ما مدى تأثير وسائل التواصل الاجتماعي في الإرشاد النفسي؟

اقرأ في هذا المقال


من النادر في عصرنا الحالي أن نجد شخصاً لا يملك هاتفاً ذكياً أو لا يمكنه التواصل مع أصدقائه عبر إحدى التطبيقات الذكية أو بما يسمى بوسائل التواصل الاجتماعي، ولكن إلى أي مدى يمكننا أن نتحكّم بذاتنا ونعبّر عنها بطريقة صحيحة من خلال هذه المواقع، وما مدى تأثير الآخرين علينا وعلى طريقة تفكيرنا في ظلّ المعروض الهائل من المعلومات، وهل يؤثر هذا الأمر على طريقة تفكيرنا وصولاً إلى مدى تأثيره في العملية الإرشادية في الإرشاد النفسي؟

ما مدى تأثير مواقع التواصل الاجتماعي بالمسترشد في العملية الإرشادية؟

يبقى المسترشد هو محور عملية البحث ومحاولة تفكيك شخصيته لمعرفة ما أبرز المؤثرات التي أوجدت المشكلة النفسية لديه وطوّرتها، ولعلّ لمواقع التواصل الاجتماعي العديد من التأثيرات التي الإيجابية التي لا يمكن احصائها في هذا الصدد، ولكن يوجد لها أيضاً الكثير من التأثيرات السلبية التي تؤثر بصورة مباشرة وغير مباشرة على شخصية المسترشد، وتعزّز بعض الاضطرابات النفسية لديه بصورة غير مباشرة، مما يجعله في نهاية المطاف شخصاً غير قادر على إدارة نفسه ويعتمد على مواقع التواصل الاجتماعي في الحصول على المعلومات دون تحرّي أي مصداقية ممكنة.

إنّ المحتوى الذي يتمّ عرضه من خلال مواقع التواصل الاجتماعي يحتوي على الكثير من المعلومات ذات الفائدة، ولكن في كثير من الأحيان يكون هذا المحتوى ذو مصداقية منخفضة جدّاً وهذا الأمر بالطبع يؤثر على شخصية المشاهد، ولعلّ قلّة منّا من يؤمنون بأنّ وسائل التواصل الاجتماعي هي وسائل للتسلية فقط بعيداً عن التأثير، ولكن لمن يتأثر في مواقع التواصل الاجتماعي ويدمن عليها يصبح شخصاً منعزلً غير قادر على التواصل الاجتماعي بصورته الطبيعية، وبالتالي يصبح متقوقعاً على ذاته بعيداً عن المجتمع لا يمكنه التواصل مع أحد بصورة إيجابية صحيحة.

تصل الحال بهذا الشخص أن يلجأ إلى العملية الإرشادية بحثاً عن أفضل طريقة ممكنة تجعله يعود إلى ذاته وشخصيته، ولعلّ علم الإرشاد النفسي قد أفرد باباً لهذه المشاكل النفسية الخطيرة من خلال العملية الإرشادية، بحيث يقوم المرشد النفسي بعدّة خطوات من شانها أن تساعد المسترشد في استعادة توازنه.

الخطوات التي تمكن المسترشد من التوازن في العملية الإرشادية:

1. إيمان المسترشد بخطورة مواقع التواصل ومدى تأثيرها على الشخصية:

لا يدرك الكثير منّا مدى الخطورة والأثار النفسية التي تتركها مواقع التواصل الاجتماعي على الفرد بسبب الاستخدام الخاطئ لها، ولعلّ هذه الخطورة أصبحت من أبرز المشاكل التي لا بدّ من إدراكها في وقتنا الحاضر، وهذه المخاطر تؤثّر على شخصية المسترشد بصورة لا يمكن لأحد تصوّرها وخاصة إن لم يكن قادراً على التوقّف من تنظيم وقته على وسائل التواصل الاجتماعي، فالعملية الإرشادية هي الفرصة التي يمكن للمسترشد من خلالها أن يستشعر مدى الخطورة التي وقع فيها، وأن يدرك أن الحلول ممكنة وقابلة للمراجعة والتعديل.

2. إدراك المسترشد بقدرة مواقع التواصل الاجتماعي على تغيير نمط الشخصية:

الطبيعة البشرية قابلة للتغير حسب الحاجة، وهذا الأمر جعل منّا ومن غيرنا أشخاصاً نغيّر طريقة تفكيرنا حسب المصلحة التي نرى أنفسنا فيها، ولكن هناك عدد من القيم والمبادئ التي تمنعنا إلى تغيير مواقفنا، وهذه القيم تفلح عادة في بداية الأمر ولكن مع الكمّ الهائل من المعلومات والمحتوى المعروض عبر مواقع التواصل الاجتماعي يبدأ الشخص بتغيير نمط شخصيته بصورة بطيئة جداً لا يمكن إدراكها أو الوقوف عندها، ليجد نفسه في نهاية المطاف شخصاً آخر غير قادر على التوازن أو استعادة نمط شخصيته الصحيح مرّة أخرى، والسبب غير معروف لديه ولكن من خلال العملية الإرشادية يتبيّن بأن مواقع التواصل الاجتماعي هي السبب.

3. معرفة المسترشد بأن مواقع التواصل الاجتماعي سبب لانخفاض مستوى الثقة بالنفس:

الكثير منّا لا يدرك بأنه أصبح عبداً لمواقع التواصل الاجتماعي ولا يملك أي صلاحية للتفكير الهادف البنّاء، وأصبح لا يفكّر بأي جديد إلا من خلال وسائل التواصل الاجتماعي التي تؤثر أساساً في بناء الشخصية وتؤدي إلى انخفاض مستوى الثقة بالنفس وبالآخرين، وإن تحقّق هذا الأمر بالفعل فتلك مشكلة إرشادية لا يمكن أن يتمّ حلّها بالتوقف عن مواقع التواصل الاجتماعي فقط، ولكن من خلال الخضوع للعملية الإرشادية في الإرشاد النفسي التي تمكّن المسترشد من استعادة توازنه واستعادة ثقته بنفسه بصورة منطقية وطبيعية.


شارك المقالة: