تشير الشخصية إلى الأنماط التي تجعل الأفراد يفكّرون ويتصرفون بطرق محددة، يتمتع كل شخص بنمط خاص من الخصائص الدائمة وطويلة الأمد والطريقة التي يتفاعل بها مع الأفراد، يُعتقد أن شخصياتنا طويلة الأمد مستقرة ولا يمكن تغييرها بسهول، تأتي الشخصية من الكلمة اللاتينية (persona)، في العالم القديم كانت الشخصية قناع يرتديه الممثل، بينما نميل إلى التفكير في القناع على أنه يتم ارتداؤه لإخفاء هوية المرء، فقد تم استخدام القناع المسرحي في الأصل إمّا لتمثيل أو إبراز سمة شخصية معينة للشخصية.
وجهات نظر تاريخية حول علم نفس الشخصية
تمت دراسة مفهوم الشخصية لما لا يقل عن 2000 عام؛ بدءاً من أبقراط قبل الميلاد، افترض أبقراط أنّ سمات الشخصية والسلوكيات البشرية تستند إلى أربعة مزاجات منفصلة مرتبطة بأربعة سوائل من الجسم؛ المزاج الكولي (الصفراء من الكبد) والمزاج الكئيب (الصفراء السوداء من الكلى) والمزاج المتفائل ( دم أحمر من القلب) ومزاج بلغمي (بلغم أبيض من الرئتين).
بعد قرون كان الطبيب والفيلسوف اليوناني المؤثر جالينوس مبنياً على نظرية أبقراط ممّا يشير إلى أنّ كلا من الأمراض والاختلافات الشخصية، يمكن تفسيرها من خلال الاختلالات في المزاج وأن كل شخص يظهر أحد المزاجات الأربعة؛ على سبيل المثال الشخص الكولي عاطفي وطموح وجريء، أمّا الشخص الحزين متحفظ وقلق وغير سعيد؛ المتفائل سعيد ومتفائل ومتفائل والشخص البلغم هادئ وموثوق ومدروس، كانت نظرية جالينوس سائدة لأكثر من 1000 عام واستمرت في الانتشار خلال العصور الوسطى.
في عام 1780 اقترح الطبيب الألماني فرانز غال أن المسافات بين النتوءات على الجمجمة تكشف سمات شخصية الشخص وشخصيته وقدراته العقلية؛ وفقاً لجال كشف قياس هذه المسافات عن أحجام مناطق الدماغ تحتها ممّا يوفر معلومات يمكن استخدامها لتحديد ما إذا كان الشخص ودود أو مفتخر أو قاتل أو لطيف مع اللغات وما إلى ذلك، في البداية كان علم فراسة الدماغ شائع بشكل كبير؛ مع ذلك فقد سرعان ما فقدت مصداقيتها بسبب نقص الدعم التجريبي وطالما هبطت إلى مرتبة العلوم الزائفة.
يُعرف العلم الزائف لقياس مناطق جمجمة الشخص بعلم فراسة الدماغ؛ طور غال مخطط يصور مناطق الجمجمة التي تتوافق مع سمات أو خصائص شخصية معينة، كذلك مطبوعة حجرية من عام 1825 تصور المرارة وهي تفحص جمجمة امرأة شابة، في القرون التي تلت جالينوس ساهم باحثون آخرون في تطوير أنواع مزاجه الأساسية الأربعة وأبرزهم إيمانو، اتفق كانط مع جالينوس على أنه يمكن تصنيف الجميع في واحدة من المزاجات الأربعة وأنّه لا يوجد تداخل بين الفئات الأربع، طور قائمة من السمات التي يمكن استخدامها لوصف شخصية شخص من كل من المزاجات الأربعة.
مع ذلك اقترح Wundt أنه يمكن تحقيق وصف أفضل لعلم نفس الشخصية باستخدام محورين رئيسيين؛ عاطفي أو غير عاطفي ومتغير أو غير قابل للتغيير، المحور الأول يفصل بين المشاعر القوية والضعيفة (المزاج الكئيب والكولي من البلغم والتفاؤل)، قسم المحور الثاني المزاجات المتغيرة (الكولي والتفاؤل) عن المزاجات غير القابلة للتغيير (الكئيبة والبلغمية).
تنقسم الدائرة عمودياً وأفقياً إلى أربعة أقسام بخطوط باتجاه عقارب الساعة؛ من الأعلى الأسهم مكتوب عليها “عواطف قوية” و”مزاجات متغيرة” و”عواطف ضعيفة” و”مزاج غير قابل للتغيير”؛ تحتوي الأقسام الموجودة داخل كل قوس على كلمات وصفية، يوجد داخل القوس كلمات (متمركز حول الذات واستعراضي ومندفع ومسرحي ونشط”، داخل القوس المتفائل توجد الكلمات “لعوب ، بسيط ، اجتماعي ، خالي من الهموم ، متفائل ، وراضي”، يوجد داخل القوس البلغماتي عبارة “معقول ، مبدئي ، متحكم ، ثابت ، ثابت وهادئ”، داخل القوس الكئيب توجد كلمات “قلق وغير سعيد”.
كان منظور سيغموند فرويدالديناميكي النفسي للشخصية أول نظرية شاملة في علم نفس الشخصية، كما شرح مجموعة متنوعة من السلوكيات الطبيعية وغير الطبيعية، وفقاً لفرويد فإن الدوافع اللاواعية المتأثرة بالجنس والعدوان جنباً إلى جنب مع النشاط الجنسي في مرحلة الطفولة هي القوى التي تؤثر على شخصيتنا، اجتذب فرويد العديد من المتابعين الذين قاموا بتعديل أفكاره لخلق نظريات جديدة حول الشخصية.
اتفق هؤلاء المنظرون الذين يشار إليهم بالفرويديين الجدد بشكل عام مع فرويد على أن تجارب الطفولة مهمة، لكنّهم قللوا من التركيز على الجنس وركزوا أكثر على البيئة الاجتماعية وتأثيرات الثقافة على الشخصية، كان منظور الشخصية الذي اقترحه فرويد وأتباعه هو النظرية السائدة للشخصية في النصف الأول من القرن العشرين، ثمّ ظهرت نظريات رئيسية أخرى بما في ذلك وجهات النظر التعليمية والإنسانية والبيولوجية والتطورية والسمات والثقافية.