مفهوم النمو في علم النفس:
التغيير أمر لا مفر منه كبشر، فنحن ننمو باستمرار طوال حياتنا، من الحمل حتى الموت، ويسعى علماء النفس إلى فهم وشرح كيف ولماذا يتغير الناس طوال الحياة، في حين أن العديد من هذه التغييرات طبيعية ومتوقعة، إلا أنها لا تزال تشكل تحديات يحتاج الأشخاص أحيانًا إلى مساعدة إضافية لإدارتها.
غالبًا ما نستخدم مصطلح النمو والتنمية بالتبادل، كمصطلحين مترادفين بالمعنى الدقيق للكلمة، بحيث يختلف النمو عن التنمية، وفي هذا المعنى الدقيق، يعني النمو في علم النفس زيادة في الحجم، وعندما نقول أن جسمًا أو أيًا من أجزائه قد نما، فهذا يعني أنه أصبح أكبر وأثقل.
تساعد قواعد النمو والتطوير المعياري المهنيين على اكتشاف المشكلات المحتملة، وتوفير التدخل المبكر لتحقيق نتائج أفضل، ويمكن لعلماء النفس التنموي العمل مع الناس من كافة الأعمار لحل حواجز الطرق ودعم النمو، على الرغم من أن البعض يختار التخصص في فئة عمرية محددة مثل الطفولة أو البلوغ أو الشيخوخة.
وبالتالي فإن الزيادة في حجم الطول والوزن التي يمكن قياسها تساهم في النمو، بالمعنى الدقيق للكلمة، تعني التغيير في الشكل أو الهيكل مما يؤدي إلى تحسين العمل أو الأداء للأفراد، في تحسين الأداء يعني تغييرات نوعية معينة تؤدي إلى النضج، بحيث لا يحدث النمو بشكل أكبر ولكنها تتطور أيضًا لأنها تتحسن في وظائفها، والزيادة في حجم وهيكل الأذرع تمكن الإنسان من استخدامها لوظائف أكثر تعقيدًا لم تكن ممكنة من قبل.
يتمثل مفهوم النمو على يد (جيزيل) بأن النمو هو دلالة أكثر ديناميكية تربط بين الحاضر بالماضي وتوجهه نحو المستقبل وإنه يركز على الاقتصاد الكلي للفرد، وبالتالي وبمعنى أوسع، يمكن استخدام النمو والتنمية بشكل مترادف.
يهدف النمو في علم النفس إلى تفسير وتشخيص وتنمية مراحل التطور والنمو للأفراد، ومن الضروري التركيز على الأساليب النموذجية للتغيير والنمو بشكل معياري، والتركيز على الفروق الفردية والاختلافات بين الأفراد سواء في الشكل أو الحجم أو المظهر الخارجي والعناصر الداخلية، فمهما تكون مسارات وأنماط النمو متشابه فلا بد من وجود الفروقات المتعددة.
يتناول علماء النفس العديد من الجوانب الخاصة بعملية النمو في علم النفس، بحيث يهتمون بالعمليات البيولوجية الداخلية، والعمليات الانفعالية العصبية، والعمليات المعرفية كالذكاء والإدراك والانتباه وغيرها، مما يثبت لنا أن عملية النمو تشتمل على التطور والنضج والتغيير.
أسباب النمو في علم النفس:
النمو هو نتيجة التفاعل بين النضج والتعلم، ووفقًا (لهورلوك)، يعني النضج التطوير أو الكشف عن السمات التي يحتمل أن تكون موجودة في الفرد، بسبب صفاته الوراثية من والديه وأسلافه الآخرين، ولا يعتمد بشكل مباشر على تجربة الطفل، ولكنه يتم تحفيزه والتأثر إلى حد ما بالعوامل البيئية المختلفة التي يتعامل معها.
وبالتالي فإن النمو هو عملية النمو الداخلي والخارجي التي لا تتأثر بالتدريب مثل النضج، بحيث يحدث معظم تطور ما قبل الولادة بسبب هذه العملية، بحيث قبل أن يطور الطفل القدرة على المشي، يجب أن تصل عضلات ساقيه إلى درجة معينة من النضج، وبمجرد أن يصل إلى هذا النضج، يبدأ في المشي، كما كان الأمر فجأة، وبالمثل، ينضج الفم والعضلات الأكبر حجمًا قبل أن يبدأ الطفل في الكلام.
عامل آخر يسبب النمو هو التعلم، ويتضمن التعلم التمرين والخبرة من جانب الفرد، وأنشطة الطفل الخاصة، وقد ينتج التعلم من الممارسة أو مجرد التكرار لفعل قد يؤدي، وبمرور الوقت إلى تغيير في سلوك الفرد، أو قد ينتج عن تدريب ليس سوى نوع من النشاط الانتقائي والموجه والهادف، والتعلم هو المسؤول عن السير بطريقة معينة وهو دلالة على التطور.
وتجدر الإشارة إلى أن النضج والتعلم مرتبطان ارتباطًا وثيقًا من حيث أنهما أسباب في عملية النمو، فأحدهما يؤثر أو يؤخر الآخر، والصفات التي يحتمل وجودها لن تتطور إلى أقصى حد لها دون جهد التعلم، ولن يكون أي قدر من الجهد أو التمرين من جانب الفرد أو أي قدر من التدريب كافياً لإحضار سمة إلى المعيار المرغوب إذا كانت السمة محدودة في إمكاناتها.
يوفر النضج كأحد أسباب النمو المادة الخام للتعلم، ويحدد إلى حد كبير الأنماط والتسلسلات الأكثر عمومية لسلوك الفرد، ومع ذلك، فإن هذا لا يقلل من أهمية التعلم أو التأثيرات البيئية على النمو أو التطور.