اقرأ في هذا المقال
من خلال تحليل مسألة القدر وجد أن هناك جانبان لا يمكن لنا إغفال أحدهما عن الآخر، أما الجانب الأول فهو الجانب الذي يمكننا صناعته والتحكّم فيه في مسألة الحظ السعيد، وأما الجانب الثاني فهو دور القدر والتأثير الوراثي في مسألة الحظ، ومجتمعاتنا لسوء الحظ تؤمن بأن القدر له الدور الأكبر في التحكّم بمصائرنا وسعادتنا أو تعاستنا، وأن ما يحصل معنا قد تم كتابته مُسبقاً ولا يمكن لنا تغييره مهما فعلنا، علماً أن الكثير من شؤون حياتنا لا علاقة للقدر أو للحظ بها، فنحن وحدنا من يستطيع اختيار خيرها من شرّها.
كيف نكتشف عوامل الحظ السعيد؟
إذا أردنا أن نطلع جيّداً على مسألة الحظ السعيد، فما علينا إلا أن ننظر حولنا لنكتشف أن هناك أشخاصاً قد ورثوا من أجدادهم السعادة والمال، وآخرين لم يرثوا سوى الفقر والجهل والهموم، فالمحيّر بالأمر هل للعوامل الوارثية أو للقدر دور في هذا التقسيم الجائر نوعاً ما؟ والحقيقة بالأمر أن لا علاقة للعوامل التي يتم دراستها بمسألة الحظ السعيد من الحظ المشؤوم سواء بالوراثة أو بالقدر، فالناجحون لا يؤمنون بالحظوظ كثيراً، وهم يؤمنون بأنّ الحظوظ والفرص قد تأتي مرّة بالعمر، ووقتها علينا أن نحسن استغلالها.
هل تسير حياتنا حسب قوانين القدر أم حسب الإرادة والفرص؟
قام علماء الاجتماع بدراسات طويلة شملت عشرات الآلاف من الأطفال، كان الهدف النهائي منها هو معرفة ما إن كانت حياتهم تسير حسب قوانين القدر، أم بسبب الإرادة والفرص المتاحة التي نقوم بخلقها ﻷنفسنا؟ ولم تثبت الدرسات أي قرار راجح بهذا الخصوص.
ما لم يتم فهمه فعلاً هو طبيعة المعايير التي يتم الاعتماد عليها، لتحديد ما إن كانت إنجازاتهم السابقة أتت نتيجة القضاء والقدر، أم الإرادة والتخطيط السليم، فالمشكلة التي لا تنتهي في تحديد ما إن كنّا مُسيّرين أم مُخيّرين، هي التخطيط المُسبق والطموح من جهة والقدر من جهة أخرى، فهما يمثّلان وجهان لحقيقة واحدة، فحين يصبح أحدنا ثرياً في المستقبل، يمكن حينها الادعاء أننا وصلنا لهذه المرحلة بسبب جهدنا وإصرارنا، كما يمكننا أن نعزو ذلك لحظّنا الجيّد وقدرنا السعيد.