هيكل القدرات المعرفية في علم النفس

اقرأ في هذا المقال


يمكن القول إن اتساع حجم تأثير الفروق الفردية في القدرات المعرفية هو ما يجعل من دراستها ذات أهمية كبيرة لكل من علماء النفس والباحثين وعامة الناس، فعلى الرغم من أن العلاج العلمي للقدرات المعرفية لم يظهر حتى أواخر القرن التاسع عشر، إلا أن تطور النظرية ومجموعة كبيرة من البيانات والهياكل التجريبية المتراكمة منذ ذلك الحين تدعم عامل القدرة المعرفية العام والقدرة العقلية العامة التي لهما أهمية وظيفية كبيرة في كل جانب من جوانب الحياة تقريبًا.

القدرات المعرفية في علم النفس

يشير مصطلح القدرات المعرفية عمومًا إلى القدرة على معالجة المعلومات وفهمها ومعالجتها ذهنيًا، وهو القدرة على التعلم، على سبيل المثال الاستدلال الاستنتاجي أو الاستقرائي وفهم المبادئ العامة من مراقبة سلوك الأشياء، وتدوير الأشياء عقليًا في عقل المرء، وفهم ما يقرأه المرء بسرعة وبدقة، ويعتبر التعامل الفعال مع المفاهيم الرياضية كلها قدرات معرفية، وتشكل القدرات المعرفية إلى حد كبير ما يسميه معظم الناس بشكل بديهي الذكاء.

هيكل القدرات المعرفية في علم النفس

ربما يكون الجدل حول بنية القدرات المعرفية أحد أكثر الحجج التي تم تداولها في علم النفس، حيث يتركز النقاش إلى حد كبير على مسألة ما إذا كانت هناك قدرة معرفية عامة واحدة أو العديد من القدرات المعرفية المحددة المستقلة، وفي علم النفس اليوم يقبل معظم علماء النفس والباحثين نموذجًا للقدرات المعرفية مشابهًا للنموذج الذي اقترحه جون كارول، ففي مسعى شامل ورائع أعاد كارول تحليل أكثر من 400 مجموعة بيانات تمتد لأكثر من 60 عامًا من البحث.

أظهرت نتائجه بشكل مقنع أن أفضل وصف للبنية السيكو مترية للقدرات المعرفية هو النموذج الهرمي الذي يتكون من ثلاث طبقات أو مستويات أساسية، في القمة يوجد عامل قدرة معرفي عام واحد، والذي يوجد أدناه عدد صغير من القدرات الضيقة وغالبًا ما يشار إليها باسم عوامل المجموعة، كل منها يجلس بدوره على رأس عدد كبير من القدرات الخاصة بالمهمة، والمستويات الأولية للاهتمام هي المستوى الأعلى والمستوى الثاني الذي يحتوي على 8 إلى 10 قدرات ضيقة.

هيكل عامل القدرة المعرفي العام الموحد

يعكس عامل القدرة المعرفي العام الموحد قدرة الفرد العامة على التعلم، حيث يتم تعريفه على أنه تعليم العلاقات والارتباطات أي القدرة على استنتاج مبادئ ومفاهيم ذات مغزى من المواقف المجردة والجديدة، حيث ينعكس عامل القدرة المعرفي العام الموحد في الارتباطات الإيجابية المنتشرة بين أي مجموعة من الاختبارات أو المهام التي تتطلب أي شكل من أشكال التلاعب المعرفي أو معالجة المعلومات.

وهذا يعني أنه على الرغم من أنه يمكن تحديد القدرات العقلية الأكثر ضيقًا على سبيل المثال القدرة اللفظية والقدرة الكمية والقدرة البصرية المكانية والذاكرة قصيرة المدى، فإن الأشخاص الذين يتمتعون بدرجة عالية أو منخفضة في أي قدرة فردية ضيقة يميلون إلى أن يكونوا مرتفعين نسبيًا أو منخفضة على الآخرين، ودائمًا ما ترتبط المقاييس الموثوقة للقدرات المعرفية ارتباطًا إيجابيًا.

هيكل القدرات الضيقة

لا يزال هناك بعض الخلاف الطفيف وعدم اليقين بشأن المواصفات الدقيقة للقدرات الضيقة، في الواقع حذر كارول نفسه من أن بعض التعديلات الطفيفة أو مزيد من التحسين على تلك العوامل قد يكون في محله، ومع ذلك فإن القدرات الضيقة لها أنواع مدرجة في معظم هياكل القدرات المعرفية تتمثل بما يلي:

1- الذكاء أو التفكير المرن

يعبر الذكاء أو التفكير المرن عن القدرة على تطبيق القواعد والمنشآت للوصول إلى حل، والقدرة على اكتشاف الخصائص الأساسية التي تحكم المشاكل.

2- التفكير أو المهارات الكمية

يتمثل التفكير أو المهارات الكمية في القدرة على التفكير إما استقرائيًا أو استنتاجيًا مع المفاهيم والعلاقات والخصائص الرياضية، ومعرفة عامة بالمفاهيم الرياضية.

3- الذكاء المتبلور

يتمثل الذكاء المتبلور في حجم وتطور مفردات المرء، والقدرة على الفهم والتواصل شفويا واستعمال موهبة الاتصال بطلاقة، ونطاق المعرفة العامة.

4- القدرة اللفظية العامة

تتمثل القدرة اللفظية العامة في القدرة على التعرف وفك تشفير الكلمات أو الكلمات المقنعة، والقدرة على الفهم والتواصل بوضوح الفكر والتعبير في الخطاب الكتابي، مع الفهم العام لقواعد اللغة.

5- الذاكرة قصيرة المدى

تتمثل الذاكرة قصيرة المدى في القدرة على تكوين وتخزين التمثيلات الذهنية للمثيرات ومن ثم التعرف عليها أو استرجاعها بعد فترة قصيرة.

6- التخزين والاسترجاع الترابطي طويل المدى

يتمثل التخزين والاسترجاع الترابطي طويل المدى في القدرة على تخزين واسترجاع المواد التي تم تعلمها مسبقًا بغض النظر عما إذا كانت ذات مغزى، والقدرة على إنتاج سلسلة من الأفكار أو الكلمات أو غيرها من المعلومات التفصيلية المتعلقة بموضوع أو كائن معين بسرعة، والقدرة على إنتاج روابط جديدة أو غير شائعة بسرعة بين المحفزات أو الحلول للمشكلات.

7- المعالجة المرئية المكانية

تتمثل المعالجة المرئية المكانية في القدرة على التلاعب ذهنيًا بالأشياء أو الأنماط المرئية، مثل الدوران العقلي للأشياء متعددة الأبعاد في الفضاء، والقدرة على تمييز شيء ذي معنى سريعًا من الأنماط والمحفزات المحجوبة جزئيًا أو الغامضة.

8- التقويم السمعية

تتمثل التقويم السمعية في القدرة على تقويم أصوات الكلام، والإدراك الصوتي في القدرة على التفريق بين أصوات الكلام في السياقات العادية والمشوهة، والقدرة على معرفة وتفريق النغمات وأنماط النغمة والنبرة وغيرها من الاختلافات في جودة الصوت، والقدرة على توطين الأصوات في الفضاء.

9- سرعة المعالجة المعرفية

تتمثل سرعة المعالجة المعرفية في القدرة على اتخاذ قرارات بسيطة أو أداء مهام بسيطة بسرعة، والقدرة على مقارنة الرموز المرئية مع القدرة على معالجة الأرقام والتعامل معها بسرعة بطرق أولية.

الصلاحية التنبؤية لهيكل لقدرات المعرفية في علم النفس

توجد العديد من الاختلافات في القدرات المعرفية ويبدو أن لها علاقة بالاختلافات في مجموعة واسعة من السلوكيات منذ عدة آلاف من السنين، لذلك تم تطوير مجموعة متنوعة من الأساليب لتقييم الفروق الفردية في القدرات المعرفية، وأثبت العديد منها فائدتها في فهم السلوكيات والتنبؤ بها مثل الأداء الأكاديمي والأداء الفني للوظيفة، والتحصيل المهني والاقتصادي، والجنوح، والسلوك المعادي للمجتمع، والمعرضة للحوادث.

أكدت ثروة من البيانات أن الصلاحية التنبؤية لهيكل القدرات المعرفية المتمثل في عامل القدرة المعرفية الموحد والعام على مستويات الأهمية النظرية والعملية للاختلافات الفردية في مجموعة واسعة من النتائج الأكاديمية والمهنية والاجتماعية، حيث اهتم علماء النفس الصناعي أو التنظيمي في عامل القدرة المعرفية الموحد والعام وهي دائمًا أفضل متنبئ منفرد لأداء التدريب الوظيفي والأداء الفني للوظيفة عبر مجموعة واسعة من الأعمار والإعدادات والمجالات.

وعلى عكس عامل القدرة المعرفية الموحد والعام ترتبط الصلاحية التنبؤية لهيكل القدرات المعرفية المتمثل في لقدرات الضيقة ارتباطًا وثيقًا بطبيعة المعايير التي يسعى المرء إلى التنبؤ بها، وبالتالي من الصعب التحدث عن النتائج المعممة فيما يتعلق بالصحة التنبؤية للقدرات الضيقة، بالإضافة إلى ذلك نظرًا لقوة الصلاحية التنبؤية لعامل القدرة المعرفية الموحد والعام، يتم قياس قيمة القدرات الضيقة عادةً من خلال صلاحيتها المتزايدة.


شارك المقالة: