نهاية العملية الإرشادية:
من غير المنطقي أن يتعامل المرشدون النفسيون مع جميع الأشخاص الذين يخضعون للعملية الإرشادية بصورة متساوية، فالأساليب الإرشادية تختلف باختلاف العمر والثقافة ونوع المشكلة ومدى تأثيرها على المسترشد نفسه وعلى الأخرين، وبالتالي الخطّة الاستراتيجية المستخدمة لعلاجها، وعليه فإنّ طريقة إنهاء العملية الإرشادية تعتمد على عدد من المتغيرات التي لا بدّ وأن يكون المرشد النفسي البارع مدركاً لها بصورة جديرة.
أبرز المتغيرات التي تؤثر على نهاية العملية الإرشادية:
1. نوع المشكلة وحدتها:
لا يتعامل المرشدون النفسيون مع جميع المشكلات الإرشادية بصورة واحدة، فهناك مشكلات إرشادية لا تحتاج سوى جلسة إرشادية واحدة، أو جلسة توجيهية أو جلسة تشاورية بتم من خلالها معالجة موضوع ما ليس بالخطير وتوجيه المسترشد نحو الحل الأكثر مثالية، ولكن في حالة المشكلات الإرشادية الأكثر شمولاً وتأثيراً على شخصية المسترشد وعلى المجتمع المحيط به يتمّ اتخاذ خطط استراتيجية إرشادية مثالية وذات فاعلية كبيرة، وتحتاج عادة هذه الخطط إلى أوقات طويلة قد تصل إلى العام وربّما أكثر، ومن خلال هذه الجلسات بتمّ معالجة العديد من الجوانب الإرشادية التي يعاني منها المسترشد بصورة مباشرة وغير مباشرة.
2. تجاوب المسترشد للعملية الإرشادية:
يعتبر هذا المؤثر من أبرز المؤثرات التي تساعد على إنهاء أو استمرار العملية الإرشادية، حيث تعتمد العملية الإرشادية برمّتها على مدى تجاوب المسترشد مع إجراءات وقواعد العملية الإرشادية، ومدى تجاوبه مع إجراءات الإرشاد النفسي بصورة عامة وتفهّمه لها، حيث أنّ تجاوب المسترشد للعملية الإرشادية يساعد على إنهاء المهمة الإرشادية بصورة سريعة جداً، ولكن في حالة عدم الاستجابة وعدم القدرة على اكتساب الثقة سيكون الأمر أكثر صعوبة وتعقيداً، وقد يضطر المرشد وقتها إلى استخدام عدّة استراتيجيات إرشادية، وربّما الحاجة إلى مرشد آخر لعدم القدرة في توافق طرفي العملية الإرشادية.
يعتبر تجاوب المسترشد للعملية الإرشادية مؤشراً هاماً على سهولة إيجاد العديد من الحلول والقدرة على إنهاء العملية الإرشادية بصورة سريعة، وهذا الأمر عادة ما يتوقّف على مقدار القناعة والثقة التي وصل إليها المسترشد ومدى قابليته في الإدلاء بكافة المعلومات التي لديه حول العملية الإرشادية، فإن استطاع ان يمنح المرشد النفسي الثقة اللازمة سيبدأ وقتها العدّ العكسي لمرحلة إنهاء المشكلة الإرشادية بصورة عامة، وإلا فإنّ المشكلة الإرشادية ستكون ذات جلسات واختبارات طويلة، وإن لم تتحقق الرغبة والغاية والتجاوب فلن يتم تحقيق أي تقدّم في سير العملية الإرشادية.
3. طبيعة المرشد:
إنّ تحقيق الأهداف الإرشادية التي وضعها منذ بداية خضوع المسترشد للعملية الإرشادية تعتمد بصورة كبيرة على طبيعة المسترشد، حيث أن الإرشاد النفسي بصورة عامة يقوم عليها أشخاص أكفّاء قادرين على تقديم أفضل الخدمات الإرشادية، إلّا أنّ بعضم لا يحالفه الحظ ولا يتمكّن من السير في خطوات العملية الإرشادية بصورة دقيقة تتناسب ومبادئ علم الإرشاد النفسي، أو يخرج عن النص من خلال بناء علاقات عاطفية أو شخصية تتنافى وقيم الإرشادي النفسي، وبالتالي الخروج عن النص والوقوع بأخطاء كثيرة وعدم قدرة المرشد في ضبط العملية الإرشادية، أو القدرة علت فرض شخصيته ورأيه على المسترشد، مما يزيد من وقت وجهد العملية الإرشادية دون الوصول إلى النتائج المطلوبة بصورة صحيحة.
إنّ العملية الإرشادية بصورة عامة تقوم على مرشدين ذوي خبرة وماهرين في العمل الإرشادي، وخاضوا العديد من التجارب والمهارات الإرشادية التي من شأنها أن تقودهم إلى ضبط العملية الإرشادية وفق الأسس الصحيحة، وعدم الذود عن الطريق الصحيح، فالمرشد هو السبيل الصحيح لتصويب المشكلات التي يعاني منها المسترشدين وتوجيههم نحو الثقة بالنفس والقدرة على إدارة الذات والاندماج مع البيئة المحيطة بصورة مقبولة، والمرشد الجيّد هو المرشد الذي يتمكّن من معاجلة المشكلة الإرشادية بوقت قياسي منطقي بعيداً عن الضعف أو العجز او عدم القدرة على إدارة الغير.
4. الأسلوب الإرشادي:
يعتبر الأسلوب الإرشادي من أبزر المتغيرات المعنيّة بتوفير البيئة المناسبة للمسترشد لتحقيق الهدف الإرشادي بصورة صحيحة، وهذا الأمر من شأنه أن يقوم المرشد الجيّد بتهيئة جو إرشادي يتناسب وطبيعة العملية الإرشادية، وبالتالي القدرة على الوصول إلى حلول إرشادية تتناسب وطبيعة المشكلة وشخص المسترشد ذاته، حيث أنّ إنهاء العملية الإرشادية يعتمد على هذه المتغيرات الأربعة التي لا بدّ وأن تتكيف مع طبيعة العملية الإرشادية لتكون ناجحة وتحقق ما هو مطلوب في نهاية المطاف.