وجهة نظر النظرية التحليلية للاضطراب النفسي

اقرأ في هذا المقال


الاضطرابات النفسيّة هي نمط سلوكي وسيكولوجي ونفسي وسلوكي، ينتج لدى الفرد نتيجة شعوره بالضيق أو العجز، حيث تعتبر هذه الاضطرابات نمواً غير طبيعياً في المهارات العقليّة، يُعتقد أنّها تحدث نتيجة ظهور بعض المشاكل في عصبونات الدِّماغ؛ ذلك بسبب التفاعل المعقَّد الذي يحدث بين العوامل الوراثيّة والتجارب الحياتيّة التي يمرُّ بها الفرد. يری فروید أنَّ التكوين البيولوجي والوراثي والنفسي للطفل، يمثِّل العوامل التي تسهم في نشأة الاضطراب النفسي، يأتي الإنسان إلى الدنيا كطفل له جوانب عجز كثيرة هذا العجز يولِّد الموقف الأوَّل للخطر من ثمَّ القلق والخوف من فقدان حاجات متعدِّدة منها المحبَّة.

أسباب الاضطرابات النفسية بالنسبة لفرويد

  • إحباط الرَّغبات الجنسية عن طريق الأنا الذي ما زال ضعيفاً مقابل الرَّغبات الجنسيَّة، ينشأ الإحباط كردِّ فعل للقلق، حيث يتوقَّع الأنا أنّ إشباع الرَّغبة الجنسيَّة سيؤدِّي إلى الخطر، فيكبت هذه الرَّغبة الخطيرة في مرحلة الطفولة، عن طريق الکبت فإنَّ الأنا يستعيد جانب من تنظيمه وتبقى الرَّغبة المكبوتَة غير متاحةٍ.
  • التحويل المُمكن للرّغبات الجنسية المحيطة إلى أعراض عصابية، الَّتي تعتبر إشباعات بديلة للرَّغبات الجنسيَّة المضبطة، لا ينتج دائماً عن الكبت تكوين أعراض، ففي حالات الحلِّ النَّاجح للعقدة الأوديبية، قد يُجرى تدمير للرَّغبالت المكبوتة وتحول طاقاتها إلى استخدامات أُخرى.
  • عدم ملاءمة الكبت مع استيقاظ وشدَّة الجنسيَّة عند البلوغ بعد أن كان فعّالاً خلال الطفولة وفي أثناء فترة الكمون، بذلك يعيشُ الفردُ صراعاً عصابياً.
  • الطريقة غير المُرضيَّة التي ينظِّم بها المجتمع الأمور الجنسية، من شأن الأخلاق أو الأنا الأعلى أن يطلب التضحية بالرّغبات الجنسية لصالح المجتمع.
  • الصِّراع بين الأنا والأنا الأعلى والهو. تقع مسؤولية القيادة على الأنا التي تحاول حلَّ الصراعِ بين الهو والأنا الأعلى وإقامة التوازن بينهما.
  • أساليب التعلُّم الخاطئة في مرحلة الطفولة خاصَّة في السنوات الخمس الأولى من عمر الطِّفل، إذ ينشأ العصاب في الطفولة، إلَّا أنّ أعراضه قد لا تظهر إلَّا في وقت متأخِّر عند التعرُّض لضغط أو أزمة جنسية، تشابه ذلك الاضطراب المكبوت أو الأثر المترتِّب عليه، أيّ أنَّ العصاب يستمر لأنّ عملية الكبت لا شعورية، بالتالي لا قدرة للأنا الأعلى للوصول إلى المواد المكبوتة في اللاشعور حتى تحلَّ الصِّراع، أيّ أنَّ تكوين الأعراض العصابية بسبب الظروف المتوافرة لها توجد عن طريق إعادة جدولة الرّغبات الجنسية المحيطة. تستمرُّ الأعصبة بناءً على الطريقة غير المشبعة أو غير المرضية التي تنظِّم بها الجماعة الأمور الجنسيَّة، إذ أنّه على الأنا والأنا الأعلى التضحية بالرَّغبات الجنسية بشكل أكبر عمَّا هو ضروري أو مرغوب فيه.

وجهة نظر النظرية التحليلية للاضطراب النفسي

النظرية التحليلية، والتي يُشار إليها غالبًا بالتحليل النفسي، تأسست على يد سيغموند فرويد في أواخر القرن التاسع عشر. تهتم هذه النظرية بفهم السلوك البشري والاضطرابات النفسية من خلال استكشاف العقل الباطن وتأثير التجارب الطفولية المبكرة. تؤكد النظرية على أن العديد من الاضطرابات النفسية تنشأ نتيجة صراعات داخلية غير محلولة.

الأسس النظرية للتحليل النفسي

1- العقل الباطن: يرى التحليل النفسي أن العقل الباطن يلعب دورًا كبيرًا في تشكيل السلوكيات والمشاعر. يعتقد فرويد أن الرغبات والدوافع المكبوتة قد تؤدي إلى اضطرابات نفسية إذا لم تُحل بشكل صحيح.

2- الصراعات الداخلية: يتصور فرويد العقل البشري على أنه ساحة للصراعات بين الهو (Id) والأنا (Ego) والأنا العليا (Superego). ينشأ الاضطراب النفسي عندما تفشل الأنا في تحقيق التوازن بين رغبات الهو ومطالب الأنا العليا.

3- التجارب الطفولية: تؤكد النظرية على أن تجارب الطفولة، وخاصة العلاقات مع الوالدين، لها تأثير عميق على النفسية وتساهم في تطور الاضطرابات لاحقًا في الحياة.

4- آليات الدفاع: طور فرويد مفهوم آليات الدفاع، وهي استراتيجيات نفسية يستخدمها الفرد لحماية الأنا من القلق الناتج عن الصراعات الداخلية. عندما تُستخدم هذه الآليات بشكل مفرط أو غير مناسب، قد تسهم في ظهور اضطرابات نفسية.

الاضطراب النفسي من منظور التحليل النفسي

1- القلق: يُعتبر القلق إشارة على وجود صراع داخلي. يعتقد فرويد أن القلق ينشأ عندما تظهر رغبات مكبوتة إلى السطح، مما يؤدي إلى الشعور بعدم الراحة. يستخدم الأفراد آليات الدفاع للتخفيف من هذا القلق، ولكن إذا كانت هذه الآليات غير فعالة، فقد يؤدي ذلك إلى اضطرابات القلق.

2- الاكتئاب: يُنظر إلى الاكتئاب على أنه نتيجة لفقدان أو فراق لم يتم حله في الطفولة. يُعتبر الحزن الداخلي والشعور بالذنب من العوامل الأساسية في تطور الاكتئاب.

3- الوسواس القهري: يُفسر الوسواس القهري على أنه نتاج لصراع داخلي بين الرغبات المكبوتة ومعايير الأنا العليا الصارمة. تمثل الأفعال القهرية محاولة للسيطرة على القلق الناتج عن هذه الصراعات.

4- اضطرابات الشخصية: تنشأ اضطرابات الشخصية من أنماط مستدامة من التفكير والسلوك التي تتطور في الطفولة نتيجة لتجارب وعلاقات غير صحية. تُعتبر آليات الدفاع غير الناضجة عنصرًا رئيسيًا في هذه الاضطرابات.

العلاج من منظور التحليل النفسي

1- التداعي الحر: يُشجع المعالجون الأفراد على التحدث بحرية عن أفكارهم ومشاعرهم. يهدف هذا إلى كشف المواد المكبوتة والصراعات الداخلية.

2- تحليل الأحلام: يُستخدم لفهم الرغبات المكبوتة والمعاني الخفية وراء الأحلام. يرى فرويد أن الأحلام هي طريق إلى العقل الباطن.

3- نقل المشاعر: يتمثل في نقل الفرد لمشاعره تجاه شخصيات مهمة من ماضيه إلى المعالج. يُعتبر فهم ونقل هذه المشاعر جزءًا مهمًا من العلاج.

4- التفسير: يُقدم المعالجون تفسيرات للصراعات والدوافع المكبوتة بناءً على ما يكشفه الفرد خلال الجلسات. يهدف التفسير إلى تحقيق البصيرة الذاتية والتحرر من الصراعات الداخلية.

النقد والتحسينات لوجهة نظر النظرية التحليلية للاضطراب النفسي

على الرغم من أن التحليل النفسي قدم رؤى عميقة حول العقل البشري، إلا أنه تعرض لانتقادات بسبب تركيزه الزائد على الجنس والعدوان، واعتماده على تفسير المعالج بدلاً من الأدلة العلمية القاطعة. كما أن أساليبه قد تكون طويلة الأمد وغير عملية لبعض الأفراد.

تُعتبر النظرية التحليلية أحد الأسس الرئيسية لفهم الاضطرابات النفسية من خلال التركيز على العقل الباطن والتجارب المبكرة. بينما قد تكون بعض مفاهيمها مثيرة للجدل، إلا أنها قدمت إسهامات قيمة في تطوير طرق العلاج النفسي وفهم سلوكيات الأفراد.


شارك المقالة: