لماذا يهتم الإسلام بالطفل

اقرأ في هذا المقال


يؤكد ويوضح الإسلام على أهمية الأطفال ورعايتهم، فهذه عملية إعداد الأجيال القادمة؛ فالإسلام لم يترك شيئاً دون وضع شرعي وأخلاقي وإنساني وروحي وقواعد التي تكمل صرح الإنسان، والإنسان هو خليفة الله تعالى على الأرض، والأطفال هم عطايا وجوائز من الله تعالى؛ وهم أمانة في عهد الآباء، لذلك يجب أن يعتنى بهم ويحافظ عليهم بتنفيذ تعاليم الإسلام، واتباع ما جاء في القرآن الكريم بالعناية بهم.

لماذا يهتم الإسلام بالطفل

لقد هدى الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم الآباء والمربين على أهمية رعاية الأطفال في حديثه النبوي، حيث قال صلى الله عليه وسلم: “كلُّكم راعٍ وكلُّكم مسؤولٌ عن رعيتِهِ فالأميرُ الذي على الناسِ راعٍ عليهم وهو مسؤولٌ عنهم والرجلُ راعٍ على أهلِ بيتِهِ وهو مسؤولٌ عنهم والمرأةُ راعيةٌ على بيتِ بعلها وولدِهِ وهي مسؤولةٌ عنهم وعبدُ الرجلِ راعٍ على بيتِ سيدِهِ وهو مسؤولٌ عنهُ ألا فكلُّكم راعٍ وكلُّكم مسؤولٌ عن رعيتِه”، متفق عليه.

إذا شوهد الطفل يفتقر إلى الرعاية أو الاهتمام، فإن المسؤولية عن هذا الإغفال تقع على عاتق أكتاف والديه وأسرته ومجتمعه، يحض الدين الإسلامي على حسن تربية الطفل ورعايته وعنايته ورعايته، وإبعادهم عن كل ما قد يضر بصحتهم أو تعرضهم لظروف النفسية والاجتماعية، ليتمكنوا الأبناء أن ينمو بطريقة سليمة ليصبحوا مواطنين صالحين لديه شعور بالانتماء إلى الدين الإسلامي الحنيف.

كما وضع الإسلام قواعد تضمن حقوق الطفل المشروعة في الأسرة والمجتمع، وبين رفاق اللعب، يقول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم: “أكرموا أولادكم وأحسنوا أدبهم”، سنن ابن ماجد، ومنحهم أسماء طيبة، ومعاملتهم بالرفق واللطف، كما يقول صلى الله عليه وسلم : “ليس منا من لم يرحمْ صغيرَنا، ويُوَقِّرْ كبيرَنا”، الحديث صحيح.

تكريم الأبناء لا يمكن أن يتحقق إلا من خلال العطاء لهم تربية شريفة، من خلال تعليمهم أصول العلم والأخلاق؛ من خلال إبعادهم عن كل الأعمال الآثمة، وجميع أشكال العنف والتمييز الذي يؤثر سلبًا على سلوكهم داخل المجتمع ويحولهم عن طريق مستقيم.

وحثّ الإسلام أيضًا لحماية الأطفال بذل كل ما في وسع الآباء لمساعدتهم على النمو في بيئة صحية ونظيفة وخالية من الأمراض والتلوث، توفر النظافة الشخصية للأطفال على صحتهم البدنية التي تجعلهم أصحاء وأقوياء، وجعلهم الأفراد القادرين على تلقي التعلم واكتساب المعرفة.

لذلك يجب على الجميع يتحدون في الجهود من أجل أن يقدموا للأطفال كل ما هو جيد ونافع مع مراعاة أوامر الله تعالى في الكتاب الكريم، حيث يقول: “وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ”، المائدة، 2، ويترتب على ذلك أن كل من ينتهك حقًا من حقوق الأطفال، وهم رجال ونساء الغد، وأمل كل أمة كقادة لها في المستقبل، يعصون الله تعالى، ويخالفون الشريعة السامية.

أهمية الطفل في الشريعة الإسلامية

الإسلام في تشريعاته وقوانينه الفقهية يولي الأطفال ومرحلة الطفولة، يمكن القول أن موضوع الطفولة هو أحد الموضوعات الرئيسية ومن أهداف التشريع الإسلامي، يتفق الفقهاء والعلماء في الإسلام على أن الشريعة الإسلامية تهدف إلى ضمان حقوق الأطفال.

ومن حقوق الأطفال الحفاظ على الإيمان لديهم، يعبر علماء التربية في الإسلام عن أهمية هذا الهدف السامي، عندما يتم تقويض الحقوق، قد تتعرض حياة الأطفال للخطر وقد تصبح فوضوية، وبالتالي سيعاني المجتمع البشري خسارة على مستويين: المدى القصير في هذه الحياة والمدى البعيد في الآخرة.

وإن موضوع الطفولة هو صميم الهدف الأول وهو حماية الأطفال وتحصينهم من الأخطار، يقدم الإسلام حول هذا الموضوع قوانين وفيرة ودقيقة تكاد تكون معدومة في الديانات أو النظم الاجتماعية الأخرى، ويكفي أن نشير إلى التشريع الصارم الذي يتعامل مع الطفل منذ البداية أيام التنشئة في بطن الأم حتى بلوغه سن البلوغ.

واهتم الإسلام بالمراحل المختلفة بحياة الطفل من الحمل، الولادة، الرضاعة الطبيعية، الفطام، المرح، والانضباط والتعليم، والود والرفقة، وأخيرا الاستقلال والاعتماد على الذات، من خلال هذه المراحل يتم رعاية الطفل من خلال القواعد والقوانين والمبادئ التوجيهية التي يتشكل منها فقه الطفولة، وهذا يشمل تربية الطفل والحقوق التي يحتاج الآباء والأسرة والمجتمع إلى حمايتها.

والإسلام يولي اهتماماً خاصاً للمساواة بين المواليد من الذكور والإناث، يحظر التمييز بين الأطفال عندما يتعلق الأمر بالعناية والاهتمام، أو بمنحهم الهدايا أو المنح أو الجوائز، المكونان الأساسيان اللذان يتكون منهما شخصية الطفل المسلم هما: عقله وضميره، يجب أن يخضع الطفل لعاملين إرشاديين لا غنى عنهما موجودان في جميع الأنظمة الإسلامية.

والعامل الأول يتعلق بحقيقة أن المسلم، سواء كان مراهقًا أو طفلًا أو عجوزا يحكمه مبدأ الحلال والحرام، وهذا ما يعلّمه علماء أصول الفقه على أنه خمسة أحكام تتعلق بالأهلية القانونية، أما العامل الثاني فيتعلق بكون حياة المسلم مهما كان عمره يحكمها نظام شامل يسمى للأخلاق.

وهذا النظام لا يسمح بتعدي الطفل، تحت أي مسمى من مسميات الحرية أو الحقوق الشخصية، أو أن ينجذب نحو أي شكل من أشكال الشذوذ، بينما توجد بعض الأنظمة التربوية التي تسهل فتح الأبواب للأطفال للانغماس في مثل هذه الأنشطة بحجة الحرية والإسلام يعارض الانحرافات ويعتبر أنها انحرافات وأمراض وعلل يجب مقاومتها ومن خلالها يجب حماية جيل الشباب من الوقوع فيها.

حقوق الطفل في الإسلام

الإسلام يدعو إلى تطبيق هذه التشريعات والقواعد في تربية الأطفال ورعايتهم، منذ أن يكونوا في أرحام أمهاتهم حتى بلوغهم سن الرشد، وأن يكونوا قادرين على تحمل المسؤوليات الفردية والجماعية التي تلقى على عاتقهم.

وهناك العديد من الحقوق للأبناء، من أهم هذه الحقوق في الإسلام، ما يلي:

1- حق الطفل في بداية صحية في الحياة.

2- حق الطفل في الأسرة والنسب والاسم والملكية والإرث.

3- حق الطفل في الرعاية الصحية والتغذية السليمة.

4- حق الطفل في التعليم واكتساب المهارات.

5- حق الطفل في أن يعيش حياة كريمة وآمنة.

6- حق الطفل في أن يلعب المجتمع والدولة دورًا في دعمه وحماية حقوقه.

وينظر الإسلام إلى الطفولة بأمل وإلهام، على أنها شيء يتطلع إليه الوالدان، يسعيان إلى تحقيقه، وعندما يرزقان بطفل يتحقق الأمل الذي طال انتظاره، ويحصدان الثمار التي هي سعادة الروح ونعيم القلب وبهجة الصدر، فالنسل هبة وعطاء من الله تعالى إلى عباده المخلصين.

وهو إحدى الهبات من التي منحها لهم الجبار العظيم وهو تحقيق للأمل الذي يشتاق إليه عباد الله المؤمنون المخلصون، قال تعالى: “لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ * أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ”، الشورى، 49، 50.

لذا يجب على المسلم شكر الله تعالى على هذه النعمة وتدافع الشريعة الإسلامية عن حقوق الطفل، وتدعو إلى الاهتمام بتأمين احتياجات الطفل، وضمان كافة حقوقه وتهيئة بيئة مناسبة لنمو الطفل وتربيته في مناخ نفسي صحي هذا المناخ، حيث يتعلم الطفل ويطبق هذه القواعد.

وفي النهاية فإن الشريعة الإسلامية رائدة في تقديم كل ما يحتاجه من حقوق ومتطلبات في كل مراحل حياته منذ الولادة إلى مرحلة الشيخوخة هذا الاهتمام يؤدي إلى تحلي الطفل بالأخلاق والإيمان، وإلى نشوء جيل قوي ملتزم قادر على القيام بواجباته في هذه الحياة.


شارك المقالة: