الحاجة إلى الإرشاد النفسي في حالة التغير الاجتماعي

اقرأ في هذا المقال


لماذا نحتاج إلى الإرشاد النفسي في حالة التغير الاجتماعي؟

سميّت المراحل العمرية بذلك لأنها تنتقل بنا من نمط فكري ونفسي ما إلى نمط آخر، وفي كلّ مرحلة من مراحل العمر نتغيّر ليس فكرياً فقط بل وتتغيّر فسيولوجيا الجسم أيضاً والطريقة التي نفكّر من خلالها مع الآخرين وطريقة تواصلنا معهم، ولعلّ التغيرات الاجتماعية من أبزر التغيرات التي تحدث لكّ واحد منّا، وهي مرحلة إجبارية لا يمكن لأحد أن يتخطّاها بسهولة، وخلال هذه المرحلة يمكن للفرد أن يحتاج إلى الإرشاد النفسي.

أبرز متغيرات الحالة الاجتماعية في الإرشاد النفسي:

1. التغير الذي يحدث على الشخصية من حيث طريقة التفكير:

في كلّ مرحلة نمرّ بها تحدث العديد من التغيرات التي قد لا تحدث بضورة طارئة ملاحظة، ولكنّها تحدث بصورة تصاعدية لتصل بنا إلى مرحلة لا يمكننا أن نتملّص من ذلك الواقع، ففي مرحلة ما ننتقل من مجتمعنا الصغير المنحصر في قاعدة تعتمد على الأسرة إلى المدرسة والأصدقاء، وهذا التغيّر الاجتماعي قد لا يستطيع البعض التماشي وفقاً معه، وبالتالي ظهور بعض الاضطرابات النفسية التي قد تؤدي إلى العزلة والوحدة وربّما بعض الصعوبات في الاندماج مع الآخرين، والتي قد تترافق مع الشخص بقية أيام حياته.

هذه التغيرات التي تحدث على الصعيد الاجتماعي تحتاج في كثير من الأحيان إلى المشورة النفسية على صعيد الإرشاد النفسي، وتحتاج إلى خبرة بعض المرشدين النفسيين للتعامل مع التغيرات الاجتماعية ومحاولة دمج الفرد بها، وكذلك هي الحال عندما يقوم أحدنا بالسفر إلى مجتمع وثقافة أخرى، أو عندما ينتقل من جو المدرسة والأسرة إلى أجواء الجامعة، فجميعها من الحالات التي قد تبدو بصورة لا تتوافق مع طبيعة البعض.

2. التغير الذي يحدث على الشخصية من حيث الثقة وطريقة العرض:

في زمان ومكان ما لا يمكننا إلّا أن نثق بكلّ ما هو حولنا وهنا نقصد الأسرة التي تتكوّن من الأبوين والأشقاء، ولكن عندما ينتقل الفرد من أجواء الأسرة إلى أجواء العمل مثلاً تبدأ العديد من الصعوبات في الظهور وعرقلة الطريقة، ولعلّ أبرز هذه الصعوبات تتعلّق بمقدار الثقة بالآخرين وكيفية اكتساب تقديرهم وثقتهم، وهذا الأمر يصدم بكثير من الأمور التي تعلّمها الفرد أثناء تواجده برفقة الأسرة، ليجد أمامه واقع مغاير تماماً للمبادئ والقيم التي اكتسبها على الصعيد الاجتماعي الداخلي.

إنّ من أبرز التحديات التي تحدث على الصعيد الشخصي هي تلك التي تتعلّق بكيفية تقبّل الآخرين، ومدى اكتساب ثقتهم وحبّهم والتآلف معهم، كون الواقع الذي نشأ عليه الكثير منّا لا يشبه الواقع الحقيقي من أجواء عمل ومدرسة وأصدقاء وجامعة، وبالتالي فإنّ الحيرة الاجتماعية وعدم القدرة على اتخذا القرارات تجعل من الفرد فريسة سهلة أمام أولئك الأشخاص الذين لا يديرون وجوههم كثيراً للثقة وللمبادئ والعادات والتقاليد، لتبرز هنا حاجة بعض الأفراد إلى الإرشاد النفسي كوسيلة تقوم بمساعدتهم على الاختيار وكيفية الاندماج مع المجتمع واكتساب ثقة الآخرين، تحريرهم من نظريات المؤامرة والخوف التي أصبحوا من خلالها يعتقدون بأنّ العالم كلّه من حولهم مخادع وغير صادق

3. التغير الذي يحدث على الشخصية من حيث طريقة التواصل مع الآخرين:

تختلف الطريقة التي نتواصل من خلالها مع الآباء والأمهات والأشقاء عن تلك التي نتعامل من خلالها مع دائرة العمل أو زملاء الدراسة، فالمجتمع مليء بالمفاجئات السارة منها وغير السارة، ولا يمكننا أن نعوّل على الطريقة التي نشأنا فيها للتعامل مع مجتمع مغاير تماماً لطريقة التربية الاجتماعية، فهناك العديد من الأسر لا يرقون إلى مستوى التواصل الفاعل مع أبنائه لتهيئته بصورة تتناسب مع واقع المجتمع.

وفي هذه الحالة تكون طريقة التربية والتواصل مع الأسرة تعاكس واقع المجتمع، ليس هذا فقط بل وتضع الفرد في مواجهة مباشرة مع قيم ومبادئ قديمة تعلّمها سابقاً ويعتقد بأنها هي الأصح، ليجد الفرد نفسه خاضعاً للعملية الإرشادية بحثاً عن أفضل الحلول الممكنة التي تساعده على التواصل مع المجتمع وتفادي المفاجئات التي تحدث فيه بصورة حقيقية أو وهمية.

إنّ علم الإرشاد لنفسي هو الحلّ لكثير من التغيرات الاجتماعية والفكرية التي تحدث للفرد على الصعيد الشخصي، ولا يمكن لنا أن نمنح لأنفسنا الكثير من الفرص للاندماج مع المجتمع بأي صورة كانت، فالخبراء النفسيون هم الأكثر قدرة على وضع الخطط والبرامج والأهداف الإرشادية التي تساعد الفرد على تقبّل المجتمع بصورة جيّدة.


شارك المقالة: