعلياً إلى ما يقوله دون أن يشغله رأيه وكيف سوف يردّ عليه، وأن يبحث عما وراء كلماته وعن اللغة غير اللفظية التي يتحدث بها.
التعلم من الأخطاء:
إن القبول هو أحد مفاتيح الرفاهية العاطفية، فالحياة تعلم الشخص أن الأمور لا تسير حسب رغبته، ولهذا فالموقف المناسب هو أن يتخذ من الفشل فرصة للنمو.
البحث عن الدرس في كل تجربة:
من المتوقع أن لا يكون ذلك ممكن إلا بعد مضي بعض الوقت، لذا على الشخص أن يختار الوقت المناسب له وكتابة ما استخلصته من دروس منها، فهذا يساعده في أن يصبح شخص أفضل.
أخذ الدعم من الآخرين:
إن الوصول إلى هذا النوع من النضج قد يكون صعب، ووجود من يدعم الشخص يحُدث فرق كبير، لذا عليه أن يستعين بعائلته وأحبائه، وطلب ملاحظاتهم حين تميل عن الاتجاه نحو التغيير للأفضل، وأن يتذكر دائماً أن يتقبل انتقاداتهم بطريقة ناضجة، وقد يرى اللجوء إلى مستشار نفسي لإخباره عن كيفية الوصول إلى النضج العاطفي، كما يمكنه الانضمام إلى مجموعات الدعم والاستماع إلى مقترحاتهم.