اقرأ في هذا المقال
مدى قابلية الإرشاد النفسي للتطور والتحديث:
علم الإرشاد النفسي كغيره من العلوم الأخرى لا يتوقّف عند حدّ معيّن، فهو علم يتمتع بالمرونة والقدرة على التطوّر والتحديث، كما وأنه علم لا يعتمد على الأجوبة الثابتة كعلم الحساب وإنما يقبل التحديثات التي تتغيّر بتغيّر الزمان والمكان وطبيعة الشخوص وطبيعة المشكلة، فالقائمين على علم الإرشاد النفسي يدركون مدى حاجة هذا العلم للتطوّر والتحديث للتماشي مع وسائل التكنولوجيا الحديثة.
ما سبب الحاجة إلى تطور علم الإرشاد النفسي؟
1. التغير في وتيرة الأحداث:
تتغيّر الأحداث التي تمرّ بنا بوتيرة سريعة جدّاً لا يمكن لأحد تخيّلها، وهذا الأمر يجعل من علم الإرشاد النفسي علم يحتاج إلى الديمومة والاطلاع، حيث لا يمكن للمرشد النفسي أن يبقى على نفس الطريقة التي يقوم من خلالها بمقابلة الآخرين ومحاورتهم، لكونه سيجد نفسه في نهاية المطاف قد أصبح قديماً مستهلكاً غير قادر على مجاراة الموقف، فسرعة التغيّر في وتيرة الأحداث جعلت من علم الإرشاد النفسي علماً يحتاج إلى التحديث باستمرار لمواكبة التطورات التي تطرأ على هذا العلم.
2. اتساع شريحة الأشخاص الخاضعين للعملية الإرشادية:
في زمان مضى كان علم الإرشاد النفسي يختص بالأشخاص الذين يعانون من مشكلات نفسية ذات خطورة بالغة، ولم يكون بمقدور أي شخص أن يلجأ لعم الإرشاد النفسي ما لم يكن قد وصل تقريباً إلى حالة الجنون أو التفكير في الانتحار، ولكن في وقتنا الحاضر أصبح الإرشاد النفسي علم متاح لجميع الفئات العمرية، ولكلا الجنسين، وأصبح هذا العمل ذو شعبية كبيرة لدى جميع الأشخاص، فهو يستقبل الطفل الصغير مثلما يستقبل المسن ويوجد مختصين قادرين على معالجة أي مشكلة نفسية مهما كان نوعها، مما جعل منه علماً متطوراً يحتاج إلى التحديث باستمرار.
3. شهرة علم الإرشاد النفسي:
لم يعد علم الإرشاد النفسي علماً يختص بشعوب دون غيرها أو أماكن دون غيرها، فهو علم قد تطوّر وانتشر بوتيرة سريعة جعلت منه علماً شائعاً بين جميع الفئات والثقافات على مستوى العالم، وعليه فإنّ هذا العلم أصبح يقدّم خدماته في كافة دول العالم دون استثناء وأصبح يلقى رواجاً منقطع النضير، حيث أنّ هذه الشهرة جعلت منه علماً يتطوّر في كلّ يوم، وهذا التطور نتيجة اختلاف الثقافات العالمية التي يقوم بالتعامل معها.
4. ظهور مشاكل نفسية جديدة تتعلق بالتكنولوجيا والتطور:
في كلّ يوم نسمع عن تطوّر علمي فائق الأهمية في مجتمع من المجتمعات، وهذا التطوّر يجعل من تطور علم الإرشاد النفسي ضرورة لا غنى عنها من أجل مواكبة هذه التطورات، ولا يخفى على أحد أنّ المشاكل المهنية من أكثر المشاكل التي تسبب اضطرابات نفسية تحتاج في كثير من الأحيان إلى عملية الإرشاد النفسي، فإن لم يكن المرشد النفسي قادراً على فهم ومعرفة ما يدور في فلك التكنولوجيا وعالم الأعمال من تطورات فلن يتمكّن من معالجة المشكلة النفسية التي يعاني منها المسترشد، وعليه فإنّ الإرشاد النفسي ضرورة لا غنى عنها ولكن إن كان من يقوم بتمثيله مرشداً مقنعاً قادراً على إدارة العملية الإرشادية بصورة عصرية تواكب التطورات العالمية في مجال الإرشاد النفسي.
5. الزيادة الكبيرة في عدد سكان العالم:
تعتبر الزيادة السكانية من أكبر المشاكل التي تعاني منها البشرية في وقتنا الحاضرة، وهذا الأمر من شأنه أن يزيد من نسبة الفقر والبطالة والجريمة والحاجة إلى المال والمسكن والمأمن وغيرها من المتطلبات، وهذه المتطلبات لا يستطيع البعض تحقيقها بصورة صحيحة مما يجعله عرضة إلى بعض الانتكاسات والاضطرابات النفسية التي تحتاج إلى الخضوع للعملية الإرشادية، وإن لم يكن المرشد قادراً على قراءة الموقف ومخاطر الزيادة السكانية الكبيرة في العالم ومدى تأثيرها على العامل النفسي والفسيولوجي لدى الأفراد فلن يتمكن من معالجة أية مشكلة.
إنّ علم الإرشاد النفسي يحتاج إلى العديد من الدراسات والبحوث التي تجعل منه علماً متطوراً، والهدف من هذه الدراسات هو معرفة مدى الحاجة إلى المزيد من الخطط الاستراتيجية التي تعالج المشاكل الإرشادية، وكذلك معرفة التطورات التي تحدث في العالم ودراسة أية ظواهر سلبية تحدث في المجتمعات بصورة مستحدثة ودراستها، كونها ستنتشر في يوم ما وستصبح مشكلة إرشادية تحتاج إلى الحلول، فعلم الإرشاد النفسي علم يتطوّر وهذا التطور يعطيه القدرة على الاستمرارية والشهرة في كل يوم يمضي.