الأفكار ملك للجميع وهي تحتمل الصحة أو الخطأ، فقبول الرأي والرأي الآخر هو دليل على الحوار البنّاء الإيجابي، ولكننا عندما نقوم على مراجعة التاريخ نجده مليئاً بالحوادث والطفرات التي أدت إلى اضطهاد المفكرين ومكافحة الأفكار المغايرة، لمجرد حماية رأي وحيد أو تيار صغير يملك سلطة البقاء وكبت الأصوات، وهذا بما يسمّى بالتعصّب الأعمى.
ما هو التطرف الفكري؟
إنّ ممارسة التعصب للفكر الأوحد يعتبر تطرّفاً فكرياً، كونه يخرج من دماغ واحد فقط، دونما الالتفات إلى آراء الآخرين أو مدى صحّة الرأي الذي نتبناه من خطأه، فنحن هنا نكون الخصم والحكم، وهذا يعتبر من الأمور المشينة التي خلقت في مجتمعاتنا العديد من الأفكار المتطرفة، التي ادت إلى نشوب حروب فكرية ثقافية وربّما عسكرية أدت إلى انهيار مجتمعات بأكملها، والسبب هو التعصّف لفكر جماعة ورفض الآخر.
ما هو الذكاء الفكري؟
إنّ قمّة الذكاء هو مشاركة الآخرين في أفكارهم وتقبّل انتقاداتهم واختيار أفضل الآراء المطروحة بصرف النظر عن هويّة وموقع صاحبها، فأعظم ما يدرسه طلبة الطب ليس التشريح أو علم الأمراض أو طرق التشخيص، بل أهمية أخذ الرأي الآخر عندما يشكّ الطبيب في تشخيص أي مرض، لهذا السبب نجد أنّ الأطباء حريصون على مرضاهم لا يترددون في استشارة طبيب أو زميل آخر، ولا يتحرّج من الأخذ برأي الطبيب صاحب الخبرة الأقل إذا كانت فكرته مقنعة أكثر، فما يهمهم هو النتائج الإيجابية بغض النظر عن صاحب الفكرة، فما دام الهدف سامي فلا نختلف على طريقة الوصول إليه.
علينا أن نتذكّر دائماً أننا نملك عقلاً واحداً لا يختلف عن عقول الآخرين ولا يقلّ عنها جودة سوى بهامش بسيط صعوداً أو هبوطاً في معايير الذكاء، والحلّ الأمثل لتوسيع مدارك الذكاء لدينا، هو توسيع دائرة الاطلاع والمعرفة، واستشارة الآخرين ومشاركتهم عقولهم ورؤيتهم للحياة من وجهة نظرهم.
سواء كنّا رؤساء أو مرؤوسين، علينا أن نتذكّر دائماً من أن قناعتنا بالنتائج لمجرد توصلنا إليها بشكل عشوائي فردي من أعظم عيوب العقول البشرية، فنحن نصل إلى النتائج بعد التفكير المسبق والأخذ بآراء الآخرين، وعدم التعصّب لرأي واحد وأن نكون مرنين متزنين في كيفية تلقّي الأفكار.