ما أبرز معايير العملية الإرشادية؟

اقرأ في هذا المقال


ما أبرز معايير العملية الإرشادية؟

لكلّ عملية إرشادية مجموعة من المعايير والتي يستوجب الالتزام بها لتكون العملية الإرشادية مكتملة الأطراف، وهذا الأمر يجعل من عملية الإرشاد عملية متقنة بعيداً عن الأفكار الأحادية والاهواء والنتائج العشوائية، ولا بدّ للمرشد على وجه الخصوص أن يكون مدركاً لهذه المعايير وأن يعمل على تنفيذها أثناء القيام بالعملية الإرشادية؛ ليلتزم بها المسترشدون بصورة أكثر.

المعايير الاجتماعية في العملية الإرشادية:

تتعلّق هذه المعايير بعدد من الضوابط التي تتعلّق بثقافة المجتمع عاداته وتقاليده، بحيث يتكمن المرشد من تطبيق قواعد العملية الإرشادية ضمن الأطر المتفق عليها في المجتمع بعيداً عن الثقافات الغريبة غير المألوفة، بحيث تكون معتادة ومطبّقة بصورة دائمة في المجتمعات، ليتمكن المسترشد من تقبّلها بصورة إيجابية ومنطقية بعداً عن الاستهجان والتكلّف، وهذا الأمر يجعل من الأطر المسلكية تتدرّج في اتجاهات مرغوبة ضمن قواعد المجتمعات التي يعيش فيها الفرد وبصورة معتادة، بحيث يصبح التفاعل الاجتماعي أولوية لا يمكن الاستغناء عنها أو استثناءها، بحيث يتغير السلوك والطبع العام وفقاً لنظرة المجتمع التي اعتاد عليها معظم الأشخاص أسوياء التفكير.

الأدوار الاجتماعية في العملية الإرشادية:

هذا المعيار يعطي كلّ شخص المقام والقيمة التي يجب أن يكون عليها بعيداً عن الاستعلاء أو التراجع الفكري النفسي، بحيث يضع الطالب في مكانه المعتاد وهو المدرسة والمنزل، ويضع الموظف في المكانة التي يستحق أن يكون فيها، وكلّ شخص ضمن الأطر التي تسمح له البقاء بصورة متوازنة في المجتمع، بما يضمن له التواصل المجتمعي بصورة منطقية معتادة بعيداً عن التعقيدات اللامنطقية التي تصنع الحواجز الفكرية النفسية التي تستوجب العلاج والحلول.

الجماعة المرجعية في العملية الإرشادية:

وهنا تكمن معظم المشكلات التي تحتاج إلى عملية الإرشاد النفسي، حيث أنّ لكلّ واحد منا ثقل مرجعي ثابت لا يمكن الاستغناء عنه أو تجاهله او تحديه بأي صورة كانت، وإن حدث هذا الأمر وظهرت المشكلات تبدأ الصورة الفكرية النفسية بالتغيّر بصورة سلبية كبيرة، حيث أنّه يترتب على المسترشد أن يدرك أنّ له مرجع ثابت لا يمكن أن يتغيّر وعليه أن يحلّ مشاكله وعقباته بناء عليه بدءً من الأسرة والمدرسة والأصدقاء وثقافة المجتمع بصورة عامة.

القيم الثابتة في العملية الإرشادية:

تعتبر منظومة القيم من المعايير الثابتة التي لا يمكن التلاعب بها، وتعتبر القيم علامة من علامات الجودة التي تؤثر على طبيعة الشخصية ومكنونات النفس الثابتة والمتحركة، وهذا الأمر يجعل من العملية الإرشادية عملية متعلّقة تماماً بالقيم بل وتحافظ عليها وتدافع عنها بأفضل الصورة الممكنة، ويمكن توزيع القيم إلى قيم عامة تتعلّق بالأخلاقيات والأشياء التي يتصف بها المجتمع بصورة عامة، والقيم الخاصة التي يتصف بها الفرد ويمتاز بها، ولا بدّ لنا أن نعرف إن كانت هذه القيم ثابتة أصيلة أم متغيّرة بتغيّر ظروف الزمان والمكان وطبيعة الأشخاص، وأن يتم التعامل مع القيم وكأنها ثوابت أصيلة تنمو ولا تتراجع أو تتلاشى مع مرور الوقت أو ظهور المستجدات أو المغريات الحياتية الفانية.

التفاعل الاجتماعي في العملية الإرشادية:

في كلّ عملية يتمّ من خلالها الإرشاد النفسي لا بدّ من التفاعل المجتمعي مع أعضاء المجموعة الإرشادية بصورة خاصة ومع المجتمع المحيط بصورة عامة، إنّ معظم المشكلات النفسية التي تمرّ بنا لها علاقة وثيقة بقدرتنا على التفاعل الاجتماعي الإيجابي مع المجتمع المحيط بنا، وهذا الأمر يجعل من ظروفنا النفسية وقدراتنا العقلية محدودة وذات أفكار غريبة تتعارض مع الواقع الاجتماعي بصورة تستوجب اللجوء إلى العملية الإرشادية.

إنّ عملية تعديل السلوك التي هي تاج العملية الإرشادية تستوجب اللجوء إلى حلول متعلّقة بالتفاعل المجتمعي والقدرة على قبول الآخر، وهذا الأمر من شانه أن يعالج العديد من المشكلات النفسية التي تبحث عن الذات وكيفية التحقّق من الهوية غير واضحة المعالم، فنحن في طبيعتنا البشرية لا يمكننا أن نعيش بمنأى عن المجتمع الذي وجدنا فيه بصورة توافقية منسجمة مع الواقع، فالجزء المتسلسل من المجتمعات يجعل من الأشخاص الذين يخرجون عن نطاق المجتمع أشخاص معروفون.

وتبدأ مظاهر الحاجة إلى تعديلات السلوك جليّة من خلال تصرفاتهم التي لا بدّ وأن تخضع إلى عملية الإرشاد النفسي، وإن كان العديد من أبناء المجتمع يرفضون عمليات الإرشاد النفسي إلّا أن المجتمعات والثقافات الحديثة أصبحت تضع في اعتبارها أن الإرشاد النفسي طريقة جيدة للانخراط في المجتمع.


شارك المقالة: