حضانات ورياض الأطفال والدورف معروفة ومحبوبة لنهجها المفيد في تعليم الطفولة المبكرة، ولكن كيف يكون نهج والدورف مفيدًا في رفع جودة أداء الأطفال لاحقًا في الحياة؟
ما مدى جودة أداء أطفال والدورف لاحقًا في الحياة
إذ يشير رودولف شتاينر إلى أن الآباء يعلمون أن الأطفال يحتاجون إلى تحديات فكرية غنية، والقدرة على حل المشكلات بشكل إبداعي، ومهارات اجتماعية قوية، فهل يتعلمون هذه في مدارس والدورف؟ وإذا كان الأمر كذلك، فكيف؟
وفي الواقع تحدث والدورف عن تحديد كيفية دعم تعليمه للطلاب لرفع جودة أداءهم لاحقاً في الحياة من خلال مناقشة ستة فوائد رئيسية هي:
1- فهم عميق للموضوع
يقول رودولف شتاينر أن الكثير من الموضوعات التي تم التعلم عنها في السنوات العليا تنعكس على المفاهيم التي تم تعلمها في الصفوف السابقة، حيث تساعد هذه المفاهيم الطلاب على اكتساب وعي متعمق بالمواضيع والمفاهيم والمهارات التي يدرسونها.
على سبيل المثال في مدارس والدورف يتعلم الطلاب عادةً التاريخ القديم في الصف الخامس، بدءًا من الهند وبلاد فارس القديمة، ثم إلى مصر القديمة واليونان وروما، وبالنسبة للعديد من الآباء، قد يبدو هذا غريبًا أو قديمًا.
ومع ذلك فإن الأساس المبني في الفصل 5 يدعم الفهم الغني للتاريخ الحديث عندما يدرس الطلاب في الفصل 8 السير الذاتية لصانعي التغيير المعاصرين ويمكنهم البدء في الحصول على لمحة عن النضالات العالمية الموجودة في الإنسانية، وأوضح شتاينر أن المنهج متعدد الطبقات يساعد الطلاب على التفكير أثناء معالجة المحادثات حول التمييز والعنصرية والامتياز والتحيز.
2- القدرة على تطبيق المعرفة عبر التخصصات
في مدارس والدورف يستكشف الطلاب مواضيع في مجموعة متنوعة من التخصصات، مما يمنحهم القدرة على استخدام المعرفة التي اكتسبوها في سياقات جديدة.
وقد شرح رودولف شتاينر على سبيل المثال كيف يتعلم الطلاب الهندسة في درس الرياضيات، ثم يستخدمون البوصلة لعمل تصميمات مع دوائر دقيقة في فصل الفنون، نتيجة لذلك يتعلم الطلاب تطبيق المعرفة في بيئات مختلفة.
3- قدرات حل المشكلات
يُشرك التعلم التجريبي الطلاب ويشجع بنشاط على حل المشكلات، ويقول والدورف إن هناك مثل هذا الجهد في تعليم والدورف لإحياء جميع الموضوعات حقًا، وقال يجب أن تكون ذات صلة بالطلاب، ويجب أن تكون منطقية بالنسبة لهم، وذلك ينسجم مع المنهجية التي يتم استخدامها، وهو أمر تجريبي حقًا.
وأحد الأمثلة على ذلك هو منهج والدورف للعلم، والذي يُطلق عليه النهج الفينومينولوجي، وهو نهج ظاهري، حيث يسعى المرء جاهدًا لمنح الطلاب تجربة للظواهر ومن ثم جعلهم يتصارعون مع إيجاد العلاقات أو النظام.
وأوضح والدورف أن الطلاب سيجرون تجربة أولاً، ثم يراجعونها في اليوم التالي للتفكير في العمليات الجارية، وقال الجميع قادرون على المشاركة فيها، لتقدير الفضول أو التعجب أو مجرد روعة العالم.
ويشير والدورف أيضًا إلى أنه عند استخدام النهج الفينومينولوجي، يصبح التفكير نشاطًا وفعلًا وشيئًا ديناميكيًا وحيًا، ويعمل هذا على تحسين قدرة الطالب على التعامل مع المشكلات والعمل بنشاط لإيجاد الحلول.
4- المهارات الاجتماعية
كما أشار والدورف إلى أن العلاقات طويلة الأمد التي تم بناؤها في مدارس والدورف توفر فرصًا غنية لتعلم المهارات اللازمة للحفاظ على العلاقات بمرور الوقت.
وقال من المهم جدًا أن يكون هناك شعور جيد بالأمان في المدرسة، فعندما يشعر الطلاب بالأمان، يمكنهم المخاطرة العاطفية مع بعضهم البعض، ومع بعض التدريب، حل المشكلات عند ظهورها، وأوضح إنه بحلول الصف الثامن، كان العديد من الطلاب معًا لسنوات، وفي نضجهم يصبحون قادرين جدًا على مهاراتهم الاجتماعية وحل المشكلات.
ويتم تدريس المهارات الاجتماعية، بما في ذلك التعاطف، في مدارس والدورف من خلال ممارسات مثل المجلس.
5- مجموعات مهارات متنوعة
في مدارس والدورف، يتعرض الأطفال لعدد من الموضوعات المتخصصة، بما في ذلك البستنة والنجارة والأعمال اليدوية والموسيقى والفن والدراما.
وشرح رودولف شتاينر كيف أن التعلم من خلال الفنون يزود الطلاب بمهارات قيمة، ولاحظ على سبيل المثال أن خريجي مدرسة والدورف غالبًا ما يكونون ماهرين جدًا في التحدث أمام الجمهور، إذ تؤدي العديد من الفصول مسرحية كل عام، نتيجة لذلك عندما يقدمون مشاريعهم من أي الفئة، فإنهم يفعلون ذلك بثقة واتزان.
6- محو الأمية الرقمية
في مدارس والدورف يتم تدريس الفصول الدراسية بنشاط حول وسائل التواصل الاجتماعي والعالم الرقمي في فصل دراسي يسمى (Cyber Civics)، حيث يساعد ال(Cyber Civics) الطلاب على الانخراط في عالم الكمبيوتر ووسائل التواصل الاجتماعي بوعي، فهو يعلمهم عن المخاطر، ويمنحهم القدرة على التفكير في كيفية تأثير العالم الرقمي عليهم، ويساعدهم على اتخاذ خيارات جيدة عبر الإنترنت.
وفي الختام يعتبر الكثير من الباحثين أن طلاب والدورف أشخاص مثيرون للاهتمام، يمكنهم التحدث بذكاء حول أي قضية تقريبًا، لأنهم تعلموا أن يفحصوا، ويمكن أن يكونوا متعاطفين بشكل كبير مع محنة أي شخص تقريبًا لأنهم تعلموا التسامح، ويمكنهم الرقص برشاقة أو تسجيل هدف لأنهم تعلموا الحركة، ويمكنهم الانتقال بين المجموعات المختلفة في الحرم الجامعي والمشاركة في مجموعة متنوعة من الأنشطة لأنهم تعلموا التنسيق، لذا يمكن القول أن تعليم والدورف يجعل أداء الأطفال ذا جوده عالية لاحقًا في الحياة.