يقوم علم نفس النمو بالتركيز على مراحل نمو الفرد من أول مرحلة وهي الجنينية وصولاً إلى مرحلة الشيخوخة، حيث يقوم بالتطرُّق إلى مظاهر النمو في المراحل العمرية وكيف تكون وبماذا تتصف، كذلك يتطرّق لصفات كل مظهر من المظاهر ومدى تاثيره على نمو الفرد وأنواع الغدد القنوية والغدد الصماء وأماكن تواجدها وتاثير هرموناتها على النمو في حالتي الزيادة والنقصان في الإفراز، كما أنّه يتحدث عن تاثير البيئة على الأم ومدى انتقال الآثار للجنين.
يتطرّق علم نفس النمو لعدد من أنواع النمو ومنها؛ النمو الجسدي والحركي واللغوي والعقلي، كذلك يدرس كيف تؤثر الانفعالات على الفرد؛ كالخوف والقلق والخجل والغيرة، يدرس أيضأً سلوك الأطفال والمراهقين العدوانيين والأسباب التي تدفعهم للسلوك العدواني، يدرس بعض السلوكات غير المرغوبة؛ كالكذب والسرقه التي قد يقوم بها الطفل أو المراهق، كما يبحث في دور التنشئة الاجتماعيه في النمو السليم للفرد ويذكر أهم أدوار علماء النفس.
أهمية دراسة علم نفس النمو:
يركّز علم نفس النمو على كل تغيرات الفرد السلوكية؛ كالجسمية والاجتماعية والانفعالية؛ التي تظهر على الفرد أثناء مراحل نموه من لحظة الاخصاب وحتى الموت؛ ذلك من أجل فهم القوانين والمبادئ التي تفسِّر جوانب السلوك في مراحل العمر، كذلك أسباب التغير الذي يحدث من مرحلة عمرية لأخرى، إنّ دراسة سيكولوجية الطفولة مهمة بحد ذاتها بالنسبة لفهم مرحلة المراهقة، فهذه المرحلة مهمة لدراسة مرحلة الرشد؛ ثم فهم مرحلة الشيخوخة ودراستها؛ أمّا أهمية علم نفس النمو فهي كالتالي:
من الناحية النظرية والتطبيقية:
- تزداد معرفة الإنسان لطبيعته وعلاقته بالبيئة التي تحيط به.
- يحدد المعايير الخاصة بمظاهر النمو في المراحل المختلفة؛ كمعايير النمو العقلي والجسدي.
- يوجه الأطفال والمراهقين والبالغين والكبار في السن، كما أنّه يتحكّم بالعوامل التي تؤثر على النمو وتساعد على التغيّر الذي نفضله على غيره.
- من الممكن أن نقيس مظاهر النمو المتعددة من خلال مقاييس علمية؛ تساعد الأفراد إذا تم التأكيد على وجود شذوذ في النمو .
بالنسبة لعلماء النفس:
- يتمكن علماء النفس في هذا المجال من تقديم المساعدة للأطفال والمراهقين والبالغين وكبار السن؛ ذلك من خلال استخدام الإرشاد النفسي.
- يدرس علماء النفس قوانين ومبادئ النمو، كما يحددوا المعايير التي تدل على وجود انحراف أو اضطراب أو شذوذ في سلوك الفرد، بالتالي تسهيل عملية علاج هذا الانحراف على العلماء والتغلب عليه.
نشأة علم نفس النمو وتطوره:
تم وضع بذرة علم نفس النمو الأولى في تعاليم الدين والتأمل الفلسفي، كما قام علماء النفس وبعض الفلاسفة مع مرور الزمن أن يركّزوا على النمو، قامت كتب التاريخ بالتأكيد على أنّ أخناتون في الحضارة المصرية القديمة قد حاول أن يصوِّر حياة الجنين في تطورها، أما في الحضارة الإغريقية واليونانية فقد قام أفلاطون بالتكلُّم عن التكاثر وعرَض مبادئ النمو عند الطفل وخصائصه في المراحل المختلفة، قام أرسطو كذلك بالاهتمام بنمو فردية الطفل وأكد على أهمية الأسرة كعامل مؤثر في عملية التنشئة الاجتماعية.
قام جون لوك في القرن 17 بتفسير عادات ودوافع الطفل وكيف تهر وأنواعها، كما قال أنّ الطفل عندما يولد يكون عقله صفحة بيضاء، كما ركّز على مراعاة ميول الأطفال وتجنّب إجبارهم على أي سلوك لا يتفق مع طبيعته، أمّا في القرن 18 فقد كتب جان جاك في كتابه عن أعطاء الطفل وحريته المطلقة من أجل التعبير عن نزعاته الطبيعية وتنمية مواهبه وقدراته الفطرية، كما أكّد روسو أنّ الطفل يعتبر كان بدائي وخيِّر بطبيعته، فلا تُفسد أحواله إلّا بسبب تدخل الكبار، فعليهم ألّا يفرضوا آرائهم وسلوكهم على الطفل.
في القرن 19 قامت نظريات بستالوزي الذي تأثر بآراء روسو بالتأثير في تربية الأطفال، فجاء من بعده فروبيل وتيدمان بآرائهم حول النمو والمراحل الخاصة به وقوانينه، أمّا بالنسبة للعرب والمسلمين فقد قاموا بتقسيم مراحل النمو التي تبدأ بالجنين فالوليد والفطيم والدارج والخماسي والمثغور والمترعرع الناشئ واليافع المراهق، أمّا في العصور الحديثة فقد تقدمت وسائل البحث والدراسات التجريبية واتجه نشاط العلماء نحو دراسة مظاهر النمو المتكاملة في مراحله المتتابعة وكيف يسلك الأطفال والمراهقون.
ساهم العديد من علماء التربية مثل جون ديوي في القرن 20، فقد قام بالتركيز على العمل وأهميته وتأثير نشاط الطفل على تربيته خلال مراحل نموه، أما جان بياجيه وإريك إريكسون فقد قاما بجهود كبيرة في مجال دراسة النمو العقلي والنفسي والاجتماعي، حيث توالت الدراسات والبحوث الجديدة في علم نفس النمو في الوقت الحاضر بدرجة كبيرة حتى نجد الكثير من المجلات العلمية تنشر بحوث في مجال علم نفس النمو.