نقاط القوة الإيجابية في علم النفس الإيجابي

اقرأ في هذا المقال


علم النفس الإيجابي هو مجال أكاديمي صارم، يشمل نقاط القوة في الشخصية والعلاقات الإيجابية والتجارب الإيجابية والمؤسسات الإيجابية، إنه الدراسة العلمية لما يجعل الحياة تستحق العيش؛ بحيث تؤكد أنّ ما هو جيد في الحياة حقيقي مثل ما هو سيء، على الرغم من أن علم النفس الإيجابي يركز على ما هو صحيح في الحياة، إلا أنه لا يتجاهل الخطأ الذي يحدث، لا يمكننا تجاهل السلبية بل يجب أن تكون ظروف الشدائد سواء كانت خارجية أو داخلية؛ جزء مما نتناوله في مناقشة نقاط القوة الإيجابية.

نقاط القوة الإيجابية في علم النفس الإيجابي:

المسامحة والامتنان والتواضع هي ثلاث نقاط قوة إيجابية رئيسية كانت محور برامج البحث المستدامة في علم النفس الإيجابي:

المغفرة:

إنّ المغفرة أمر ضروري لعلاقات منسجمة طويلة الأمد بين الأفراد؛ سواء بين الزوجين أو الثنائيات أو الجماعات، على مستوى الفرد يمكن لمغفرة الذات أن تساعد المرء على تحقيق السلام الداخلي وكذلك السلام مع الآخرين، يمكن أن تؤدي الإساءة إلى الآخرين إلى الشعور بالذنب وكراهية الذات، يمكن للاستياء أن يتخلى عن الكراهية والتعصب، كما يمكن أن يكون التسامح وسيلة للشفاء، إنها اللبنة الأساسية لعلاقات المحبة مع الآخرين؛ فعندما يقوم شخص أو أمة بعمل ما لإيذاء شخص آخر، يمكن أن تتضرر العلاقة بينهما بشكل لا رجعة فيه.
نظراً لأن إمكانية الصراع مبنية على ما يبدو في الطبيعة البشرية، فقد تبدو احتمالات السلام على المدى الطويل باهتة، يقدم الغفران طريقة أخرى، إذا استطاعت الضحية أن تسامح الجاني فقد يتم استعادة العلاقة وربما حتى حفظها من الإنهاء، إنّ جوهر التسامح هو أنه يخلق إمكانية للعلاقة للتعافي من الضرر الناجم عن جريمة الطرف المخالف، بالتالي فإن الغفران هو عملية مؤيدة للمجتمع ويمكن أن تفيد الحياة الاجتماعية البشرية من خلال مساعدة العلاقات على الشفاء، على المستوى الاجتماعي قد يكون التسامح هو العنصر الحاسم اللازم للسلام العالمي.

الامتنان:

من الصعب أن نشعر بالحزن عندما نشعر بالامتنان، يجب أن نتدرب على تقديم الشكر وحتى على شيء صغير، كل يوم، الامتنان هو شعور بالتقدير أو الشكر واستجابة لتلقي المنفعة، أنتج علم الامتنان الناشئ بعض النتائج المهمة من الطفولة إلى الشيخوخة، توثق الأدلة المتراكمة مجموعة واسعة من الفوائد النفسية والجسدية والعلائقية المرتبطة بالامتنان؛ فالامتنان مهم ليس فقط لأنه يساعدنا على الشعور بالرضا، لكن لأنه يلهمنا لفعل الخير، الامتنان يشفي الحياة وينشطها ويغيرها بطرق لا تُعد ولا تحصى ويتفق مع فكرة أن الفضيلة هي مكافأتها وتنتج مكافآت أخرى.
تم العثور على الامتنان السلوكي وهو صفات مرتبطة بشكل إيجابي؛ مثل التعاطف والتسامح والاستعداد لمساعدة الآخرين، على سبيل المثال الأشخاص الذين صنفوا أنفسهم على أنهم يتمتعون بتصرف ممتن يرون أنهم يتمتعون بخصائص مفيدة اجتماعياً أكثر، عندما يعبر الناس عن شعورهم بالامتنان والتقدير في حياتهم اليومية، فإنهم يشعرون أيضاً بمزيد من المحبة والتسامح والبهجة والحماس، تجدر الإشارة إلى أن العائلة والأصدقاء والشركاء وغيرهم ممن يحيطون بهم أفادوا باستمرار أن الأشخاص الذين يمارسون الامتنان يُنظر إليهم على أنهم أكثر فائدة وأكثر انفتاح وتفاؤل وأكثر جدارة بالثقة.
من المرجح أن يرفع التعبير عن الامتنان لنعم الحياة؛ أي الشعور بالتساؤل والشكر والتقدير والسعادة لعدد من الأسباب، يعزز التفكير بالامتنان تذوق تجارب ومواقف الحياة الإيجابية، حتى يتمكن الناس من استخراج أقصى قدر ممكن من الرضا والتمتع من ظروفهم، فقد يؤدي احتساب حسنات المرء إلى مواجهة آثار التكيف وهي العملية التي يعود بها مستوى سعادتنا إلى نطاقه المحدد، من خلال منع الناس من أخذ الأشياء الجيدة في حياتهم كأمر مسلم به.
كشف علم الامتنان عن بعض النتائج المدهشة مثل الطلاب الذين يمارسون الامتنان يزيدون متوسط ​​درجاتهم، كذلك تدوين يوميات الامتنان العرضي يعزز الرفاهية أكثر من الممارسة المعتادة، إنّ تذكر الأحزان والفشل والتجارب المؤلمة الأخرى أكثر فائدة للسعادة من تذكر النجاحات فقط، إن إدراك أنّ تجربة ممتعة للغاية على وشك الانتهاء تعزز مشاعر الامتنان لها، أيضاً التفكير في عدم وجود شيء إيجابي في الحياة ينتج عنه امتنان وسعادة أكثر من تخيل وجوده.

