أصل ونمو الألياف في النباتات

اقرأ في هذا المقال


تشير الملاحظات إلى أنّ الألياف تنشأ من العديد من الأنماط الإنشائية، وتُشتق ألياف نسيج الخشب واللحاء من البروكامبيوم أو الكامبيوم، ففي الكامبيوم تنشأ الألياف من الكامبيوم الأولي المغزلي، وتنشأ ألياف الخشب الخارجية (Extraxylary) غير تلك الموجودة في اللحاء من النسيج الأساسي الميريستيمي، ولكن الخلايا التي تصبح أليافًا في النهاية تتوقف عن الانقسام العرضي والاستطالة.

الألياف النباتية وخلايا البشرة

في بعض ألياف فصيلة نباتات السعدية (Cyperaceae) تكون في الأصل هي البشرة، بحيث تنقسم خلايا الجلد البدائية بشكل محيطي ومضاد للخلايا وتتمايز المشتقات إلى ألياف باستثناء الجزء الخارجي منها والتي تتخذ خصائص البشرة العادية، وفي النباتات التي تحتوي على أغلفة حزم ليفية يمكن اشتقاق جزء من الألياف من البروكامبيوم وجزء من النسيج الأساسي الميريستيمي.

في براعم بعض أحادي الفلقة قد تكون نسبة ألياف غمد الحزمة في حزمة الأوعية الدموية عالية جدًا أو قد تتكون الحزم من ألياف فقط، ونظرًا لأنّ مثل هذه الحزم الليفية قد تكون مرتبطة بحزم الأوعية الدموية وبما أنّ هناك حزمًا ذات نسب مختلفة من الألياف وعناصر الأوعية الدموية فمن المحتمل أنّه ينبغي اعتبار الحزم الليفية منشؤها البروكامبيوم.

النمو الطولي للألياف في النباتات

من وجهة النظر التنموية فإنّ تحقيق الطول الكبير بالألياف له أهمية خاصة، فالألياف التي تنشأ أثناء النمو الأولي لها نوع مختلف من التطور عن تلك التي تكونت في الأنسجة الثانوية، وتبدأ الألياف الأولية قبل استطالة العضو ويمكن أن تصل إلى طول كبير عن طريق الاستطالة بينما لا تزال الخلايا المرتبطة بها تنقسم، ويمكن أن يضاف إلى هذا النمو المتماثل نمو تدخلي قمي، وفي المقابل تنشأ الألياف الثانوية في جزء من العضو الذي توقف عن الاستطالة ولا يمكن أن يزداد طولها إلا من خلال النمو التدخلي.

يفسر هذا الاختلاف في طريقة النمو لماذا قد تصل ألياف اللحاء الأولية في نفس الجذع إلى أطوال أكبر من الألياف الثانوية، ففي القنب على سبيل المثال تم العثور على ألياف اللحاء الأولية بمتوسط ​​حوالي 13 ملم والثانوية حوالي 2 ملم.

يؤدي نمو الألياف الأولية الخارجية بالاتحاد مع الأنسجة الأخرى في العضو النامي إلى ظهور ألياف أطول في الأعضاء الأطول، فعلى سبيل المثال يرتبط الطول البالغ لألياف اللحاء الأولية في القنب والبوكميريا بطول البالغين من السلاسل الداخلية، وبالمثل فإنّ أطول ألياف اللحاء في الكتان تحدث في أطول السيقان، وفي نباتات لسان الجن والأغاف والموز يعتمد متوسط ​​طول الألياف الإضافية على طول جزء الورقة الذي يتم الحصول على الألياف منه.

لا يمكن تفسير الطول الكبير الذي حققته بعض الألياف الأولية الإضافية على أساس الاستطالة من خلال النمو المتماثل فقط، ففي لسان الجن والأغاف والموز تصبح الألياف أطول من 40 إلى 70 مرة من الخلايا الإنشائية التي نشأت منها، وفي نبات اللوف يواكب استطالة ألياف الفاكهة في البداية تمامًا الزيادة في حجم الفاكهة نفسها، ولكن بعد أن يبلغ طول الألياف حوالي 200 ميكرون يصبح معدل امتدادها أكبر من معدل التمدد للفاكهة ككل، وهكذا يبدو أنّ الألياف لها نمو مستقل بالإضافة إلى النمو المرتبط بالأنسجة الأخرى، والملاحظات المجهرية تدعم هذا الافتراض.

قمم الألياف في النباتات

تظل قمم الألياف طويلة رقيقة الجدران وغنية بالسيتوبلازم، وقد تكون مسننة ومتشعبة بسبب التعديلات على الخطوط العريضة للخلايا المجاورة، وعلاوة على ذلك فإنّ عدد الألياف كما هو محدد في تقاطعات السيقان يزداد تدريجياً على الرغم من عدم حدوث الانقسامات الطولية، وتشير كل هذه الملاحظات إلى أنّ قمم الألياف تتمدد وتتطفل بين الخلايا المصاحبة، ونظرًا لأنّ هذا النمو يحدث في جذع لا يزال مستطيلًا فمن المحتمل أن يتبع النمو التدخلي نمو متماثل لنظام الجدار الجديد المكون من ثلاث طبقات والذي يتكون من تثبيت جدار جديد لقمة الألياف على جدار خلية أخرى.

في الكتان تم العثور على ألياف اللحاء تنمو في كلا القمم لأعلى ولأسفل، ويقدر طول الساق الذي يحدث فيه هذا النمو القمي للألياف بحوالي 19 ملم، وعلى الرغم من أنّ ألياف اللحاء الثانوية تفشل في تحقيق نفس أطوال الألياف الأولية إلّا أنّها عادة ما تصبح أطول من الكامبيوم الأولي من خلال النمو التداخلي القمي.

الاستطالة القمية مثبتة جيدًا بالرجوع إلى ألياف النسيج الخشبي الثانوية، وفي كثير من الأحيان يمكن التعرف على حدوث النمو التدخلي في الألياف الخارجية الثانوية في الشكل الناضج للخلايا، وتتكون الخلايا من جزء متوسط ​​أعرض يتوافق مع الخلية غير المطولة ونهايتين نحيفتين نشأت أثناء النمو التدخلي، وتقتصر الحفر على الجزء المتوسط ​​في مثل هذه الألياف.

عندما تبدأ الألياف الخارجية في التطور تتوقف عن الانقسام، ومع ذلك قد تستمر النوى في الانقسام بحيث تصبح الألياف النامية متعددة النوى، وهذه الظاهرة مميزة بشكل خاص لألياف اللحاء الأولية الطويلة جدًا، وفي نفس النباتات قد تكون ألياف اللحاء الأولية متعددة النوى وألياف اللحاء الثانوية الأقصر عديمة النواة.

تطور الجدران الليفية

ينتج عن النمو المطول في طول ألياف اللحاء الأولية طريقة معقدة للغاية لتطوير الجدار الثانوي، كما يبدأ ترسب الجدران الثانوية بعد أن يكمل الجدار الأساسي زيادته في السطح، بينما تتمدد الألياف الأولية عن طريق النمو المتماثل في ارتباط مع الخلايا المحيطة فإنّها تظل رقيقة الجدران، ويفترض في هذه المرحلة أنّ الجدار الليفي بأكمله يزيد سطحه، وفي وقت لاحق خلال مرحلة النمو القمي تظل قمم الخلايا رقيقة في حين أنّ الأجزاء المتوسطة من الخلايا التي أكملت استطالة تبدأ في تكوين جدران ثانوية.

لقد تمت دراسة السماكة الثانوية لألياف اللحاء الأولية بالتفصيل في الكتّان وقنب سيام، وفي هذين النباتين يتطور الجدار الثانوي للألياف على شكل صفائح مميزة وكل منها أنبوبي الشكل وينمو من القاعدة إلى الأعلى، ويفترض أنّه في المرحلة المبكرة من العملية يوجد أيضًا نمو هبوطي للأنبوب صغير بينما لا يزال الطرف السفلي من الألياف مستطيلًا، ومن المتصور أنّ هذه النهاية ستتوقف عن النمو أولاً لأنّها مغروسة في الأنسجة الناضجة في حين أنّ الطرف العلوي يتقدم إلى نسيج لا يزال ينمو.

وهكذا تنشأ عدة نبيبات -أنابيب صغيرة- هيالين متداخلة على التوالي وكل منها أطول من التي تليها مباشرة، وبعد أن تتوقف الخلية عن النمو عند القمة تصل بعض الطبقات المتكونة على التوالي إلى القمة، بينما يتوقف البعض الآخر عن النمو عند المستويات الأدنى، في حين تظهر طبقات جديدة فوقها وتكمل سماكة الجدار في أجزاء الخلية العليا.

ينتج عن هذا الانقطاع الجزئي لنمو الجدار تكوين مقصورات قد تكون على اتصال ببعضها البعض، ويبدو أنّ ترسب الجدران الثانوية في الألياف الأولية قد يستمر لفترة طويلة بعد المرحلة التي تكمل فيها الخلية استطالة، ففي الكتان والقنب تم الإبلاغ عن أنّ ألياف اللحاء في أجزاء النبات البالغة تمتلك بروتوبلاست حية وتستمر في ترسيب طبقات الجدار الثانوية.

من السمات المدهشة التي لوحظت في نمو الجدار الثانوي في ألياف اللحاء الأولية أنّ هذا الجدار غير ملتصق بالجدار الأساسي، وأنّ الطبقات المتتالية للجدار الثانوي تبدو مميزة أيضًا على الأقل أثناء الخلية لم تنضج بعد، وفي المادة المقطعة يظهر الجدار الثانوي للألياف غير الناضجة بشكل عام منفصلاً عن الأساسي وغالبًا ما يتم فصله إلى طبقتين أو أكثر تكون مقوسة إلى حد ما، وقد يكون هذا الانتفاخ والتجاعيد قطعة أثرية ولكنه يؤخذ أيضًا كمؤشر على أنّ طبقات الجدار الثانوية في حالة فضفاضة ومرتاحة أثناء تكوينها.

المصدر: UNDERSTANDING PLANT ANATOMY, By Dr. Shubhrata R. Mishra, First Published-2009, Published by:DISCOVERY PUBLISHING HOUSE PVT. LTD.,Printed at: Sachin Printers Delhi.PLANT ANATOMY (INCLUDING EMBRYOLOGY AND MORPHOGENESIS OF ANGIOSPERMS), By B.P. PANDEY, PRINTED IN INDIA, S. CHAND & COMPANY LTD., First Edition 1978.عبده قبية، أساسيات علم النبات العام: الشكل الظاهرى والتركيب التشريحي، دار الفكر العربى للطباعة والنشر, 2008.د. بدري عويد العاني ود. قيصر نجيب صالح، أساسيات علم التشريح النبات، وزارة التعليم العالي والبحث العلمي جامعة بغداد، الطبعة الثالثة 1988.إليزابيث ج.كاتر، ترجمة محمد ميلود خليفة، تشريح نبات الأعضاء، معهد الإنماء العربي، الطبعة الثانية، بيروت 1987.


شارك المقالة: