اقرأ في هذا المقال
- تطور الخلايا
- بعض العمليات الأساسية للتنمية
- مصادر المعلومات قيد التطوير
- التمايز والتحديد والخلايا الجذعية
تطور الخلايا:
أثناء التطور يمر كائن بشري أو كائن آخر متعدد الخلايا بتحول مذهل واحد على الأقل مثير مثل تحول كاتربيلر إلى فراشة، حيث على مدار ساعات أو أيام أو شهور يتحول الكائن الحي من خلية واحدة تسمى البيضة الملقحة (نتاج الحيوانات المنوية التي تلتقي بالبويضة) إلى مجموعة ضخمة ومنظمة من الخلايا والأنسجة والأعضاء.
مع تطور الجنين تنقسم خلاياه وتنمو وتهاجر في أنماط معينة لتكوين جسم أكثر تفصيلاً، ولكي يعمل هذا الجسم بشكل صحيح يحتاج إلى محاور محددة جيدًا (مثل الرأس مقابل الذيل)، كما يحتاج أيضًا إلى مجموعة محددة من الأعضاء متعددة الخلايا والهياكل الأخرى موضوعة في النقاط الصحيحة على طول المحاور ومتصلة ببعضها البعض بالطرق الصحيحة.
يجب أن تتخصص خلايا جسم الكائن الحي أيضًا في العديد من الأنواع المختلفة وظيفيًا مع استمرار التطور، إذ يحتوي الجسم (أو حتى جسم المولود الجديد) على مجموعة واسعة من أنواع الخلايا المختلفة من الخلايا العصبية إلى خلايا الكبد إلى خلايا الدم، وكل نوع من هذه الخلايا موجود فقط في أجزاء معينة من الجسم – في أنسجة معينة لأعضاء معينة – حيث تكون وظيفتها مطلوبة.
تكشف هذه الرقصة الخلوية المعقدة التنمية إلى حد كبير تحت سيطرة الجينات، حيث تعبر أنواع الخلايا الناضجة في الجسم مثل الخلايا العصبية وخلايا الكبد عن مجموعات مختلفة من الجينات، مما يمنحها خصائصها ووظائفها الفريدة، وبالطريقة نفسها تعبر الخلايا أثناء التطور أيضًا عن مجموعات محددة من الجينات، إذ ترشد هذه الأنماط من التعبير الجيني سلوك الخلايا وتسمح لها بالتواصل مع الخلايا المجاورة وتنسيق التطور.
بعض العمليات الأساسية للتنمية:
تتطور الكائنات الحية المختلفة بطرق مختلفة ولكن هناك بعض الأشياء الأساسية التي يجب أن تحدث أثناء التطور الجنيني لأي كائن حي تقريبًا:
- يجب أن يزيد عدد الخلايا عن طريق الانقسام.
- يجب أن تتشكل محاور الجسم (رأس – ذيل، يمين – يسار).
- يجب أن تتكون الأنسجة، ويجب أن تأخذ الأعضاء والهياكل أشكالها.
- يجب أن تكتسب الخلايا الفردية هويات نوع الخلية النهائية (على سبيل المثال، الخلايا العصبية).
ولتوضيح هذه العمليات ليست أحداثًا منفصلة تحدث واحدة تلو الأخرى بدلاً من ذلك، فإنهم يستمرون في نفس الوقت الذي يتطور فيه الجنين، على سبيل المثال يتم إعداد محاور الجسم المختلفة (مثل الرأس والذيل واليسار واليمين) في أوقات مختلفة أثناء التطور المبكر بينما تنقسم خلايا الجنين بعيدًا في الخلفية، وبالمثل يتطلب تكوين العضو انقسام الخلية لبناء ذلك العضو وكذلك التمايز (تأخذ الخلايا هوياتها النهائية) للتأكد من أن الخلايا الصحيحة تشكل الأجزاء الصحيحة من العضو.
مصادر المعلومات قيد التطوير:
المعلومات التي توجه سلوك الخلايا، بمعنى كيف تعرف الخلايا ما يفترض أن تفعله أثناء التطور؟ إذ تعرف الخلية متى وكيف تهاجر أو تقسم أو تفرق بشكل عام، هناك نوعان:
- تُورث معلومات (النسب) الجوهرية من الخلية الأم عبر انقسام الخلية، على سبيل المثال قد ترث الخلية الجزيئات التي تخبرها أنها تنتمي إلى سلالة الجسم العصبية أو المنتجة للخلايا العصبية.
- يتم تلقي المعلومات الخارجية (الموضعية) من محيط الخلية، على سبيل المثال قد تحصل الخلية على إشارات كيميائية من أحد الجيران، وتأمرها بأن تصبح نوعًا معينًا من المستقبلات الضوئية (الخلايا العصبية التي تكتشف الضوء).
أثناء التطور غالبًا ما تستخدم الخلايا المعلومات الداخلية والخارجية لاتخاذ قرارات بشأن هويتها وسلوكها، حيث بالطبع لا يقرر في الواقع من خلال التفكير في المشكلة مثل البشر، بدلاً من ذلك تتخذ الخلايا قرارات بالطريقة التي قد تتخذها الآلة الحاسبة أو الكمبيوتر: باستخدام الجينات والبروتينات لأداء العمليات المنطقية التي تحسب الاستجابة الأفضل.
التمايز والتحديد والخلايا الجذعية:
خلال مسار التطور تميل الخلايا إلى أن تصبح مقيدة أكثر فأكثر في إمكاناتها التنموية، أي أن أنواع الخلايا الأخرى التي يمكن أن يصنعوها عن طريق الانقسام الخلوي (أو تتحول مباشرة إلى) تصبح أقل وأقل، وعلى سبيل المثال يمكن أن ينتج عن الزيجوت البشري جميع أنواع الخلايا في جسم الإنسان، وكذلك الخلايا التي تتكون منها المشيمة، ولاستخدام المفردات من حقل الخلايا الجذعية، فإن هذه القدرة على خلق جميع أنواع الخلايا في الجسم والمشيمة تجعل اللاقحة كاملة القدرة، ومع ذلك بعد جولات متعددة من الانقسام الخلوي، تفقد خلايا الجنين قدرتها على تكوين خلايا من المشيمة وتصبح أكثر تقييدًا في إمكاناتها (متعددة القدرات)، وهذه التغييرات ناتجة عن تغييرات في مجموعة الجينات المعبر عنها في الخلايا.
في النهاية تنقسم خلايا الجنين إلى ثلاث مجموعات مختلفة تُعرف باسم الطبقات الجرثومية: الأديم المتوسط والأديم الباطن والأديم الظاهر، وكل طبقة جرثومية في ظل الظروف العادية ستنتج مجموعتها الخاصة من الأنسجة والأعضاء.
بينما تستمر خلايا الطبقة الجرثومية في الانقسام والتفاعل مع جيرانها وقراءة المعلومات الداخلية الخاصة بهم، فإن خيارات مصير الخلية الخاصة بهم ستصبح أضيق وأضيق، وفي البداية قد يتم تحديد الخلايا وتخصيصها لمصير معين، ولكنها قادرة على التبديل في ضوء الإشارات الصحيحة، بعد ذلك قد يصبحون مصممين بمعنى أنهم ملتزمون بشكل لا رجعة فيه بمصير معين، وبمجرد تحديد الخلية حتى إذا تم نقلها إلى بيئة جديدة فإنها ستختلف على أنها نوع الخلية التي تلتزم بها.
في النهاية تتمايز معظم الخلايا في الجسم أو تتخذ هوية نهائية ثابتة، حيث تشمل الأمثلة على أنواع الخلايا المتمايزة في جسم الإنسان الخلايا العصبية والخلايا المبطنة للأمعاء والضامة التي تلتهم الغزاة البكتيريين في جهاز المناعة، وكل نوع من الخلايا المتمايزة له نمط تعبير جيني محدد يحافظ عليه بثبات، إذ تحدد الجينات المعبر عنها في نوع الخلية البروتينات والـ (RNAs) الوظيفية التي يحتاجها هذا النوع من الخلايا المعينة، مما يمنحها البنية والوظيفة الصحيحة للقيام بعملها.
الخلايا الجذعية البالغة:
لا تتمايز جميع الخلايا في جسم الإنسان، حيث تحتفظ بعض الخلايا في الجسم البالغ بالقدرة على الانقسام وإنتاج أنواع متعددة من الخلايا، وتشمل هذه الخلايا الجذعية البالغة، والتي عادة ما تكون متعددة القدرات: يمكنها إنتاج أكثر من نوع واحد من الخلايا، ولكن ليس نطاقًا كبيرًا من أنواع الخلايا، وعلى سبيل المثال يمكن أن تؤدي الخلايا الجذعية المكونة للدم في نخاع العظام إلى ظهور جميع أنواع الخلايا في نظام الدم، ولكن ليس أنواع الخلايا الأخرى مثل الخلايا العصبية أو خلايا الجلد.
السمة المميزة للخلايا الجذعية هي أنها تخضع لانقسام غير متماثل للخلايا، مما ينتج خليتين مختلفتين عن بعضهما البعض، وتظل إحدى الابنة خلية جذعية وهي عملية تسمى التجديد الذاتي، حيث تجدد الخلية المنقسمة نفسها عن طريق تكوين ابنة متطابقة وظيفيًا، وتأخذ الخلية الوليدة الأخرى هوية مختلفة، إما بالتمييز مباشرة إلى نوع خلية مطلوب أو تمر عبر انقسامات إضافية لتكوين المزيد من الخلايا.