هل الصمت بعدا من أبعاد لغة الجسد؟
من الأسماء الأخرى التي أطلقت على لغة الجسد هو لغة الصمت، وذلك دلالة على أهمية الصمت واعتباره من الأبعاد الأساسية للغة الجسد، فالصمت في كثير من الأحيان أكثر بلاغة ودلالة من الكلام، كما ويحمل الصمت في طيّاته العديد من المعاني والدلالات التي تتناسب مع الموقف الذي يتواجد فيه، فالحكمة والذكاء يكون في الصمت عندما لا يكون للكلام معنى، فالصمت هو لغة تعبّر عن حالتنا النفسية التي تعبّر عن مشاعر الفرح أو الحزن أو الحب أو القلق أو التوتّر حسب الموقف الذي نكون فيه.
متى يكون الصمت لغة جسد ذو دلالات؟
عادة ما نصمت عندما نتوقّف عن الكلام كلغة جسد تعبر عن نمط سلوكي، ولكنّ صمتنا لا يقطع اتصالنا الإنساني الفطري الطبيعي مع الآخرين، فنحن نصمت في الأوقات التي يكون الصمت فيها هو وسيلة التواصل التي نمتلكها، أو عندما يكون الصمت ضرورة وحاجة تتناسب مع الموقف الذي تكون فيه، فعندما نستمع ونصغي للآخرين ترانا نصمت، لأنّ الصمت هو الأساس في لغة جسد تشير إلى حسن الاستماع، وعندما يصرخ الآخرون ويخرجون عن نطاق العقل البشري فنحن نحتاج إلى الصمت والانسحاب سريعاً من الموقف، لأنّ الصراخ بالمثل سيزيد من وتيرة الموقف.
نحن نصمت عندما نتعالى عن أمر تافه اضطررنا لمواجهته كلغة جسد تشير إلى الترفّع عن الأمور التافهة، فقد يكون صمتنا في بعض المواقف التافهة دليل على رفعتنا ولغة جسد تعبّر عن ثقتنا بأنفسنا، فالصمت في كثير من المواقف جواب شافي وليس ضعفاً كما يعتقد البعض، فالكلام في بعض المواقف يقودنا إلى الخطأ، لهذا يكون الصمت أبلغ وأكثر صواباً، لنتخيّل أنّ أحد ما وصفنا بالأحمق، ونحن نملك من الحكمة والاتزان التي تضعنا في موقف نحسن فيه الرد، فهل صمتنا عن ردّ الإساءة أفضل، أم ردّ الإساءة بمثلها؟
لعلّ الصمت في المواقف الهجومية التي لا تتطلّب الردّ بمثله أمر في غاية الحكمة والتعقّل، فلغة الجسد تتوافق تماماً مع الصمت الذي يعبّر عن حالتنا النفسية التي تتوافق مع الموقف الذي تكون فيه، فالصمت في مواقف بعينها هو الحلّ الأمثل وطريق النجاة، ويستطيع أن يحمل للآخرين رسائل شتّى، نفسّرها حسب الموقف الذي جرت فيه، كما ولا يخفى على أحد انّ الصمت لغة جسد عالمية يشترك فيها جميع البشر، ولا تقتصر على جنس أو لون أو ثقافة دون أخرى.