مراحل علم النفس الإرشادي في التغيير

اقرأ في هذا المقال


نحن نتفهم أنه لكي تنجح عملية الاستشارة، يحتاج كل من العميل وأخصائي علم النفس الإرشادي إلى فهم مرحلة التغيير التي يمرون به، هناك ست مراحل للتغيير في علم النفس الإرشادي؛ لكل منها أهمية في السماح لكل واحد منا للانتقال من الحالة المعيشية غير السارة إلى الحالة السارة (الحياة السعيدة) وفي عالم شبه مثالي، تستمر مراحل التغيير الست هذه بطريقة خطية، في أوقات أخرى قد تحتاج إلى تكرارها بسبب عوامل الطبيعة والتنشئة المختلفة التي تم اكتشافها في ديناميات التعلم والنمو لعلم النفس الإرشادي، حتى أن بعض مراحل التغيير تحدث في وقت واحد.

ما هو علم النفس الإرشادي؟

هو أحد فروع علم النفس الذي يسهل الأداء الشخصي مدى الحياة، مع التركيز على الاهتمامات العاطفية والاجتماعية والمهنية والتعليمية والصحية والتنموية والتنظيمية، من خلال دمج النظرية والبحث والممارسة مع مراعاة القضايا متعددة الثقافات، يشمل هذا المجال مجموعة واسعة من الممارسات التي تساعد الناس على تحسين رفاههم وتخفيف الضيق وسوء التكيف وحل الأزمات.
علم النفس الإرشادي فريد من نوعه في اهتمامه بقضايا النمو الطبيعية والمشاكل التي ترتبط بالاضطرابات الجسمية العقلية والعواطف، تشمل الفئات السكانية التي يخدمها علماء النفس الإرشاديون أشخاص من جميع الأعمار والخلفيات الثقافية، كما تشمل الأمثلة على هؤلاء السكان المراهقين المتأخرين أو البالغين الذين لديهم مخاوف مهنية أو تعليمية والأطفال أو البالغين الذين يواجهون صعوبات شخصية شديدة، يتشاور علماء النفس الإرشاديون أيضاً مع المنظمات التي تسعى إلى تعزيز فعاليتها أو رفاهية أعضائها.

مراحل علم النفس الإرشادي في التغيير:

المرحلة الأولى التأمل المسبق:

تتميز هذه المرحلة بعنصرين متميزين هما؛ عدم قدرة الشخص على رؤية أو فهم ماهية المشكلة، كذلك رغبة العميل في تغيير شخص آخر، عادة ما يأتي المتأملون السابقون إلى أخصائي علم النفس الإرشادي بسبب شكل من أشكال الضغط من شخص آخر (الزوج ، صاحب العمل ، المحاكم ، المدرسة ، الأصدقاء)، في الوقت نفسه يقاوم المتأملون السابقون أيضاً التغيير، بالتالي يستخدمون أساليب الإنكار والتقليل للتخلي عن أي مسؤولية عن مساهمتهم في القضية أو القضايا المطروحة، بالتالي فإن أحد الأهداف الأولية لعلم النفس الإرشادي؛ هو تحديد مقدار الرفض أو التقليل الذي يعاني منه العميل والذي يمنع التغيير.

المرحلة الثانية التأمل:

تتميز هذه المرحلة برغبة العميل في فهم أفضل لماهية “النتوء في الطريق”، لمعرفة الأسباب وكذلك استكشاف الخيارات المتاحة لحل الزوال، النقطة الأساسية التي يجب تذكرها هنا هي أنه على الرغم من أن الشخص قد يعرف ما هي المشكلة وما الذي يجب تغييره، إلا أن المتأملين ليسوا مستعدين بعد للالتزام بالعمل (المرحلة الرابعة من التغيير).
المرحلة الثانية هي وقت حرج لمن يقدمون المشورة لفهم موضوعين رئيسيين، بشكل أفضل من قبل تم اتخاذ الإجراء؛ من أنا (خارطة توجههم) وما هي نقاط القوة والموارد التي لدي لدعم رحلتي (خريطة الاتجاه)؟، عند تقديم المشورة للعميل وأخصائي علم النفس الإرشادي، سيعرفان متى يحين وقت العمل عندما تركز اللغة والأفكار في المشورة حول “الحل مقابل المشكلة” و”نظرة أكثر عن الحاضر والمستقبل أكثر من الماضي”.

المرحلة الثالثة التحضير:

تتميز هذه المرحلة بأن العميل يمر بمجالات إضافية من اليقظة في مجالات اليقظة والتعلم والنمو، في بعض الأحيان يحتاج العميل إلى تحسين مهارات الاتصال والأهداف المهنية وسلوكيات الأبوة والأمومة وممارسات العلاقة الحميمة وزيادة تعزيز احترام الذات، على وجه الخصوص نستخدم هذه المرحلة كفرصة لتحديد قيم العميل والسلوكيات الداعمة في أربعة مجالات رئيسية من الحياة؛ تحديد الذات وتطوير الذات والعمل والعلاقات، الهدف الأساسي هنا هو تحقيق الوعي الفردي بحيث يكون هناك شعور بضبط النفس والراحة والأمان عندما ينتقل العميل من الاستعداد إلى العمل، باختصار شعور مدرك بالرفاهية.

المرحلة الرابعة العمل:

المحتمل أن تكون المرحلة الأكثر سوء فهم وسوء تطبيق على الإطلاق، المشكلة الشائعة هنا هي أن معظم العملاء وأخصائيوا علم النفس الإرشادي يعتقدون أن التغيير يعني العمل والعمل الآن في بداية الاستشارة، مع ذلك إذا لم يتم التعامل مع المراحل الثلاث الأولى من التغيير بشكل صحيح في علم النفس الإرشادي، فقد يحدث فشل في الاستشارة أو بعد الاستشارة، في الواقع يتوقف أكثر من 45٪ من جميع العملاء عن الاستشارة قبل الجلسة الثالثة؛ لأنهم يشعرون برغبة المعالج أو الأسرة قبل أن يكونوا جاهزين بالفعل للعمل.
تتميز هذه المرحلة بالفرضية الأساسية في علم النفس الإيجابي والعلوم السلوكية المعرفية أنه قبل أن نتمكن من تغيير السلوك، يجب علينا أولاً تغييرأنماط تفكيرنا أو إعادة تشكيلها (شرائطنا الذهنية نلعبها إذا صح التعبير)؛ بينما يرغب معظمنا في رؤية شكل من أشكال التغيير، في كثير من الأحيان يجب أن يحدث التغيير الأكثر أهمية بالطريقة التي نفكر بها حيث لا نرى هذا التغيير في كثير من الأحيان حتى وقت ووقت ما في المستقبل، بمجرد أن تسمح لنا مرحلة العمل في الاستشارة بتغيير أفكارنا (إعادة الصياغة)، يمكننا حينئذٍ أن نبدأ بالأفعال والسلوكيات والمشاعر المرغوبة الأكثر وضوح داخل الاستشارات وخارجها.

المرحلة الخامسة الصيانة:

تتميز هذه المرحلة بتعاون أخصائي علم النفس الإرشادي والعميل لتحديد نقاط الانطلاق المحتملة أو المشكلات الخلافية الأخرى الموجودة في بيئة العمل والمجتمع والأسرة، التي يمكن أن تسبب انتكاسة؛ سواء كان العميل قادم للإقلاع عن التدخين أو تحسين اتصالاته في العمل أو في الزواج، يجب على أخصائي علم النفس الإرشادي أوالعميل في هذه المرحلة بتطوير التزام قوي لإنشاء أنشطة تعزيز إيجابية (التحقق من الصحة ، التشجيع ، الاعتراف ، الثناء ، المكافآت)؛ للحفاظ على التغيير الذي تم إجراؤه في مرحلة العمل، بمعنى آخر التغييرلا ينتهي أبداً في مرحلة الفعل، إنه يأخذ شكل جديد وحضور جديد في حياتنا.

المرحلة السادسة الرعاية اللاحقة:

هناك بعض الأفكار أو السلوكيات أو المشاعر التي لا نتمنى أن تعود أبداً (المدخن السابق الذي لا يدخن مرة أخرى عندما يشعر بالتوتر)، مع ذلك يعتقد بعض المتخصصين في الرعاية الصحية أن هناك بعض السلوكيات أو الأفكار أو المشاعر التي لا يمكننا إزالتها تماماً (البرامج التقليدية المكونة من 12 خطوة على سبيل المثال تقترح أن مدمني الكحول سيظلون دائماً مدمناً في التعافي).
تتميز هذه المرحلة بتحديد أنواع السلوكيات أو الأفكار أو المشاعر التي يمكن إنهاءها بشكل واقعي، كذلك الأنواع التي تتطلب مدى الحياة من الدعم والصيانة، على الرغم من أن الهدف النهائي في مرحلة ما بعد الرعاية هو التأكد من أن العميل يفهم أنه من خلال تبني التعلم مدى الحياة، فإنه يزيد من فرص حياة أكثر صحة وسعادة، نعتقد أنه يمكن تجربة عملية التعلم مدى الحياة في كل من علم النفس الإرشادي والبيئات الأخرى؛ باختصار أبوابنا مفتوحة دائماً لإجراء عمليات ضبط وجلسات تعلم جديدة.

أهمية مراحل علم النفس الإرشادي:

بشكل عام من خلال استخدام نموذج المراحل الست المذكور أعلاه لكيفية التعلم والتغيير، يستطيع مستشارونا العمل بطريقة أكثر قابلية للفهم والتصديق مع كل واحد من عملائنا، يضمن نموذج علم النفس الإرشادي الخاص بنا بعد ذلك أن لكل مرحلة من مراحل التغيير عملية (عمليات) الاستشارة المترابطة الخاصة بها والتي تسمح لهدفين قصيري المدى بالخبرة باستمرار في تقديم المشورة؛ شعور أكبر بالوعي والتحول من التركيز على المشكلات إلى التفكير في الحلول؛ على سبيل المثال في مرحلة ما قبل التأمل (المرحلة 1)، قد يحتاج المستشار إلى العمل مع العميل على مدى فترة زمنية مع التحليل المعرفي أو الجشطالت أو التحليل النفسي لاستبدال عقلية الإنكار بعقلية الملكية.
المرحلة الثانية مرحلة التأمل، قد يركز المستشار أكثر على العمليات التحليلية النفسية والوجودية التقليدية للسماح للمشاعر والأفكار المكبوتة التي تجعلنا أحياناً نشعر بأننا عالقون في حالات مزاجية غير سارة يتم تحديدها وفهمها في علم النفس الإرشادي، في المرحلة الثالثة (مرحلة التحضير)، قد يتحول المستشار بعد ذلك إلى نموذج سلوكي عقلاني أو إدراكي لتحدي أنماط التفكير غير الفعالة، التي غالباً ما تسبب عدم اتخاذ إجراء أو التسويف الذي غالباً ما يمنع المرحلة الرابعة؛ مرحلة العمل من الخبرة.
المرحلة الرابعة وهي مرحلة العمل، يركز على ثلاثة مجالات للحركة والتغيير؛ الأفكار والعواطف والسلوكيات، من ثم ستتطلب هذه المرحلة التركيز على النمو في أنماط تفكيرنا وكذلك تعديل السلوكيات واستبدال المشاعر غير السارة بمشاعر ممتعة، العملية الأكثر فعالية المستخدمة في المرحلة الرابعة هي العلاج السلوكي المعرفي، أما الصيانة (المرحلة الخامسة)؛ فهي مرحلة أساسية حيث نضمن استمرار التقدم المحرز مدى الحياة.
نحن نركز أيضاً ليس فقط على الحفاظ على التغيير ولكن على كيفية ضمان استمرار العميل في استخدام عمليات التغيير، تعتبر عمليات مكافأة السلوكيات الإيجابية وتطوير العلاقات التنموية أساسية هنا؛ تستخدم المرحلة السادسة (الإنهاء) عمليات مماثلة مثل تلك الخاصة بالمرحلة الخامسة، حيث يتم إزالة الإغراء أو التهديد بالعودة إلى السلوكيات أو الأفكار القديمة، إن تعزيز نموذج الحياة السعيدة هو المفتاح هنا لضمان عدم وجود دورة التغيير المتصاعدة لمعظم مطبات الحياة على الطريق.


شارك المقالة: