يتطلب الأمر شخصًا مميزًا ليصبح معلمًا منتسوريًا، وتؤكد طريقة التدريس هذه على قدرة التعلم المتزايدة للأطفال عندما يُسمح لهم باتخاذ خياراتهم بأنفسهم، وتم تطويره من قبل الدكتورة ماريا منتسوري في أوائل القرن العشرين لتحسين تعليم الأطفال من خلال مساعدتهم على مساعدة أنفسهم.
ما الذي يجعل معلم منتسوري متميز
يدور تدريب معلمي منتسوري اليوم حول استيعاب هذه الطريقة في توجيه العقول الشابة، وهناك خمس خصائص يجب على الآباء البحث عنها في المعلمين عند اختيار مدرسة منتسوري لأطفالهم:
1- تقديم مجموعات المثال والتقليد
يحب الأطفال تقليد ما يرونه ويسمعونه حيث إنه جزء من عملية التعلم، ويقود معلمو منتسوري القدوة، مما يسهل على الأطفال فهم كيفية عمل الأشياء، وهؤلاء المعلمون هم نماذج يحتذى بها باستمرار، ويقدمون مثالًا رائعًا للطلاب في السلوك والتواصل والنظام.
والطريقة الأساسية التي يصبح بها معلم منتسوري قدوة هي معاملة جميع الأطفال باحترام جدي كأفراد، حيث يدرك مدرس منتسوري أن الفضول المتفشي هو قوة خارقة لدى الطفل، من خلال تسخير هذه القوة بشكل مدروس من خلال الاستماع التعاطفي والملاحظة الشديدة، يمكن للمعلم توجيه هذا الفضول بشكل أكثر فاعلية إلى المسارات الإنتاجية.
وهكذا يتعلم الأطفال أن فضولهم أمر حيوي ومحترم وجزء مهم من ذواتهم المتنامية، ويتعلمون أيضًا أن المعلمين يهتمون باهتماماتهم ويمكنهم تعليمهم أشياء ممتعة ورائعة، وفي أحد الفصول الدراسية في منتسوري هذه هي الطريقة التي تنمو بها الثقة والاحترام المتبادلان.
2- تقديم الملاحظات بعناية في منتسوري
يستخدم مدرس منتسوري تقنيات مختلفة تمامًا عما قد يتم استخدامه في الفصل الدراسي التقليدي، وفي أحد الفصول الدراسية في منتسوري لا توجد صفوف من المقاعد تواجه السبورة، ونادرًا ما يقف مدرس منتسوري ويحاضر لفترات طويلة، وفي الواقع تضع فلسفة منتسوري معالم أكاديمية لتقدم الطفل.
ولكن التدريس نفسه لا يتم من أعلى إلى أسفل من خلال اختبارات متعددة، واختبار ودروس تدوين الملاحظات، ولكن من خلال المزيد من الدروس العضوية من أسفل إلى أعلى الفلسفة، حيث أخذ تلميحات من الأطفال أنفسهم لتوجيه التعليمات الفردية.
وأحد أساسيات طريقة التدريس في منتسوري هو أن الأطفال يتقدمون في وتيرتهم الخاصة، حيث يمكن للمراقبين الجيدين توجيه الطلاب في الاتجاه الصحيح باستخدام المواد المناسبة، ويمكنهم أيضًا الشعور بشكل أكثر وضوحًا عندما يكون الأطفال مستعدين لإتقان إحدى المهارات والانتقال إلى المستوى التالي.
وتُعَد القدرة على المراقبة والإرشاد بعناية بدلاً من مجرد الانضباط وتحمل المسؤولية فرقًا مهمًا بين الفصل الدراسي في منتسوري ومدرسة ما قبل المدرسة التقليدية أو الرعاية النهارية.
3- جعل هناك رابط بين الأطفال وموادهم التعليمية في منتسوري
في مدرسة منتسوري حتى الألعاب مختلفة، وقد تبدو هذه الألعاب المصممة بحكمة والملونة والملفتة للنظر مثل ألعاب بسيطة للمراقب العادي والطفل، ولكن تم تصميم كل واحدة لغرض التعلم، ويمكن تعليق الخرزات الذهبية الجميلة على الأسلاك لتوجيه الأطفال الأكبر سنًا إلى فهم النظام العشري، والمكعبات والمنشورات الملونة تعلم الشكل البصري والتمييز اللوني.
ويسمح إطار الزر للطفل بالتركيز على المهارات الحركية الصغيرة، كمكافأة، ويمكن للطفل الدارج أن يرى على الفور ما إذا كانت الأزرار قد تم إجراؤها بشكل غير صحيح، وحتى يتمكن من الحصول على الاستقلال عن طريق إصلاحها بنفسه.
ويتم تعليم المعلمين أثناء تدريب معلمي منتسوري أن دورهم الأساسي هو أن يصبحوا همزة وصل بين الأطفال وموادهم التعليمية، حيث يقوم المعلمون بإجراء عروض تقديمية للطلاب مما يخلق اتصالًا بين الفضول وتفاعل الأطفال، ويجب على الآباء الذين يفكرون في اختيار مدرسة منتسوري أن يبحثوا عن معلمين يمكنهم التواصل بشكل جيد مع الأطفال وحيث يمكن للطفل الوصول بسهولة إلى جميع مواد الفصل.
4- النجاح بالاكتشافات الجديدة في منتسوري
الأشخاص الذين يحبون التعلم ينجحون في الاكتشافات الجديدة، فالمعلمون الذين يعلمون الأطفال بشكل فعال الاستمتاع بعملية التعلم مستعدون أيضًا لتعلم أشياء جديدة، ويمكن للأطفال والمعلمين التعلم من بعضهم البعض في بيئة منتسوري، وكانت مؤسِّسة طريقة التدريس هذه (الدكتورة ماريا منتسوري) متعلمة شغوفة عززت قاعدة معارفها ودراساتها أثناء عملها مع مجموعة واسعة من الأطفال.
ولا يتعلم معلمو منتسوري من طلابهم فحسب، بل إنهم يشاركون أيضًا في النمو المهني المستمر، وفي الواقع تتطلب جمعية منتسوري الأمريكية أن يأخذ المعلمون المعتمدون من ثلاثين إلى خمسين ساعة من التعليم المستمر كل ثلاث إلى خمس سنوات، اعتمادًا على وقت إصدار الشهادة، من أجل الاستمرار في الاحتفاظ بأوراق الاعتماد.
وتتراوح الموضوعات التي يتم تناولها من المناهج الدراسية وتنمية الطفل وإدارة الفصل والقضايا الاجتماعية أو العاطفية، والتعليم الخاص إلى التدريب التقني والسياسة التعليمية، وتجعل هذه المتطلبات معلمي منتسوري فضوليين ومشاركين وفي طليعة مهنتهم.
5- التعلم من الأخطاء في منهج منتسوري
إذا كان المرء قد تخرج من مدرسة ثانوية أو كلية مؤخرًا، فربما يكون قد لاحظ أن موضوع العديد من خطابات البدء يركز على أهمية قبول الفشل، ويدرك المحترفون في أعلى مجالاتهم أن ارتكاب الأخطاء أمر مفروغ منه وأن الفشل أمر لا مفر منه، فكيف يتفاعل الشخص مع الفشل فهو السمة المميزة لبعض الأشخاص الأكثر إنتاجية وإلهامًا، الذين تغلبوا على الصعاب الكبيرة من خلال عدم ترك الفشل يثبطهم.
وتدور فلسفة منتسوري حول تشجيع الأطفال على عدم إحباطهم من الأخطاء، ولكن بدلاً من ذلك يتم تحفيزهم على تصحيحهم بأنفسهم، مع توجيه لطيف من المعلمين.
ومن المهم توجيه الأطفال لفهم أن الأخطاء تحدث وأن الأخطاء يمكن أن تكون أدوات تعليمية، ويمارس المعلمون المدربون على منتسوري ما يعلمونه، ويمكن أن يساعد التعلم من الأخطاء في تحسين تجربة الأطفال في الفصل الدراسي.
