يتميّز الطفل في مرحلة رياض الأطفال بسهولة التأثّر بالعوامل الخارجية، كما أنه يتعامل مع الأفراد المحيطين بأسلوب وتصرّفات خاصة به، لذلك يتوجّب على معلم رياض الأطفال استخدام أساليب واستراتيجيات معينة تهدف إلى توجيه سلوك أطفال الروضة.
أساليب توجيه سلوك طفل الروضة
تتضمّن عمليّة توجيه سلوك أطفال الروضة استخدام المعلم لنوعين من أساليب التوجيه وهما توجيه السلوك المباشر وتوجيه السلوك غير المباشر.
توجيه السلوك المباشر
يتضمّن توجيه السلوك المباشر العديد من الأفعال اللفظيّة بالإضافة إلى الأفعال غير اللفظية، وتشمل الأفعال غير اللفظيّة (الجسديّة) تعابير الوجه المختلفة كالابتسامة والنظرات التي تُظهِر الحزن أو عدم الرضا مثلاً.
ويقوم أطفال الروضة عادةً بمراقبة أفعال وإشارات المعلم؛ حتى يتمكّنوا من معرفة مزاج المعلم، لذلك يجب على المعلم أن يُوافق بين أفعاله اللفظيّة وغير اللفظيّة، ومثال ذلك عندما يطلب المعلم من الطفل أن يتوقّف عن عمل مزعج يقوم به الطفل فلا بُدَّ أن تكون تعابير وجه المعلم دالّة على عدم رضاه عن ذلك الفعل.
ويوجد العديد من مبادئ توجيه السلوك المباشر التي يتوجب على المعلم اتباعها كي تساعده في عملية تنمية مهاراته في ذلك الاتجاه:
استخدام اللغة المبسطة
من المعروف أن أطفال الروضة يمتلكون مخزوناً قليلاً من الكلمات والمفردات، لذلك يتوجّب على المعلم عند التحدُّث إلى الأطفال أن يستخدم لغة مُبسّطة وواضحة بحيث يَسهُل على الأطفال فهمها واستيعابها.
تقديم الخيارات بعناية:
يخلط معلم رياض الأطفال أحياناً بين عمليّتي إعطاء الإرشادات وبين توفير الخيارات للأطفال، فإذا قال المعلم للأطفال “الآن وقت اللعب” أو “سوف نذهب إلى ساحة الألعاب” فهو في هذه الحالة لا يُعطي للأطفال فرصة للاختيار.
وفي حال أن قدَّم المعلم الخيارات للطفل وقام الطفل بالاختيار، فيجب على المعلم أن يسمح للطفل بتنفيذ ذلك الاختيار، ومثال ذلك إذا سأل المعلم الطفل هل يريد أن يلعب بالمعجون أم يريد بناء بيت من المكعّبات، فإذا اختار الطفل اللعب بالمعجون فعلى المعلم أن يقبل بهذا الخيار من دون أن يؤثر على الطفل لتغيير رأيه.
الاتصاف بالثبات:
يتوجّب على معلم رياض الأطفال أن يكون ثابتاً في تعامله مع أطفال الروضة؛ وذلك لأن الأطفال إذا شعروا أن المعلم متساهل في عمليّة ضبط سلوكيات الأطفال، سوف يُكررون السلوكيات غير المرغوب فيها.
والمقصود بالثبات أن لا يقوم المعلم بتأديب الطفل على سلوك غير مرغوب فيه ثمَّ يتغاضى عن نفس السلوك في وقت آخر، ويجب أن يكون هذا الثبات في التعامل مع جميع الأطفال، فإذا طلب المعلم من الأطفال تنفيذ أمر معين كإرجاع الألعاب مكانها، فإن هذا الأمر يجب أن يقوم به جميع الأطفال.
التدخل عند الضرورة:
يجب أن يكون معلم رياض الأطفال على درايةٍ بالأوقات التي يجب أن يتدخّل فيها وكيف يكون تدخُّله فعّالاً، لذلك يجب عليه أن يُتيح الفرصة أمام الأطفال للاستكشاف بأنفسهم، وأن لا يتدخّل إلا في حالة إضافة معلومة أو المحافظة على سلامتهم.
إنَّ تدخّل المعلم في الأمور التي تتعلّق بسلامة الأطفال يجب أن يقترن القول بالفعل، فمثلاً إذا قام أحد الأطفال بتسلّق الشجرة، يجب على المعلم أن يذهب إليه ويُذكِّر الطفل بأنظمة وقوانين السلامة العامة، وأن يقوم بتوضيح مخاطر العمل الذي يقوم به الطفل، كما يتطلّب من المعلم أن يتدخّل في الأمور التي تتعلّق بصحة أطفال الروضة كأن يقوم المعلم بتذكير الأطفال بأهمية ارتداء الملابس الملائمة في فصل الشتاء.
ويجب على المعلم أن لا يسمح لأطفال الروضة بإبعاد طفل آخر عند طلبهِ مشاركتهم في الألعاب بسبب الجنس مثلاً، عندئذ يتوجّب على المعلم أن يُذكِّرهم بأن الألعاب للجميع وأن عليهم التشارك بالألعاب الموجودة في الروضة، كما يتطلّب من المعلم التدخّل في حال تلفُّظ أحد الأطفال بألفاظ غير مهذّبة، كما يجب أن يُبيّن للأطفال بأن هذه الألفاظ تعمل على إيذاء المشاعر.
التحدث بصوت هادئ:
يجب على المعلم أن يتحدّث مع الأطفال بصوت هادئ، وأن لا يتحدّث بصوت مرتفع إلا في حالة الطوارئ فقط؛ وذلك من أجل شدّ انتباه أطفال الروضة، كما أن الأطفال يقومون أيضاً بتقليد المعلم فيتحدّثون بصوت مرتفع وهكذا تمتلئ الغرفة الصفيّة بالضوضاء.
تشجيع التعاون والاستقلالية:
يجب على المعلم أن يُقدّم للأطفال القليل من المساعدة أثناء انشغالهم بتنفيذ الأنشطة الصفيّة؛ وذلك من أجل إتاحة الفرصة أمامهم ليتعلّموا الاستقلاليّة وتحمّل المسؤولية، كما يجب على المعلم تشجيع الأطفال على العمل بروح الفريق وأن يساعدوا بعضهم بعضاً، فهذه العمليّة تساعد في تعليم الأطفال السلوك الاجتماعي.
استخدام الأسلوب الإيجابي:
يجب على المعلم أن يستخدم الأسلوب الإيجابي في تعامله وتواصله مع أطفال الروضة؛ لأن ذلك سوف يُشعِر الأطفال بالراحة، كما أن استخدام هذا الأسلوب يعمل على تذكير الأطفال بالقواعد والقوانين الصفيّة.
استخدام الحزم:
تحتاج عمليّة ضبط سلوك الأطفال إلى أن يكون المعلم حازماً في تعامله مع الأطفال، ويجب أن يرتبط أسلوب الحزم بأن يتحدّث المعلم بصوت هادئ، فإذا قام الطفل بسلوك غير مسموح به عندئذ يجب على المعلم أن يستخدم الحَزْم؛ حتى لا يقوم الطفل بتكرار ذلك السلوك.
وقد يُصاب الطفل بنوبة من الغضب فقد يشعر المعلم برغبة بالاستسلام، فإذا قام المعلم بذلك فمن المؤكّد أن الطفل سوف يستخدم نفس الأسلوب في المرّة القادمة ليحصل على ما يريد.
توجيه السلوك غير المباشر
يتضمّن التوجيه غير المباشر على عوامل خارجيّة تعمل على التأثير في سلوكيات أطفال الروضة، إنَّ تصميم الروضة بطريقة ملائمة تُسهّل على المعلم عمليّة الإشراف والتحكُّم كما تساعد في تحقيق شعور الأمان لدى الأطفال، ويجب على المعلم القيام بعمليّة الإشراف على الأطفال بصورة مستمرة، لذلك يتوجَّب على المعلم أن يقف وظهره إلى الحائط، وذلك من أجل أن يرى الغرفة الصفيّة بشكل كامل وهذا يسمح للمعلم القيام بعمليّة مراقبة الأطفال بشكل واضح وتقديم المساعدة لهم وقت الضرورة.
يعمل تنظيم المساحة الداخليّة للروضة على تأمين بيئة صحيّة ملائمة لأطفال الروضة، حيث تساعد الغرفة الصفيّة ذات المساحة الكبيرة في تسهيل عمليّة رؤيته جميع الأطفال ومعرفة الأحداث التي تجري داخلها مما يساعد في عمليّة التدخّل بصورة أسرع وأسهل عند حدوث أمر طارئ.
كما تساعد عمليّة تنظيم البيئة في الروضة على تشجيع الاستقلاليّة عند أطفال الروضة، كما يتوجّب على المعلم العمل على تشجيع أطفال الروضة بأن يعتنوا بأنفسهم كأن يقوموا بوضع حقائبهم في مكانها المخصص، بالإضافة إلى إرجاع الألعاب والأدوات إلى مكانها المخصص داخل الغرفة الصفيّة.
كما تساعد عمليّة تنظيم الغرفة الصفيّة المعلمة في توفير وقتها وجهدها الذي تبذلهما من أجل مساعدة أطفال الروضة، بالإضافة إلى أنَّ هذه العمليّة تعمل على توفير الوقت اللازم وذلك من أجل أن يقوم المعلم بعمليّة التخطيط للأنشطة الصفيّة الملائمة لأطفال الروضة.