التواضع:

أحد جوانب التواضع هو الوعي بالقليل نسبياً الذي يمكن للمرء أن يعرفه حقاً عن العالم، على الرغم من أنّ الجذور الاشتقاقية للتواضع في حالة تواضع وتحقير للذات، فإن الإجماع الناشئ بين العلماء هو أن التواضع أمر نفسي، لا يوجد تعريف بسيط ولكن يبدو أنه يتضمن العديد من العناصر مثل ؛ إحساس واضح ودقيق (لا يستهان به) بقدرات الفرد وإنجازاته، القدرة على الاعتراف بأخطاء المرء وعيوبه وثغراته في المعرفة والقيود، الانفتاح على الأفكار الجديدة والمعلومات المتناقضة والنصائح التي تبقي قدرات الفرد وإنجازاته في منظورها الصحيح، كذلك تركيز منخفض على نسيان الذات.
إنّ الناجحين هم أناس متواضعين وهم أكثر عرضة للازدهار في الحياة، في مجالات أخرى يظهر الأشخاص الأقل تواضع ففي مجال الأعمال والرياضة، فإن الأنانيين يوجهون انتباهنا، ونحن لا يمكننا أن نقيّم مستوى التواضع فهو مفهوم بعيد المنال للوصول إليه علمياً، “أنا متواضع جدا” هو تناقض ذاتي، لم يثني هذا علماء النفس عن تطوير استبيانات للوصول إليها وإن كان ذلك بشكل غير مباشر.
من المرجح أن يزدهر الأشخاص المتواضعين في الحياة في مجالات أكثر، أكثر من الأشخاص الأقل تواضعًا. ويجب أن نضع في اعتبارنا عددًا قليلاً من النتائج من الدراسات والمسوحات البحثية الحديثة، يقول الأشخاص الذين يرون أنهم يشعرون بالتواضع عند الثناء عليهم، أن التجربة جعلتهم يريدون أن يكونوا لطيفين مع الناس ويزيدوا جهودهم ويتحدوا أنفسهم، يحظى الأشخاص المتواضعون بإعجاب أكبر وينظر الأغلبية إلى سمة التواضع بشكل إيجابي، يتم تصنيف المعلمين المتواضعين على أنهم محامون أكثر فعالية ومتواضعين على أنهم محبوبون أكثر من قبل المحلفين.
يرتبط التواضع بشكل إيجابي مع النجاح الأكاديمي في شكل درجات أعلى، وقد نما علم النفس الإيجابي بسرعة ملحوظة منذ ظهوره لأول مرة على الساحة في أواخر التسعينيات، لقد تمّ بالفعل إحراز تقدم كبير في فهم أسس الحياة الجيدة تجريبياً، يتم تطبيق المعرفة من الأبحاث الأساسية في علم النفس الإيجابي في عدد من الأماكن، من العلاج النفسي إلى أماكن العمل إلى المدارس وحتى إلى الجيش؛ ستكون هناك حاجة إلى مزيج مناسب من العلم والممارسة من أجل أن يدرك علم النفس الإيجابي إمكاناته الكاملة في التعامل مع التحديات المستقبلية التي نواجهها كبشر.


شارك المقالة: