اقرأ في هذا المقال
- الأمراض الوراثية المرتبطة بالجينات
- دراسة الأمراض البشرية
- استخدام التقنيات الجديدة للعثور على الجينات القديمة
الأمراض الوراثية المرتبطة بالجينات:
الاضطراب الوراثي هو مرض ينتج كليًا أو جزئيًا عن تغيير في تسلسل الحمض النووي بعيدًا عن التسلسل الطبيعي، حيث يمكن أن تحدث الاضطرابات الجينية بسبب طفرة في جين واحد (اضطراب أحادي الجين) أو طفرات في جينات متعددة (اضطراب الوراثة متعدد العوامل)، أو بسبب مجموعة من الطفرات الجينية والعوامل البيئية أو عن طريق تلف الكروموسومات تغييرات في عدد أو هيكل كروموسومات كاملة، وهي الهياكل التي تحمل الجينات.
بينما نكشف عن أسرار الجينوم البشري المجموعة الكاملة من الجينات البشرية، نتعلم أن جميع الأمراض تقريبًا لها مكون وراثي، إذ تنجم بعض الأمراض عن طفرات موروثة من الوالدين وتوجد لدى الفرد عند الولادة مثل مرض فقر الدم المنجلي، تنجم الأمراض الأخرى عن طفرات مكتسبة في جين أو مجموعة جينات تحدث خلال حياة الشخص، ولا يتم توريث هذه الطفرات من أحد الوالدين، ولكنها تحدث إما بشكل عشوائي أو بسبب بعض التعرض البيئي (مثل دخان السجائر)، وتشمل هذه العديد من أنواع السرطان، وكذلك بعض أشكال الورم العصبي الليفي.
دراسة الأمراض البشرية:
حقق الباحثون تقدمًا كبيرًا في دراسة الأمراض البشرية متعددة الجينات والأمراض البشرية المعقدة الأخرى، ويرجع ذلك في جزء كبير منه إلى معرفة تسلسل الجينوم البشري وتوليد علامات واسعة النطاق للتنوع الجيني وتطوير تقنيات جديدة تسمح للباحثين بربط الأنماط الظاهرية للمرض مع المواقع الجينية، على الرغم من أن الأمراض متعددة الجينات أكثر شيوعًا من الاضطرابات أحادية الجين، فإن دراسات الأمراض أحادية الجين توفر فرصة لا تقدر بثمن للتعرف على الآليات الجزيئية الأساسية، وبالتالي تساهم بشكل كبير في فهمنا لجميع أشكال الأمراض الوراثية.
الأمراض أحادية الجين:
يحتوي الجينوم البشري على ما يقدر بنحو 20.000 إلى 25.000 جينة تعمل كمخططات لبناء جميع البروتينات في أمراض الجين الواحد، حيث تكون الطفرة في واحد فقط من هذه الجينات مسؤولة عن المرض، وتنتشر أمراض الجين الواحد في العائلات، ويمكن أن تكون سائدة أو متنحية وراثيًا أو مرتبطة بالجنس، إذ تعد تحليلات النسب للعائلات الكبيرة التي بها العديد من الأعضاء المصابين مفيدة جدًا لتحديد نمط وراثة الأمراض أحادية الجين.
الاتجاهات في اكتشاف الجينات:
بعد تسلسل الجينوم البشري بدأ الباحثون في تحويل تركيزهم من الأمراض أحادية الجين إلى الأمراض متعددة الجينات، والتي تشمل العديد من الجينات، وهناك عدة أسباب لهذا التحرك نحو الأمراض متعددة الجينات من ناحية، فإن العديد من الاضطرابات أحادية الجين البالغ عددها 1621، والتي لا تحتوي على جينات معروفة نادرة جدًا ونتيجة لذلك، يواجه الباحثون صعوبات في التعرف على العائلات المصابة بالمرض، وفي الحصول على أعداد كافية من عينات الحمض النووي للمقارنة بأفراد الأسرة غير المصابين، وأيضًا غالبًا ما تكون وكالات التمويل وشركات التكنولوجيا الحيوية وشركات الأدوية أقل عرضة لاستثمار الموارد المالية في الجهود البحثية التي تركز على الأمراض النادرة.
استخدام التقنيات الجديدة للعثور على الجينات القديمة:
قبل تسلسل الجينوم البشري اعتمد الباحثون على تقنيات كثيفة العمالة وبطيئة لرسم خرائط وعزل الجينات المرتبطة بالأمراض، على سبيل المثال على الرغم من أن الجهود المبذولة لعزل الجين المرتبط بمرض هنتنغتون بدأت في أواخر السبعينيات لم يتم التعرف على الجين حتى عام 1993.
مع تسلسل الجينوم البشري المتاح تمكن الباحثون من إنشاء خرائط لكل كروموسوم مع إظهار الموقع الدقيق لكل جين وتحديد مناطق الجينوم التي يمكن أن تختلف من شخص إلى آخر تسمى متعددة الأشكال، وتحظى تعدد أشكال النوكليوتيدات المنفردة (SNPs) بأهمية خاصة للباحثين، وهي مناطق متعددة الأشكال ثنائية القاعدة.
تحدث (SNPs) في جميع أنحاء الجينوم البشري بمتوسط معدل (SNP) واحد لكل 1000 زوج أساسي، حيث قام مشروع (HapMap) الدولي بتحديد تعدد الأشكال على طول كل كروموسوم بشري وجعل هذه المعلومات متاحة مجانًا للعلماء في جميع أنحاء العالم، ويمكن استخدام علامات (SNP) متعددة الأشكال هذه لرسم خريطة للجينات المرتبطة بالأمراض.
طور الباحثون طرقًا للتحليل المتزامن لما يصل إلى مليون تعدد الأشكال المختلفة في جميع أنحاء الجينوم البشري بأكمله، وذلك باستخدام الحمض النووي الجيني المعزول من عينة الدم أو أي مصدر بيولوجي آخر للحمض النووي وشريحة (DNA) واحدة، وهي رقاقة زجاجية صغيرة من السيليكون التي يمكن أن تلتصق بها شظايا الحمض النووي المفرد الذي تقطعت به السبل في نمط يشبه الشبكة.
تحتوي شريحة (SNP) على جزيئات (DNA) قصيرة أحادية السلسلة تسمى (oligonucleotides) تتوافق مع متغيرات (SNP) المعروفة، إذ يتم تقسيم الحمض النووي المعزول من عينة الدم إلى شظايا، ويتم تمييزها بصبغة الفلورسنت وتحويلها إلى حمض نووي أحادي الجديلة، ثم يتم تحضين شظايا الحمض النووي الجينومي المفردة التي تقطعت بها السبل والمُسمَّمة بالفلورسنت بشريحة (SNP) وفقط تلك الأجزاء من الحمض النووي التي تتطابق تمامًا سترتبط بأوليغنوكليوتيد (SNP) التكميلي على شبكة شرائح (SNP)، ثم يتم استخدام الليزر لمسح كل موضع شبكي لتحديد متغيرات (SNP) التي يتم تمثيلها.
علم الجينوم والبروتيوميات:
المعلوماتية الحيوية هي مجال علم الأحياء المستوحى من الجينوم، والذي يحلل المعلومات الجينومية للتنبؤ بوظيفة الجين والبروتين، حيث يمكن لعلماء المعلومات الحيوية فحص منطقة من الكروموسوم بسهولة وتحديد الأجزاء التي تتوافق مع جينات تشفير البروتين، علاوة على ذلك يمكنهم مقارنة تسلسل جين مجهول الوظيفة مع بقية الجينوم والعثور على جينات مماثلة ذات وظائف معروفة، وبناءً على التشابه بين الجينات يمكن للباحثين في كثير من الأحيان التنبؤ بكيفية عمل البروتينات المشفرة جينيًا داخل الخلية.
يشار إلى الدراسات واسعة النطاق للجينات والبروتينات باسم علم الجينوم والبروتينات على التوالي، إذ يمكن للباحثين الآن استخدام رقائق الجينات لفحص مستويات التعبير (mRNA) في وقت واحد لجميع جينات تشفير البروتين البشري من مجموعة خلايا معينة، وتتشابه رقائق الجينات من حيث المفهوم مع رقائق (SNP)، لكن شبكاتها تحتوي على أجزاء من الحمض النووي أحادية السلسلة تتوافق مع جينات تشفير البروتين.
من أجل دراسة التعبير الجيني يقوم الباحثون أولاً بعزل الرنا المرسال من الأنسجة ذات الأهمية ثم تحويلها إلى الحمض النووي التكميلي أحادي الشريطة (cDNA) وتسميته بصبغة فلورية، ثم يتم تحضين (cDNA) وحيد الخيط المسمى الفلورسنت مع شريحة الجينات، مما يسمح بالتهجين بين جزيئات (cDNA) وتسلسلاتها التكميلية على شبكة رقاقة الجينات، ويتم استخدام الليزر لمسح الشريحة وتحديد إشارة الفلورسنت المرتبطة بكل (mRNA) الممثلة في نظام شبكة رقاقة الجينات للحصول على ملف تعريف التعبير الجيني لفرد معين، ومن خلال مقارنة ملفات تعريف التعبير الجيني من الأفراد الطبيعيين والمرضى، يمكن للعلماء أيضًا تحديد التغييرات في التعبير الجيني المرتبط بالأمراض البشرية.