يقدّر بعض العلماء أنّ ثلث التواصل بين البشر يكون شفهياً منطوقاً بكلمات فيما بينهم، وأنّه بتجاهلنا للغة الجسد كما يعتقد البعض، فإننا نفقد حوالي ثلثي ما يُقال لنا في موقف ما، وكلّ ذلك لن يهمّ كثيراً إن كانت الكلمات المنطوقة من الشخص وإيماءاته تتفق مع بعضها البعض بشكل تكاملي متناسق، ولكن ماذا سيحدث إن كانت الرسالة الشفهية المنطقوقة تتعارض لغة الجسد معها؟.
هل لغة الجسد مكملة لمعنى اللغة المنطوقة أم تتعارض معها؟
من الواضح أنّ الحيوانات لا يمكنها التحدّث، فهي تعتمد بشكل كامل تقريباً على قراءة وتفسير أفعال ولغة جسد الضواري أو الفرائس حتّى تبقى على قيد الحياة، أمّا البشر فعلى النقيض فهم يعتقدون أنّ عملية التواصل بأكملها تقريباً تكون شفهيّة، ولكن على العكس من الحيوانات، يستخدم البشر نوعين من أنواع التواصل خلال أي تعامل فيما بينهم، فنحن نقوم على تحريك جسدنا ونحن نتكلّم عادةً دون أن نفكّر في ذلك أصلاً، وعادةً ما تبيّن هذه الحركات المعنى الحقيقي وراء الرسالة المنطوقة، فعندما تتعارض الرسالة المنطوقة مع لغة الجسد أو العكس سيكون من الطبيعي أن نشكّ في صحّة كلام أو لغة جسد الشخص المقابل لنا، لأنّها لم تتوافق أبداً.
تناقض الكلام يكشف خبايا لغة الجسد:
هناك من يتحدّث بلغة وجسده يتحدّث بلغة أخرى بشكل متناقض تماماً، فماذا لو أنّ أحدهم يقول لنا كلاماً معسولاً، ولكنه يتجنّب التواصل البصري معنا، وماذا لو أنّ المحاسب المالي يخبرنا أن مشروعنا سينجح وهو يقوم بالنقر بقدميه تحت المكتب، وماذا لو أنّ صديقنا في العمل يقوم على مناداتنا بكلمة”صديقي”، ولكنّه يصافحنا دائماً بطريقة مسيطرة موجّهاً راحة يده نحو الأسفل في إتجاهنا؟.
ربّما نفكّر أنّ مثل هذه التصرفات لا تعني شيئاً بحدّ ذاتها، وأنّ علينا أن نستمع إلى المزيد من المحادثات وملاحظة المزيد من دلالات لغة الجسد حتّى نستطيع أن نقرّر، ولكنّنا أغفلنا لتوّنا بعض إشارات لغة الجسد التقليدية الدالة على السلوك البشري، من خلال ملاحظة هذه الإشارات كعلامة تحذيرية، إذ يمكننا أن نجنّب أنفسنا الكثير من الحزن والقلق على المدى البعيد، ولا نعني هنا أن نتخذ إجراءاً فورياً بأن نقطع علاقتنا مع الشخص الذي لا يتناسب كلامه المعسول مع نظراته، أو أن نقوم بالتوقف عن مشروعنا لمجرّد الشكّ في حركات أرجل الموظف، أو أن نعتبر الشخص الذي يصافحنا بفوقية عدو، ولكن علينا أن نتلقّى هذا التحذير على محمل الجدّ وأن نراقب باقي دلالات لغة الجسد حتى يثبت العكس.