منزلة الزوجة في الإسلام

اقرأ في هذا المقال


هناك تأكيد قوي على مكانة الزوجة في كثير من الآيات والأحاديث النبوية الشريفة، في هذا اليوم وهذا العصر الذي غالبًا ما يتم فيه تجسيد دور المرأة، يقوم الإسلام بإجراء الإصلاحات اللازمة للسماح بتقدم ونمو الحياة الأسرية من خلال تكريم مكانة الزوجة، تشمل الأساليب المتبعة في حماية حقوق الزوجة في الإسلام ووضع القوانين فيما يتعلق بالاحترام والمهر والالتزامات المالية.

مكانة الزوجة في الإسلام

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “اتَّقوا اللهَ في النساءِ؛ فإنَّكم أخذتُموهنَّ بأمانةِ الله، واستحلَلْتُم فروجَهنَّ بكلمةِ الله، وإنَّ لكم عليهنَّ ألَّا يُوطِئْنَ فُرُشَكم أحًدا تكرهونَه، فإنْ فعَلْنَ ذلك فاضرِبوهنَّ ضربًا غيرَ مُبَرِّحٍ، ولهنَّ عليكم رِزقُهنَّ وكِسوتُهنَّ بالمعروفِ”، الحديث صحيح.

قال الله تعالى في محكم كتابه: “يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا”، النساء، آية 1، هذا تأكيداً على هذا التصور النبيل والطبيعي، الذي أكده الله تعالى في كتابه العزيز على طبيعة العلاقة بين الزوج والزوجة ومكانتها، فقد خلقها الله تعالى وزوجها من نفس واحدة.

الواجبات الدينية للزوجة

يقدم القرآن الكريم دليلاً قاطعًا على أن المرأة مساوية تمامًا للرجل في نظر الله تعالى في حقوقها وواجباتها، يقول القرآن الكريم: “كُلُّ نَفْسٍۢ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ”، المدثر، 38.

وذلك من حيث الواجبات الدينية، مثل الصلاة اليومية والصيام والزكاة والحج، لا تختلف المرأة عن الرجل، في بعض الحالات، تتمتع المرأة بالفعل بمزايا معينة على الرجل، فمثلاً تعفى المرأة من أداء الصلاة والصيام في حيضها وأربعين يوماً بعد الولادة، كما تُعفى من الصيام أثناء الحمل وعند إرضاع طفلها إذا كان هناك أي خطر على صحتها أو صحة طفلها، إذا كان صومها واجباً كشهر رمضان، فإنها تقضي ما فاتها من الأيام، ولا يلزمها قضاء ما فاتها من الصلوات.

من الواضح أن هذا لمسة رقيقة من التعاليم الإسلامية؛ لأنها تراعي حقيقة أن المرأة قد ترضع طفلها أو ترعاه، وبالتالي قد لا تتمكن من الخروج إلى المسجد وقت الصلاة، كما يأخذ الدين الإسلامي الحنيف في الاعتبار التغيرات الفسيولوجية والنفسية المرتبطة بوظائفها الأنثوية الطبيعية.

وعلى الرغم من القبول الاجتماعي لوأد البنات بين بعض القبائل العربية القديمة، إلا أن القرآن الكريم نهى عن هذه العادة، واعتبرها جريمة مثل أي جريمة قتل أخرى، وذكر الله تعالى هذا في كتابه العزيز الذي حرم وأد البنات، قال تعالى: “وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأيّ ذَنْبٍ قُتلَتْ”، التكوير ،8.

ينتقد القرآن الكريم مواقف الآباء الرافضين لأبنائهم، كان في الجاهلية عندما يصل أحد منهم خبر عن ولادة أنثى، يغمقّ وجهه ويمتلئ حزنًا داخليًا بالعار، يختبئ عن قومه بسبب الأخبار السيئة التي وصلته، ويبقى في حيرة هل يحتفظ بها على معاناة واحتقار أم يدفنها في التراب؟ ولكن عندما أتى الإسلام حرم ذلك وكرم المرأة طفلةً كانت أم أمًا أو زوجًا، ويطلب الإسلام معاملة طيبة وعادلة للمرأة من الزوج والأب والابن والأخ وغيرهم.

يشير القرآن الكريم بوضوح إلى أن الزواج هو تقاسم بين شطري المجتمع، وأن أهدافه إلى جانب إدامة حياة الإنسان هي الرفاه العاطفي والانسجام الروحي، قواعدها المحبة والرحمة بين الزوجين، وفقًا للشريعة الإسلامية، لا يمكن إجبار المرأة على الزواج من أي شخص دون موافقتها.

وهناك أحكام أخرى خاصة بحماية الزوجة وقت الزواج، فقد أعطى الدين الإسلامي للزوجة بوجه التحديد أن  لها الحق الكامل في مهرها، وهو هدية زواج، يقدمها لها زوجها ويدخلها عقد الزواج، إن مفهوم المهر في الإسلام ليس ثمنًا فعليًا أو رمزيًا للمرأة كما كان الحال في بعض الثقافات، بل هو هدية ترمز إلى الحب والعاطفة.

قواعد الحياة الزوجية في الإسلام واضحة ومنسجمة مع الطبيعة البشرية المستقيمة، بالنظر إلى التركيبة الفسيولوجية والنفسية للرجل والمرأة، فإن كلاهما له حقوق ومطالبات متساوية على الآخر، باستثناء مسؤولية واحدة، وهي مسؤولية القيادة، هذا أمر طبيعي في أي حياة جماعية وهذا يتوافق مع طبيعة الإنسان.

وهذا يشير إلى الاختلاف الطبيعي بين الجنسين الذي يمنح الجنس الأضعف الحماية، إنه لا يعني أي تفوق أو ميزة أمام الشريعة الإسلامية، ومع ذلك فإن دور الرجل في القيادة فيما يتعلق بأسرته لا يعني ديكتاتورية الزوج على زوجته، يؤكد الإسلام على أهمية أخذ المشورة والاتفاق المتبادل في قرارات الأسرية.

بما أن حق المرأة في اتخاذ قرار بشأن زواجها معترف به، كذلك يُعترف بحقها في السعي لإنهاء زواج فاشل، ولكن لضمان استقرار الأسرة، وحمايتها من القرارات المتسرعة في ظل ضغوط عاطفية مؤقتة، يجب مراعاة بعض الخطوات وفترات الانتظار من قبل الرجال والنساء الذين يطلبون الطلاق، بالنظر إلى الطبيعة العاطفية للمرأة نسبيًا، يجب تقديم سبب وجيه لطلب الطلاق أمام القاضي، ومع ذلك يمكن للمرأة مثل الرجل، تطليق زوجها دون اللجوء إلى المحكمة، إذا كان عقد الزواج يسمح بذلك.

فرض الإسلام حقاً حرمته المرأة قبل الإسلام وبعده هو حق الملكية المستقلة، وفقًا للشريعة الإسلامية، فإن حق المرأة في مالها أو عقاراتها أو ممتلكاتها الأخرى معترف به تمامًا، ولا يتغير هذا الحق سواء كانت عزباء أو متزوجة، تحتفظ بكامل حقوقها في شراء أو بيع أو رهن أو تأجير أي من ممتلكاتها أو جميعها، لم يُشر في أي مكان في القانون الإسلامي إلى أن المرأة قاصر لمجرد كونها أنثى، وتجدر الإشارة أيضًا إلى أن هذا الحق ينطبق على ممتلكاتها قبل الزواج وكذلك على ما تكتسبه بعد ذلك.

وأما حق المرأة في البحث عن عمل فالإسلام شرع للمرأة العمل خارج المنزل سواء متزوجة أو غير متزوجة، لكن ينبغي أن يذكر أولاً أن الإسلام يعتبر دورها في المجتمع كأم وزوجة أقدس وأساسي، لا يمكن للخادمات ولا جليسات الأطفال أن يأخذوا مكان الأم كمعلمة للأطفال وتربيتهم بعناية.

احترام الزوجة في الإسلام

ومن الجدير بالذكر أيضًا أن المكانة التي وصلت إليها المرأة في العصر الحالي لم تتحقق بسبب لطف الرجل أو بسبب التقدم الطبيعي، بل تم تحقيقه من خلال كفاح طويل وتضحية من جانب المرأة، عندما احتاج المجتمع إلى مساهمتها وعملها، وبسبب تصاعد التغير التكنولوجي.

في حالة الإسلام، فرض  الإسلام مثل هذه المكانة الرحيمة والكرامة للمرأة؛ ليس لأنها تعكس بيئة القرن الثاني والعشرين، ولا تحت تهديد أو ضغط النساء ومنظماتهن، بل بسبب صدقها وطبيعتها الجوهري التي خلقها الله عليها، إذا كان هذا يشير إلى أي شيء، فإنه يدل على الأصل الإلهي للقرآن الكريم وصدق رسالة الإسلام، والتي على عكس الفلسفات والأيديولوجيات البشرية، كانت بعيدة كل البعد عن بيئتها البشرية، فالإسلام أرسل رسالة أرست مبادئ إنسانية لم يقدم خلال هذا الوقت وبعده مثل هذه المكانة العظيمة للزوجة.

إن أول وأهم حق للزوجة على زوجها هو أن تعامل باحترام ولطف، من الضروري الاعتراف بالمكانة التي تحتلها الزوجات في الأسرة كشريكات متساويات مع أزواجهن، لكن الشريعة الإسلامية تذهب إلى أبعد من ذلك لحماية حقوق المرأة في الزواج، خاصة بسبب الاضطهاد الذي واجهتهن تاريخياً في فترة ما قبل الإسلام، في الوقت الذي دفنت فيه الفتيات أحياء وبيعت النساء كممتلكات، قدم القرآن الكريم  ورسول الله محمد صلى الله عليه وسلم خريطة الطريق لما يبدو عليه احترام الزوجة ورعايتها.


شارك المقالة: