مفهوم وأنواع الموازنة في علم النفس

اقرأ في هذا المقال


يعبر مفهوم الموازنة في علم النفس عن توازن مفتوح وديناميكي بين متطلبات التكيف الخارجية والتنظيم الداخلي الذي يتغير استجابة للمتعارضات التي تولدها، حيث تشرح الخطوات الصغيرة في التعلم، كما هو الحال في الموازنات البسيطة من كائن إلى مخطط أو موازنة متبادلة للأنظمة الفرعية، ويشرح الانتقالات بين المراحل، عندما يتم إعادة تنظيم الكلية وتمييزها بقواعد أو مبادئ جديدة، كما أنه يوفر اتجاهًا عامًا لتطوير الهياكل المعرفية، فتعتبر الموازنة أداة بيولوجية تتكيف من خلالها جميع الكائنات الحية مع العالم وتغير نفسها للقيام بذلك.

مفهوم الموازنة في علم النفس

يعبر مفهوم الموازنة في علم النفس عن عملية إيجاد التوازن وهو تفسير بياجيه لكيفية نمو التعلم، حيث يحاول الأفراد موازنة فهمهم الحالي مع الأحداث أو البيانات الجديدة التي يواجهونها مع ما يعرفونه، بينما يحاولون الحفاظ على الاستقرار، فعندما يواجه الأفراد شيئًا غريبًا عن هياكل التعلم الخاصة بهم، تتم استعادة عدم التوازن الناتج من خلال مفهوم الموازنة.

نظر بياجيه إلى مفهوم الموازنة في علم النفس على أنها آلية بيولوجية ذاتية التنظيم لجميع الكائنات الحية تساعد الكائنات على التكيف مع البيئة الخارجية من خلال التغيير داخليًا من خلال التعلم، وليس عن طريق الطفرة، ويتم تطبيق نظريته إلى حد كبير على النمو المعرفي للأطفال.

حيث يتمثل النمو المعرفي في مجموعة من العوامل تتمثل في نضوج الجهاز العصبي، والتفاعلات الاجتماعية، والتفاعلات مع البيئة المادية، والتوازن، ومنها رأى بياجيه أن مفهوم الموازنة هي القوة الرئيسية التي تربطهما معًا، عندما ينضج الأطفال بيولوجيًا ويتفاعلون مع الأشخاص والأشياء، يجب عليهم الاستجابة حتى للمنبهات البيئية البسيطة، والعمل على هذه المنبهات العقلية والبدنية لفهم لقاءاتهم في العالم، ويتضمن كل لقاء موازنة مستمرة وإعادة التوازن، مما يؤدي إلى ما أسماه بياجيه دوامة المعرفة المتزايدة باستمرار.

التكيف و التنظيم والآليات النفسية المزدوجة هي التي تؤدي إلى التعلم والنمو المعرفي في مفهوم الموازنة في علم النفس، حيث أن التكيف هو التكيف مع البيئة من الخارج إلى الداخل، عند مواجهة أحداث أو أشياء أو إجراءات أو أفكار جديدة لا تتناسب مع هياكل التعلم الحالية، يتعين على الفرد استيعاب العناصر الجديدة وتعديل تلك الهياكل التنظيمية لاستيعاب   المعلومات الجديدة.

تسمى منظمات القواعد والمبادئ الهياكل المنطقية في مفهوم الموازنة في علم النفس، حيث يتم إعادة ترتيب العناصر بشكل مستمر ودمجها لتشكيل نظام معرفي شديد الترابط يسمح بتفكير أكثر تعقيدًا من أي وقت مضى، حيث تسمح الهياكل المنطقية بالتنبؤ والتخطيط للاحتمالات مما يؤدي إلى مستويات أعلى من التكيف، مع هذه الهياكل يصبح استخدام كل شيء جديد أداة لمزيد من التعلم.

أنواع الموازنة في علم النفس

تتمثل أنواع الموازنة في علم النفس من خلال ما يلي:

الموازنة البسيطة

تتمثل الموازنة البسيطة من موازنة الكائن إلى المخطط، حيث أن المخططات هي الهياكل العقلية وأنماط التفكير والعمل التي تسمح باستيعاب عناصر جديدة، مما يساعد على التكيف مع البيئة، على الرغم من أن بياجيه اعتبر أن المخططات تركز على الفعل، يمكن أيضًا اعتبار المفاهيم أو النظريات أو الأفكار مخططات إذا كانت لديها قوة استيعابية.

الموازنة المتبادلة

تعتبر الموازنة المتبادلة هي الموازنة بين المخططات التي تبني النظم الفرعية، والقواعد المطبقة على العديد من المخططات، حيث يمكن تطبيق المبدأ المركب في نظرة ثاقبة حول الاستخدامات المتعددة في قيام الطفل بالتلوين والقص، مع السؤال ماذا يمكنني أن أفعل به أيضًا؟

معادلات المجاميع

تتمثل معادلات المجاميع في الموازنات الهرمية التي يتم فيها تمييز الكلية إلى أجزاء ثم يتم دمج الأجزاء مرة أخرى في الكل، حيث يتم بناء المبادئ التي تنطبق على تجارب متعددة، ومنها اعتبر بياجيه هذا النوع هو سر التطور والانتقال من مرحلة إلى أخرى، على سبيل المثال ينتقل الطفل إلى مرحلة التشغيل الملموسة من الاستدلالات من خلال بناء قواعد الحفاظ على الهوية، والمعاملة بالمثل، وقابلية الانعكاس.

قد تحدث موازنة ومعادلات المجاميع بخلاف تقدم المرحلة فقط، خاصة إذا تم تطبيقها على فكر الكبار، فقد توجد الخبرة في منطقة معينة بهياكل متطورة للغاية ومبدئية ومتكاملة للغاية ومتباينة في هذا المجال، وقد تكون هناك أيضًا مجالات معرفة جديدة أو أقل تطورًا، وبالتالي يمكن للفرد أن يعمل على مستويات تعليمية مختلفة، وقد يكون هناك العديد من الإجماليات شبه المستقلة أو الإجماليات الفرعية التي لديها القدرة على الاتصال ببعضها البعض.

يطور الأفراد الموهوبين والمبدعين هياكلهم العقلية بشكل مختلف نوعًا ما، حيث يوجد جهد مستمر في بناء القواعد والاتصال بين المخططات، يتيح ذلك للمتعلمين القادرين أن يكونوا أكثر توازناً بشكل متناقض لأنهم يتوقعون الاحتمالات وأقل توازناً لأن هناك الكثير من المتعارضات لتقديم طرق التفكير.

العلاقة بين الموازنة ونمو المرحلة في علم النفس

التكيف من خلال الاستيعاب والإقامة والتنظيم من خلال تطور الهياكل أو المراحل الأكثر تقدمًا هي كيفية ارتباط الموازنة ونمو المرحلة، حيث يمكن التعبير عن هذه العلاقة من خلال الصيغة في العلاقة بين التكيف والتنظيم التي تعتبر تكاملية.

فعلى الرغم من حدوثهما في وقت واحد، يمكن أن يكون التركيز على أحدهما أو الآخر، ولكن ليس كلاهما في نفس الوقت، هذه العلاقة هي أيضًا متبادلة ذات أسهم ثنائية الاتجاه، مرتبطة بعمليات الاستيعاب والتكيف غير المنفصلة، وعندما تصبح الهياكل العقلية للفرد منظمة ومبدئية بشكل متزايد تزداد القدرة على التكيف بنجاح.

يتم الحفاظ على هياكل المعرفة الحالية وإثرائها مع اكتشاف تجارب جديدة ودمجها في مفهوم الموازنة، حيث تؤثر مرحلة التطور ومستوى الذكاء على تحقيق التوازن، والذي يكون دائمًا مؤقتًا، وتحدث بذور عدم التوازن الجديد في كل موازنة حيث توجد دائمًا أسئلة أو صراعات جديدة.

النزاع في مفهوم الموازنة في علم النفس

الاضطرابات والفجوات والتناقضات أو المتعارضات لتقديم الهياكل المعرفية هي المحفزات للتقدم المعرفي والمحرك الديناميكي للتوازن في مفهوم الموازنة، فعندما يكون الأفراد في حالة من عدم التوازن، يحاولون العودة إلى حالة التوازن من خلال التعويض عن عدم التوازن من خلال عملية التوازن البناءة، ومنها يجب أن يكون الحيرة أو المشكلة حقيقية بالنسبة للفرد، ويجب أن يكون حديثًا إلى حد ما، وليس غريبًا جدًا على هياكل التعلم، وغير مألوف جدًا حتى يحدث التعلم.

بمعنى آخر يجب أن يكون الفرد قد أنشأ بالفعل هياكل عقلية أولية يمكنها التعامل مع الجانب الجديد، إذا كان العنصر غريبًا جدًا فسيتم تجاهله أما إذا كان الأمر مألوفًا بالفعل، فلن يحدث أي تعلم والتجاهل هو أحد طرق التعويض.

المصدر: مبادئ علم النفس الحيوي، محمد أحمد يوسف.الإنسان وعلم النفس، د.عبد الستار ابراهيم.علم النفس العام، هاني يحيى نصري.علم النفس، محمد حسن غانم.


شارك المقالة: