إنّ رعاية العقل وتغذيته تماثلان في الأهمية الجسد وتغذيته لحاجته الملحّة إلى ذلك، فالعقل المهمل يضعفنا تماماً كما لو أننا أهملنا أجسادنا، فالعقل الذي لا نقوى بأن نملأه دوماً بما يفيده وينميه يضمحلّ ويصبح معطوباً تماماً غير صالح للاستخدام، فالأفكارالإيجابية تجعلنا أكثر انفتاحاً وانطلاقاً ومصداقية وموضوعية لدى أنفسنا ولدى الآخرين.
كيف تكون العناية بالعقل؟
إنّ بداية العناية بالعقل أن نقوم على تفتيحه وإطلاعه على الواقع الذي نعيشه وذلك بشكل مستمر يواكب التطورات التي تحصل على مستوى العالم، فالغرض من التعليم الذي نقوم به في المدارس والجامعات والذي نتلقاه من أسرنا ومجتمعاتنا لا يتمثّل في ملء العقول فقط بأي معلومات كانت، فهذا محال على أية حال، بل في أن نقوم على تفتيح عقولنا وتنويرها بما يدور حولها، ومن ثم العمل على توسيع مداركها إلى نطاقات متنوعة نستطيع فيما بعد أن نصبح محترفين وخبراء في مجال ما.
لا حدود للمعرفة:
كلما ازددنا علماً تيقّنا من ضئالة القدر الذي تعلمناه، ومن أنّ هناك المزيد مما يتوجب علينا تعلمه، فمن يعتقد بأنه امتلك العلم فقد جهل، ومن المفترض أن يؤدي بنا هذا إلى التفوق لمزيد من التعلّم، وهو ما يبقي على حالة اليقظة العقلية لدينا، كون عقولنا في حالة عدم استخدامها بشكل صحيح فإنها تضعف وتضمر وتصبح مستهلكة ضعيفة، فالعقل المتفتّح هو مبدأ التفكير الإيجابي السليم.
إن هناك فرق كبير بين الرأس الفارغ والعقل المنفتح، فالرأس الفارغ يملك شكلاً ولكن بدون عقل واعي، فهو بالشكل يشبه باقي العقول ولكن بالمضمون لا يشبه إلا الهياكل الفارغة، فالعقل المتفتح يمثّل قابلية للتلقي، والانفتاح على المعلومات الجديدة ووجهات النظر الأخرى، وهو يساعدنا على الوعي بمحدودية قدراتنا، فيمنحنا القدرة على التفكر بشكل أفضل.
الأذكياء قادرون على استغلال عقولهم بشكل مدروس على غرار متوسطي الذكاء أو محدودي الذكاء، فهم يعملون بشكل مستمر على تغذية عقولهم بالأفكار والأراء ويعزّزونها بالقيم والمبادئ التي ترفع من نسب نجاحهم في جانب أو جوانب محدّدة من الحياة، فالأمر ليس صعباص وهو متاح للجميع، فغذاء العقول مرتبط بالأفكار التي تشكّل مدخلات إلى العقل وكيفية صياغتها بشكل منطقي.