يزداد تطور علم النفس منذ 40 عام وخصوصاً علم النفس الإكلينيكي، كانت معظم الفصول مليئة بالنساء، حيث يشكلن نسبة تتراوح بين 60 إلى 70%، مقارنة بالذكور الذين تتراوح نسبتهم بين 30 إلى 40%، على مر السنين شهد العالم تفوّق النساء في عدة مجالات، كما أصبحت الفصول الدراسية في كليات علم النفس مليئة بالإناث، يبدو أنّ مهنة الطبيبة النفسية اختصاص نسوي، فنسبة الإناث اللاواتي يحضرن الدروس والمؤتمرات والندوات أكثر.
لماذا يقبل النساء على دراسة علم النفس؟
- القدرة على ربط الحقائق والعاطفة: يشمل الدماغ الأنثوي على نسبة عالية من الألياف في الجسم الثفني الذي يساهم في تنمية الاتصال بين نصفي الدماغ، هذا يؤدي لفهم أكبر وقدرة على التدخل بالقوة العاطفية، فهو مهم في العلاقة العلاجية مع المريض.
- الدقة والقدرة على ترجمة ما تفكر فيه إلى كلمات: إنّ المخ الأنثوي يتضمن كمية عالية من الخلايا العصبية في المركز الخاص بنطق اللغة في الدماغ، لهذا قامت النساء بوقت مبكر بتطوير إدارة أفضل للثراء اللغوي على عكس الرجال، الذين يمتلكون هرمون التستوستيرون منذ سن المراهقة، تشير التقديرات أنّ المرأة تتحدث حوالي ثمانية آلاف كلمة يومياً مقابل خمسة آلاف بالنسبة للذكور.
- القدرة المرتبطة بالذكريات والذاكرة: يعتبر قرن آمون الذي يوجد في الدماغ البشري مركز التعلم والذاكرة، بالنسبة لدماغ المرأة فتتميز هذه المنطقة ببعض الأبعاد، يشار أنّه من بين القدرات الكثيرة التي يتمتع بها اختصاصي علم النفس الإكلينيكي، كالذاكرة والسجل الشامل للتفاصيل.
- ملاحظة التفاصيل والتواصل غير اللفظي: تمتاز المرأة برؤية محيطية كبيرة تسمح لها بأن تراقب التفاصيل؛ مثل الإيماءات وحركة الجسم، إضافةً إلى جانب السجل التذكاري، تعتبرهذه الميّزة من أهم أدوات قوية للتدخل العلاجي.
- التعاطف والقدرة على وضع نفسها مكان الآخر: بالرّغم من أنّ الخلايا العصبية المرآتية لا تعتبر حكر على المرأة، إلّا أنّها أحد الأسباب التي توضح وجود عدد أكبر من النساء اللواتي يدرسن علم النفس؛ ذلك لأنّ هذه الخلايا العصبية تُدعم بالقدرة على الملاحظة لدى النساء وسجل الذاكرة، كذلك القدرة على تسجيل تفاصيل المواقف والإيماءات والكلام والعناصر التي تخدم العملية عندما يرتبط الأمر بالتعاطف، ممّا يجعل العلاج أكثر نجاحاً.
- القدرة على أداء العديد من الإجراءات في الوقت نفسه: بسبب وجود قدرة كبيرة على الاتصال بين أجزاء الدماغ عن طريق الألياف التي تلتف في الجسم الثفني، فهذا يقوم بالسماح بأداء مهام متعددة في الجلسات العلاجية؛ مثل التفكير والتذكر وتحليل الجلسات والنظر للمواقف والاستماع للقصة في وقت واحد.
- الحماية العاطفية والرعاية: تقوم الغدة النخامية الخلفية بإفراز هرمون الأوكسيتوسين، الذي ينشَّط في حالات الأبوّة والأمومة، مما يجعل من المحترف أكثر رعاية واحتواء، حيث يأتي المريض للعلاج وهو يشعر بالقلق، فلا يتم حل المشكلة فقط، بل تهيئة بيئة تشعره بالحماية والإصغاء.
- الهيستريونية: يقوم التستوستيرون بجعل الرجال أكثر خشونة، فالنساء يمتلكن مستوى عالي من الجماليات والاهتمام ليس فقط بأجسامهنَّ، لكن بمراقبة جسم الآخر في مساحة العلاج، ممّا يجعله يعبر بشكل أكبر، إضافةً إلى الملاحظة الحادة والتحدث بلغة المريض هي تقنية تعزز فعالية التدخلات العلاجية.
- العلاج فضاء حميم: إنّ مزيج الأوكسيتوسين والدوبامين من أنواع النواقل العصبية تعزز الدافع وتنشطه في المواقف التي تشكل تحدي، كما أنذ هذا المزيج يشكل متعة في العلاقة وخاصة عندما يكون هرمون الإستروجين مرتفع، حيث يحضر المرضى للتعبير عن عالمهم الشخصي، كما يعتمد هذا الانفتاح على كيفية بناء تلك المساحة لتحقيق قدر أكبر من الثقة.
- الموقف الفضولي: النساء أكثر فضولاً من الرجال وأكثر انتقادية؛ لأنّ لهنّ عقل يلاحظ الكثير من التفاصيل التي تتضمن عناصر لفظية وغير لفظية، مع الخطابة والبلاغة يجعل ذلك الاختصاصي النفسي أكثر اهتمام بتقديم الآراء وتوضيح الفرضيات حول ما يحدث للمريض، بالتالي الاهتمام الذي يظهره هو دعوة للمريض للتحدث والتعمق بمشكلته.
- بناء الفرضيات: لجميع الأسباب التي ذُكرت، يمكن للمرأة أن تضع فرضيات معقدة حول ما يحدث للمريض، ذلك عند التفكير في التفاصيل والإيماءات والكلمات التي تطورت لذلك، كذلك عند تداخل المواقف الماضية في تاريخ المريض بفضل ذاكرته وتزامنه الذي يسمح بتنفيذ هذه الأعمال في الوقت نفسه.
- الثقة: تعتبر الثقة آخر الأسباب التي تفسر حقيقة أنّه يوجد مزيداً من النساء اللاواتي يدرسن علم النفس وترتبط بالأوكسيتوسين والسيروتونين، لأنهما يجعلان الشخصية المهنية موثوقة، فإذا قمنا بتوسيع هذا التحليل ليشمل المتغيرات العاطفية والإدراكية والاجتماعية، سنلاحظ الخصائص الأخرى التي تعزز ما سبقت الإشارة إليه، من المهم توضيح أن هذه الأوصاف عامة ونسبية، لكنّها تمثل دليل يشرح خبرة النساء في العلاج النفسي.