اقرأ في هذا المقال
- مفهوم الإدراك في علم النفس المعرفي
- العلاقة بين الإحساس والإدراك
- وجهات النظر حول الإدراك في علم النفس المعرفي
يحتل مفهوم الإدراك أهمية كبيرة لدى المختصين في المجالات النفسية بشكل عام، والمشاركين بعلم النفس المعرفة بشكل خاص، فهو يمثل العملية الرئيسية التي يتم من خلالها تمثل الأشياء في العالم الخارجي وإعطائها المعاني الخاصة بها.
مفهوم الإدراك في علم النفس المعرفي:
يعتبر الإدراك من العمليات المعرفية التي تمكن الأفراد من فهم العالم الخارجي الخاص بهم والتوافق معه، عن طريق اختيار الأشكال السلوكية المناسبة في ضوء المعاني والتحليلات، التي يتم تشكيلها للأشياء، وهو بمثابة عملية تجميع الانطباعات الحسية المتميزة عن العالم الخارجي، وتحليلها وترتيبها، في تمثيلات ذهنية محددة، بحيث يتم تكوين خبرة منها تحفظ في الذاكرة بحيث تمثل مصادر مرجعية للسلوك أو المهام، ويتم اللجوء إليها خلال عملية التشارك مع العالم الخارجي.
تتسق أكثرية تعريفات الإدراك على أنه يشكل عملية معاملية للمفاهيم الحسية إلى تمثيلات ذهنية معينة من خلال تفسيرها وإعطائها المعاني الخاصة بها، ومن التعريفات المتعددة للإدراك ما يلي:
1- هو عملية تجميع الملاحظات الحسية وتحويلها إلى صور ذهنية.
2- هو عملية تحليل وفهم البيانات الحسية.
3- هو عملية تحليل البيانات التي تأتي بها المجسات الحساسية.
4- هو عملية الاستنتاج إلى المفاهيم عن طريق تحويل الأفكار الحسية التي تأتي بها الإدراكات عن الأشياء الخارجية، وهي تمثيلات ذهنية محددة، وهي عملية لا شعورية ولها نتائجها التي تكون شعورية.
العلاقة بين الإحساس والإدراك:
لا يمكن الحديث عن عملية الإدراك في معزل عن عملية الإحساس، حيث يرتبط الإدراك بشكل أساسي بالإحساس، وهذا لا يعني تحديد أنهم عملية واحدة، ولكن توجد بعض الفروق بين هاتين العمليتين، ففي الإحساس عملية فيزيولوجية تتمثل في استقبال الإثارة الحساسة من العالم الخارجي، وتحويلها إلى نبضات كهروعصبية في النظام العصبي، في حين أن الإدراك هو عمليه تحليل لهذه النبضات وإعطائها المفاهيم الخاصة بها.
يعد الإدراك عملية نفسية لها بعدين بعد يرتبط بالإحساس من جهة وبعد معرفة يرتبط بالتفكير والتذكر من جهة أخرى، بحيث يتم تحليل الانطباعات الأساسية عن طريق الخبرات المحفوظة في الذاكرة، فعندما نقول هذه وردة صفراء في مثل هذا المعنى أو التحليل.
فقد جاء اعتماداً على الخبرات المخزنة سابقة والمرتبطة باللون والشكل وهكذا، ويمكن القول بأن الإحساس هو الوعي أو الشعور بوجود الشيء من خلال الإثارة القادمة عبر المجسات الحجازية، في حين أن الإدراك هو المعنى أو التحليل الذي يعطي لمثل هذه الإشارة اعتماداً على الخبرة الماضية.
وجهات النظر حول الإدراك في علم النفس المعرفي:
تختلف وجهات النظر إلى طبيعة الإدراك من حيث اعتباره عملية مباشرة أو عملية تقويم وتعديلات داخلية، بحيث يوجد العديد من هذه الوجهات في النظر، ويمكننا ذكر بعضها من خلال ما يلي:
وجهة النظر البيئية:
يعد كل من جبسن وتوفي وريد وميس من أكثر المدافعين عن هذه الوجهة، حيث ينظر هؤلاء إلى الإدراك على أنه عملية مباشرة لاشعورية، تعتمد بالدرجة الأولى على خصائص الأشياء الموجودة في العالم الخارجي، و التي تزودنا بها الطاقة المنبعثه عنها في الآثار الحسية التي تحدثها الطاقة المنبعثة عن الأشياء فيها.
ومن الخصائص ما يكفي لتمييزها والتعرف عليها دون الحاجة لتدخل النظام الاشتراكي وإلى إجراء عمليات داخلية توسيطية عليها، فالضوء المنعكس على الشيء الخارجي مثلاً فيه من الخصائص والمعلومات ما يكفي إلى تمييز هذا الشيء والتعرف عليه دون الحاجة إلى إجراء عملية التحليل الداخلي لهذه الآثار.
وحسب وجهة هذه النظر فإن النظام الاشتراكي لدينا يكون سلبي، وتتمثل مهمته في التقاط خصائص الأشياء والحوادث الخارجية، وتجميعها تماماً، كما يتم التزود بها من خلال المجسمات الحسية، دون أن يجري عليها أي تحويلات او معالجة ومن هذا المنطلق فإن دراسة الإدراك تتطلب دراسة طبيعية للمثيرات الخارجية التي يتفاعل معها، لأن مثل هذه الخصائص هي التي تعطي هذه المثيرات المعاني الخاصة بها.
وجهة النظر البنائية:
تؤكد وجهة النظر هذه إلى الطبيعة البنائية للإدراك، حيث تقدر أن الإدراك عملية تقييم تنبؤية للأشياء، وليست مجرد عملية مباشرة تقوم على تحديد السمات والصفات، التي تزودنا بها الطاقة الموجهة على الأشياء، ويعد العالم الألماني هيرمان الذي اشتهر في القرن التاسع عشر، من أوائل المدافعين عن وجهة النظر هذه.
وتؤكد وجهة النظر هذه عن المحتوى الفعال بنظامنا الاشتراكي، فهو يعمل على تعديل الإدراك والانطباعات الحسية، عن الأشياء الخارجية؛ من أجل تقييمها وتحليلها إلى عملية تعديل داخلية، ومثل هذه المعلومات يتم التزود بها عن طريق النظام الاشتراكي، اعتماداً على طبيعة العمليات المعرفية، المستعملة في التعديل والخبرات السابقة المحفوظة في الذاكرة.