6- تقبل التدريب الخاص لمدرس منهج منتسوري
بصرف النظر عن الخصائص الخاصة لكونه مدرسًا بمنتسوري، يجب على هؤلاء المعلمين أيضًا إكمال درجة البكالوريوس على الأقل قبل متابعة تدريب منتسوري، وتختلف المتطلبات المهنية ليكون مدرسًا في كل دولة ويمكن أن تختلف وفقًا للفئة العمرية التي يتم تدريسها.
فالأشخاص الحاصلون على درجة جامعية مؤهلون للحصول على برنامج تعليمي معتمد من منتسوري يمكن أن يستغرق إما سنة واحدة أو فصلين متتاليين لإكماله، ومطلوب أيضًا تدريب تدريسي لمدة عام قبل أن يتم اعتبار المعلم في مدرسة منتسوري.
7- تشجيع المبادرة والاستقلال والاعتماد على الذات في منتسوري
تعليم منتسوري يشجع الاعتماد على الذات لدى الأطفال منذ سن مبكرة للغاية من خلال تدريب المعلمين ليكونوا مرشدين في رحلة كل طفل إلى النجاح الأكاديمي، ويعرف مدرس منتسوري متى يتدخل ويظهر ومتى يتراجع ويسمح للطفل بالتعلم من أخطائه، فالطفل الذي يتعلم من خلال التجربة والخطأ والتوجيه اللطيف يعرف كيفية الضغط، وربط الأزرار وربط العقدة، وسوف يرتدي ملابسه بنفسه قريبًا، ويكون فخورًا بما تعلمه.
وهذا التركيز على التعلم من خلال التجربة والخطأ وأخذ الأخطاء بخطى كبيرة له عواقب تشبه أحجار الدومينو، فالاعتزاز بالنجاحات الشخصية يولد الثقة، والثقة تولد الجرأة والاستقلالية، والاستقلال يؤدي إلى الاعتماد على الذات، وهذه الصفات يصعب تعليمها بأي طريقة أخرى غير التجربة والخطأ بيد المرء، كما إنها صفات شخصية ستساعد الأطفال بغض النظر عما يختارونه في العالم.
8- تشجيع الإبداع في منتسوري
عندما يكون الطفل متحمسًا لشيء ما، فإنه لا يحتاج إلى إزعاج أو دفع أو توتر لمعرفة المزيد عنه، فالإبداع هو محرك الابتكار، حيث يحافظ معلمو منتسوري على أساس الملاحظة الحادة وحفظ السجلات اليومية، وعلى خطط وأهداف تعليمية متخصصة وفردية لكل طفل في الفصل الدراسي.
وتساعد هذه الخطط على تحريك الأطفال نحو معالم أكاديمية واجتماعية وتنموية جديدة، لكن مدرس منتسوري لا يجبر الطفل على تحقيق تلك المعالم، بدلاً من ذلك يستخدم هو أو هي فضول الطفل وإبداعه الفطري اللامحدود كوقود لدفع الطالب إلى ما بعد تلك المعالم.
ومرة أخرى عندما كانت فلسفة منتسوري لا تزال قيد التطوير منذ أكثر من قرن، كانت أساليب ماريا منتسوري بمثابة تغيير جذري عن الأشكال القياسية للتعليم في ذلك الوقت، لكن فلسفة ماريا منتسوري لم تكن نظرية، بل فلسفة تطورت من سنوات من الملاحظة التجريبية للطلاب في الفصل، وتعتبر الآن طريقة مجربة وحقيقية لتعليم الطفولة وانتشرت مدارس منتسوري في جميع أنحاء العالم.
وفي الخاتمة تشير ماريا منتسوري إلى أن معلميها هم الورثة الحقيقيون لها حيث يستمرون في التعلم على أساس يومي للأفراح والتحديات والمغامرات الجديدة التي يجلبها طلابهم إلى الفصل الدراسي لذا فهم متميزون.
