التطور اللاحق في استمرار تكوين الأعضاء في النباتات

اقرأ في هذا المقال


على الرغم من أنّه من الملائم الإشارة إلى التطور المبكر للنبات البوغي من البويضة المخصبة على أنّه تطور جنيني، إلّا أنّ العملية لم تنته أبدًا كما هي في الحيوانات الأعلى، ففي النباتات الوعائية لا يقتصر تكوين الأعضاء (تشكيل الأجزاء) على الحياة المبكرة، وتتكرر عمليات تكوين الجذور والجذور والأوراق التي تحدث أولاً في الجنين وإن كان ذلك في شكل معدل طوال فترة حياة النبات.

العمر الافتراضي ونمو الأعضاء النباتية

قد يكون العمر الافتراضي قصيرًا ومحددًا كما هو الحال في النباتات السنوية مثل الحبوب، أو طويلًا ويدوم لسنوات عديدة وربما إلى أجل غير مسمى بالفعل باستثناء القيود التي تفرضها البيئة والحوادث كما هو الحال في الأشجار، ويميل النمو المطول للنباتات المعمرة أو النباتات التي تستأنف النمو في كل موسم نمو إلى زيادة الحجم، ولكن لا يرتبط الجزء الأكبر بالضرورة ارتباطًا مباشرًا بالعمر لأنّ الأوراق الفردية والزهور وحتى الأطراف الكاملة تموت باستمرار وتتساقط، ومع ذلك فإنّ بعض النباتات طويلة العمر تصل إلى النقطة التي يؤدي فيها فقدان كتلة الجسم إلى موازنة الزيادة الناتجة عن النمو المستمر وتكوين الأعضاء.

نشاط الخلايا الإنشائية

بشكل مميز تنمو النباتات الوعائية وتتطور من خلال نشاط مناطق تكوين الأعضاء وهي نقاط النمو، ويتم توفير الدعم الميكانيكي والمسارات الموصلة الإضافية التي تتطلبها زيادة الحجم من خلال توسيع الأجزاء القديمة من محاور التصوير والجذر، وتتم إضافة خلايا جديدة من خلال نشاط أنسجة خاصة تسمى الخلايا الإنشائية (meristems)، والتي تكون خلاياها صغيرة ونشطة بشكل مكثف في التمثيل الغذائي، ومعبأة بكثافة بالعضيات والأغشية، ولكنها عادة ما تفتقر إلى الأكياس المملوءة بالسوائل والتي تسمى الفجوات، ويمكن تصنيف الخلايا الإنشائية وفقًا لموقعها في النبات ووظائفها الخاصة.

أحد الفروق المهمة هو بين الخلايا الإنشائية الثابتة التي تميزها تلك الخاصة بنقاط النمو والخلايا الإنشائية ذات العمر المحدود تلك المرتبطة بأعضاء مثل الورقة ذات النمو المحدد، كما تعتبر مناطق الانقسام الخلوي السريع عند أطراف (قمم) الجذع والجذر من الأنسجة الإنشائية الطرفية، ففي القمة الجذعية يكون الجزء العلوي هو الجزء البارز والذي يوجد تحته منطقة من جدران الخلايا المبكرة الموجهة بشكل عرضي أو طابور أو بشكل عِرقي من النسيج الإنشائي.

الكامبيوم الأولي (procambium) هو نسيج بارز يهتم بتوفير الأنسجة الأولية للنظام الوعائي، حيث أنّ الكامبيوم السليم هو الأسطوانة المستمرة للخلايا الإنشائية المسؤولة عن إنتاج الأنسجة الوعائية الجديدة في السيقان والجذور الناضجة، كما ينتج كامبيوم الفلين أو الفلوجين الطبقات الخارجية الواقية من اللحاء، ومن بين الخلايا الإنشائية ذات الوجود المحدود هي: النسيج الإنشائي الهامشي أو الصفيحة المسؤول عن زيادة مساحة سطح الورقة، حيث يساهم في الخلايا الجديدة بشكل رئيسي في مستوى واحد، ونوع آخر من النسيج الإنشائي ذي الحياة المحدودة يسمى مرستيم بيني أو خلايا إنشائية بينية (interalary)، وهي مسؤولة عن امتداد بعض السيقان (كما في الحشائش) عن طريق إضافة أنسجة جديدة بعيدة عن نقاط النمو.

يظل عدد الخلايا المنقسمة في الخلايا الإنشائية الثابتة تقريبًا مع بقاء إحدى الخلايا الوليدة لكل قسم إنشائية والأخرى متمايزة كعنصر من مكونات العضو النامي، وتحدد الترتيبات الهندسية في العضو المعين الطريقة التي يحدث بها ذلك، ولكن النتيجة بشكل عام هي أنّ النسيج الإنشائي يتحرك باستمرار بعيدًا عن النسيج الناضج مع استمرار النمو، وبالتالي تظل منطقة موضعية من الأنسجة المتخصصة ولا يتم تخفيفها أبدًا من خلال تداخل الخلايا المتوسعة أو المتمايزة، وفي أعضاء مثل الأوراق والزهور والفاكهة حيث يتم تحديد النمو تصبح انقسامات الخلايا الإنشائية أكثر انتشارًا، وينخفض ​​التكرار تدريجياً مع زيادة نسبة الخلايا الوليدة التي تتمايز، وفي نهاية المطاف عند النضج لا يوجد نسيج موضعي متبقي.

مساهمة الخلايا والأنسجة في نمو النباتات

العاملان الرئيسيان اللذان يحددان أشكال الأنسجة والأعضاء النباتية هما اتجاه مستويات انقسام الخلايا والأشكال التي تفترضها الخلايا أثناء تكبرها، ومن الواضح أنّه إذا كانت مستويات الانقسام في كتلة الخلية موجهة بشكل عشوائي وتتوسع الخلايا الفردية بشكل موحد فسيتكبر النسيج على شكل كرة، ومن ناحية أخرى إذا كانت مستويات انقسام الخلايا موجهة بانتظام أو كان توسع الخلايا الفردية اتجاهيًا يمكن للنسيج أن يتخذ أي عدد من الأشكال.

في الجذع على سبيل المثال يتم توجيه مستويات انقسام الخلايا في النسيج الإنشائي الأولي في زوايا مختلفة إلى المحور الجذعي بحيث تساهم الخلايا الجديدة المنتجة في العرض والطول، وأسفل هذه المنطقة في النسيج الإنشائي العِرقي تزداد نسبة الانقسامات مع لوحة الخلية بزوايا قائمة على المحور بحيث تميل الخلايا إلى أن تكون موجهة في الطابور، كما تتوسع الخلايا في هذه الطوابير عموديًا أكثر مما تتوسع أفقيًا وبالتالي يتطور الجذع كأسطوانة.

العوامل التي تتحكم في اتجاه مستويات انقسام الخلية في خلايا النسيج الإنشائية غير معروفة إلى حد كبير، ومع ذلك يُفترض أنّ التفاعلات الخلوية تنسق توزيع وتوجيه الانقسامات، كما تساعد الأنابيب الدقيقة الموجودة في كل خلية في السيتوبلازم على توجيه النواة قبل انقسامها، ثم في وقت الانقسام تشارك الأنابيب الدقيقة الأخرى المرتبة على شكل مغزل (المغزل الانقسامي) في فصل الكروموسومات الابنة ونقلها إلى الأطراف المتقابلة للخلية الأم، وبعد ذلك يساعد الجزء المتبقي من المغزل في تحديد موقع اللوحة التي تفصل بين خليتين ابنتيتين، وتهتم الأنابيب الدقيقة أيضًا بتحديد اتجاه النمو في توسيع الخلايا حيث يبدو أنّها تؤثر على بناء جدار الخلية من خلال التحكم في طريقة وضع السليلوز فيه.

على الرغم من أنّ التغيير في الشكل هو شكل من أشكال تمايز الخلايا فإنّ المصطلح بالمعنى الأكثر عمومية يشير إلى تغيير في الوظيفة، وعادة ما يكون مصحوبًا بالتخصص وفقدان القدرة على مزيد من الانقسام، وغالبًا ما ينطوي التمايز الكيميائي الحيوي على تغيير في طبيعة عضيات الخلية، كما هو الحال عندما ينضج جسم صبغ محتمل عام (بروبلاستيد) على شكل بلاستيد يحتوي على الكلوروفيل، ولكنها قد تنطوي أيضًا على تغييرات هيكلية على المستوى دون الخلوي كما يحدث عندما تغير العضيات طابعها في الخلايا المنخرطة في نشاط أيضي مكثف.

إنّ تمايز الخلايا النباتية لحركة المواد وتوفير الدعم الميكانيكي أو الحماية يعتمد دائمًا على تعديل الجدران، ويستلزم هذا عادةً تراكم أنواع جديدة من مواد الجدار مثل اللجنين في الأنسجة الخشبية والكوتين والسوبرين في أنسجة البشرة والفلين، ويجب التحكم في التغييرات الهيكلية المصاحبة حيث لا يتم تطبيق مواد الجدار بشكل عشوائي ولكن وفقًا لنمط مناسب للخلية أو الأنسجة المعينة.

لا يعتمد تطور الأنماط أثناء نمو جدار الخلية على الأنابيب الدقيقة السيتوبلازمية فقط كما هو الحال في بناء الخلايا التي ستؤدي إلى ظهور الأوعية الموصلة للماء (عناصر نسيج الخشب)، ولكن أيضًا على الأغشية السيتوبلازمية كما هو الحال في تكوين الجدران الطرفية الشبيهة بالصفائح (صفائح الغربال) في الخلايا التي ستؤدي إلى أوعية موصلة للغذاء (عناصر اللحاء)، ويبلغ تمايز النسيج الخشبي ذروته في موت الخلايا المشاركة وتتكون الأوعية من سلاسل من الجدران الفارغة، وهذا مثال على الموت المبرمج وهو ليس ظاهرة غير شائعة في نمو النبات والحيوان.


شارك المقالة: