تأسّست النظريّة السلوكية من قِبل عالم النفس الأمريكي واطسون جون برودس، تمثلت اهتماماته الأُولى في الفلسفة ثمَّ انتقل إلى الاهتمام بدراسة علم النفس، فقد آمن هو وأتباعه أنّ السُّلوك الظاهري هو المصدر الوحيد للمعلومات الذي يمكن الوثوق به، حيث أكّد السلوكيّون على أهمية البيئة في تكوين السلوك الفردي، فقد تركَّزت أبحاثهم بصورة رئيسية على علاقة السلوك الظاهري والمثيرات البيئية، أيضًا أدرك واطسون أنّه من الممكن تغيير السلوك الإنساني من خلال عملية الإشراط، حيث يمكن توليد أيّ استجابة يريدها من خلال التحكُّم في بيئة الفرد. اهتمّ الباحثون في معرفة ما هي النظرية السلوكية وأهم مصادرها.
النظرية السلوكية
تعدُّ النظرية السلوكية من أهمّ وأحدث النظريات التي تقوم على قواعد التعلم، تحتوي على فنيّات تستطيع أن تُحدِث تعديلً أو تغيير إيجابي في سلوك الإنسان، فاحتلّت النظرية السلوكية مكان مهم منذ مطلع الستينات من القرن العشرين، من أهم علماء هذه النظرية الذين أجابوا عن سؤال ما هي النظرية السلوكية، هم واطسون، بافلوف، ثورندايك، سكنر، باندورا. تنظر النظرية السلوكية للسلوك الإنساني على أنّ معظمه مُتعلَّم، أيضاً أنّ الإنسان بطبعه ليس خيّر أو شرير، بل يولد كصفحة بيضاء لم يكتب عليها شيء، ثمَّ يبدأ بالتفاعل مع البيئة ويتمُّ تعلُّم السلوكيّات من خلال هذا التفاعل.
مصادر النظرية السلوكية
التقاليد الفلسفية
خطا الخطوات الأُولى نحو استخدام المعطيات الموضوعية في علم النفس ثلاثة فلاسفة هم ديكارت وهويز ولاميتري، الأهم منهم هو أوغست كونت، الذي يرى أنّ المعرفة الاجتماعية القابلة للملاحظة الموضوعية، هي وحدها الثابتة. أنكر كونت أهمية العقل الفردي، انتقد المناهج الذاتية بشدَّة، فهو يرى أنّ الاستبطان يحمل في ذاته استحالته أو منافاته للعقل، فعلى العقل أن يتوقف عن العمل من أجل أن يصبح الاستبطان ممكناً، إلَّا أنّ هذا العمل هو بالذات ما تراد ملاحظته، فقد حدَّد مكونست نمطين واضحين لدراسة الوظائف النقدية والعقلية، أولهما تحديد الشروط الفيزيولوجية التي تتوقف عليها هذه الوظائف، ثانيهما ملاحظة السلسلة السلوكية.
علم النفس الحيواني
هو الذي خطا خطوات واسعة كان لها تأثير هام في تطور علم النفس في القرن العشرين، لا سيما في علم النفس الوظيفي، ربما كانت نظرية التطوُّر لدارون أكثر المُسلمات تأثيراً حاسماً في علم النفس بين مسلمات العلوم الأخرى، ففيها أتيحت الفرصة للانصراف عن كل شكل من أشكال الفصل بين أشكال سلوك الإنسان وسلوك الحيوان، نشأ علم النفس الحيواني، إلى حد بعيد عن النظرية التطورية، لكن خصوم الداروينية هبّوا لردِّ الفرضية القائلة بوجود استمرار نفسي بين الإنسان والحيوان، كما هبّ أنصارها لدعمها.
النزعة الوظيفية
كان موقف ثورندايك أقرب إلى السلوكية الحديثة، كذلك كاتل الذي عرّف علم النفس بأنّه معظم العمل الذي قام به أو جری في مخبره، لا يقل تحرُّراً من الاستبطان عن العمل في الفيزياء أو علم الحيوان. قام ماقدوشال بتعريف علم النفس أنّه العلم الوضعي للسلوك. بهذا أخذت السلوكية من النزعة الوظيفية جزء من تقليدها الأبوي، حان الوقت لقيام موضوعية أرسخ وعلم النفس، كان واطسن يمثِّل تلك الرّوح في ذلك العصر. لقد حقَّقت النظرية السلوكية عالم مختلف في دراسة الشَّخصية عمَّا كان سائداً في تلك الفترة، فقد نقلت الشخصية بعيداً عن الغموض والاستبطان إلى المختبر وإلى عالم القياس.
تطور النظرية السلوكية
احتلَّ الإرشاد النفسي السلوكي مكانة هامَّة في النصف الثاني من القرن العشرين، حيث نشأ وتطوَّر على أيدي مجموعة من العلماء، من أبرز رواد هذه النظرية إيفان بافلوف الذي قدَّم تجاريه عن الأشراط الكلاسيكي عام 1920، نشر واطسن عام 1925 كتاب السلوكية الذي كان سلسلة من المحاضرات المطبوعة بالاتجاه البيئي؛ لتحسين الكائنات الإنسانية، أيضاً أعمال سكنر عام 1953 وتجاربه المختلفة وكتاباته عن العلم والسلوك الإنساني.
دوارد ومیلر عام 1950، نظريتهما في العلاج النفسي التي تحدياً بها مدرسة التحليل النفسي، ثمَّ كتب جوزيف ولبي كتابه الشهير عن العلاج بالكف بالنقيض عام 1958، ثمَّ استخلص آيزنك لمبادئ والتعديلات النظرية والتعليمية للاضطرابات النفسية، أنشأ أول مجلة علمية متخصِّصة في هذا المجال.
وفي الولايات المتحدة الأمريكية بدأ العلاج السلوكي وتطوُّر منذ أعمال سكنر حول الإشراط الإجرائي، في عام 1966 تمَّ تأسيس الجمعية الأمريكية للعلاج السلوكي التي يرمز لها A.A.B.T، ثمَّ ظهرت نظرية التعلُّم الاجتماعي الذي طوّر مفاهيمها ألبرت باندورا عام 1977.