يوصف الجدار في الخلية النباتية بأنّه جدار حقيقي ميت يتميز بوجود مادة السليلوز التي تخلو منها الخلايا غير النباتية ويتكون جدار الخلية نتيجة لنشاط بروتوبلاست الخلية، ولكنه نتيجة اجزائها الميتة فهو طبقة غير حية تحيط بالخلية، أما تمدد الجدار واتساعه اثناء نمو الخلية فلا يعتبر بأي حال من الأحوال دليلًا على حيويته فهو في هذه المرحلة مـن عمر الخلية يكون رقيقًا وقابلًا للتمدد، لذا فهو يتسع نتيجة لازدياد حجم ونمو بروتوبلاست الخلية، ويكون الجدار عند بدء تكوينه رقيقًا للغاية ولكن تحدث له بعد ذلك عدة تغيرات سواء في السمك أو في تركيبه الكيميائي.
تشكل جدار الخلية النباتية
يظهر الجدار الخلوي مباشرة بعد الانقسام بشكل منطقة داكنة تتكون عند خط استواء المغزل ويطلق عليها اسم فراغموبلاست أو الجسم البرميلي (Phragmoplast)، وخلال الفراغموبلاست يظهر الجدار بشكل صفيحة رقيقة تسمى الصفيحة الخلوية وتكون في البداية في وضع مركزي ثم تمتد تدريجياً نحو الخارج (قوة الطرد المركزي) إلى أن تصل الى جدار الخلية الأم، وتسمى حينئذ بالصفيحة الوسطى وتتكون الصفيحة الوسطى أساساً من بكتات الكالسيوم والمغنسيوم.
ويقوم بعد ذلك البروتوبلاست بترسيب غشائين رقيقين على جهتي الصفيحة الوسطى يكونان ما يسمى الجدار الابتدائي (Primary cell wall)، وعندما تصل الخلية الى كامل نضجها قد يندمج الجدار الابتدائي بالصفيحة الوسطى فيطلق عليه عندئذ اسـم الصفيحة الوسطى المركبة (Compound middle lamella)، وللتمييز بين الصفيحة الوسطى المتكونة أصلًا والمتميزة عن الجدار الابتدائي وتلك التي اندمجت مـع الجدار الابتدائي فقد استعمل لفظ الصفيحة الوسطى البسيطة للأولى والصفيحة الوسطى المركبة للثانية، وتكون الصفيحة الوسطى المركبة في هذه الحالة ثلاثية الطبقة.
وفي حالات كثيرة يحدث تغلظ آخر يضاف إلى الجدار وذلك بعد وصول الخلية إلى كامل نضجها، وهذا التغلظ يكون جداراً آخر فوق الجدار الابتدائي يعرف بالجدار الثانوي الذي يتكون في بعض الخلايا النباتية، وقد يبدو الجدار الثانوي متميزًا بسهولة عن الجدار الابتدائي أو عن الصفيحة الوسطى المركبة الّا انّه في بعض الحالات يندمج الجدار الثانوي بالجدار الابتدائي ولا يمكن تمييزه عنه، وعندئذ يمكن أن يطلق اسم الصفيحة الوسطى المركبة على الجدارين معاً أضافة الى الصفيحة الوسطى وتصبح الصفيحة الوسطي المركبة في هذه الحالة خماسية الطبقة.
طبقات الجدار
يتميز جدار الخلية النباتية في كثير من الأحيان الى طبقات يختلف بعضها عن بعض في كثير من الوجوه، بما في ذلك التركيب الكيمياوي ونسبة الماء وبعض الصفات الفيزيائية كتأثير الضوء المستقطب عليها، وعلى هذه الأسس يمكن تمييز الطبقات التالية في الجدار الخلوي وهي: الصفيحة الوسطى والجدار الابتدائي والجدار الثانوي.
1- الصفيحة الوسطى
يطلق عليها أيضاً المادة البينية (Intercellular substance) التي تقوم بربط الجدارين الابتدائيين المتصلين بها، وتتركب الصفيحة الوسطى بشكل أساس من بكتات الكالسيوم والمغنسيوم الّا أنّها قد تحتوى على مواد أخرى مثل الليغنين كما في العناصر الناقلة في الخشب، وتبعًا لتأثيرها على الضوء المستقطب توصف الصفيحة الوسطى بكونها غير فعالة ضوئيًا أو متجانسة.
2- الجدار الابتدائي
يمثل الجدار الابتدائي أول جزء من الجدار يضاف من قبل البروتوبلاست على الصفيحة الوسطى وتحصل إضافته في المراحل التي تكون فيها الخلايا لا زالت في حالة تمر في السطح وفي الحجم، ويتكون الجدار الابتدائي من مواد بكنية وسليلوز ومواد غير سليلوزية متعددة السكريات و مواد أخرى، وبالنظر لوجود مادة السليلوز في الجدار الابتدائي فأنّه يوصف بكونه فعال ضوئيًا أو غير متجانس ضوئيًا وذلك بسب وجود ألياف السليلوز مرتبة بشكل منسق مما يؤدي الى انحراف الضوء المستقطب عند مروره خلالها.
لقد أظهرت الدراسات بالمجهر الالكتروني أنّ السليلوز في الجدار يكون على هيئة حزم من لييفات يطلق عليها اللييفات الكبيرة، وتتكون الأخيرة بدورها من مجموعة من وحدات أصغر يطلق على كل منها لييفات دقيقة، وفي السليلوز المتبلور تكون اللييفات الدقيقة متوازية مع بعضها غير أنها لا تكون كذلك في السليلوز غير المتبلور.
وفي الجدار الابتدائي للخلايا التي تميل للاستطالة يكون اتجاه اللييفات الدقيقة بصورة مستعرضة، أما في الخلايا التي تميل الى الشكل الكروي فتكون اللييفات على هيئة شبكة متداخلة مما يقلل من فاعليتها في حرف الضوء المستقطب، وفي الجدران الثانوية فتكون اللييفات الدقيقة متوازية ومائلة على اتجاه المحور الطولي، كما انّها تختلف عادة في الطبقات المختلفة للبدار الثانوي.
تتألف كل لييفة دقيقة من حزمة من الوحدات وتمثل كل وحدة سلسلة من جزيئات السليلوز، وإنّ نسبة السليلوز المتبلور في الجدار الابتدائي تكون قليلة مقارنة مع السليلوز غير المتبلور، لذا تكون طبيعته مرنة، بينما تزداد نسبة السليلوز المتبلور في الجدار الثانوي حتى قد تصل إلى 90% من مجموع السليلوز، وعلى نفس الأساس تعتبر الصفيحة الوسطى متجانسة ضوئيًا أو غير فعالة ضوئيًا، وذلك لكونها مكونة من مادة البكتات التي ليس لها صفات بلورية، كما هو الحال في تناسق جزيئات الجلوكوز في مادة السليلوز لذا فلا يحصل انحراف للضوء المستقطب عند مروره خلالها.
يوجد الجدار الابتدائي في سائر الخلايا النباتية وقد يبقى هو الجدار الوحيد في الخلية كما في حالة الخلايا المرستيمية، ومعظم الخلايا البرالكيمية والخلايا الكولنكيمية ومعظم خلايا البشرة، ويتميز الجدار الابتدائي بكونه يحيط عادة بخلايا تبقى حية وفعالة بعد النضج وذلك عندما يبقى هو الجدار الوحيد بالخلية، كما أنّه يتميز بأنّه رقيق نسبيًا الّا في حالات خاصة، وعند وجود تراكيب شبيهة بالنقر في الجدار الابتدائي يطلق عليها حقول النقر الابتدائية.
3- الجدار الثانوي
وهو الجدار الذي يضاف على الجدار الابتدائي في بعض أنواع من الخلايا وذلك بعد اكتمال النمو السطحي والحجمي للخلية، أي أنّ تكوين الجدار الثانوي يبدأ بعد وصول الخلية إلى حجمها النهائي، كما أنّه يتميز بكونه يزيد في سمك الجدار بصورة مطردة دون ان يحدث زيادة في سطح الجدار، والمواد التي تدخل في تركيب الجدار الثانوي تتكون من السليلوز الذي يؤلف في الغالب الجزء الأكبر من الجدار والسكريات المتعددة غير السليلوزية، وهذا بالاضافة الى مواد أخرى مثل الليغنين والسوبرين، ويتميز الجدار الثانوي بخلوه من المواد البكتيه الحقيقية.
يوصف الجدار الثانوي عادة بأنّه مرّ بتغيرات غير عكسية في السمك وفي التركيب الكيميائي خلافًا لما يحدث بالجدار الابتدائي، حيث يمكن ان يتغير سمك الجدار أو تركيبـه الكيميائي لذا توصف التغيرات الحاصلة في الجدار الابتدائي بكونها قابلة للانعكاس، وغالبًا ما يكون الجدار الثانوي مقترنًا بخلايا تموت بعد تمام نضجها خلافًا لما عليه الحال في الجدار الابتدائي، ويتميز الجدار الثانوي في كثير من الأحيان الى طبقات متميزة كيميائيًا وفيزيائيًا، ويمكن في أحيان كثيرة ملاحظة هذه الطبقات عند فحص الجدار بواسطة المجهر المركب الاعتيادي، كما انّها تختلف عن بعضها في اتجاه اللييفات الدقيقة عند فحصها بالمجهر الالكتروني.
الجدار الثانوي ـوكذا الجدار الابتدائي- يتم تكوينهــا والبروتوبلاست مازال حيًا، اما اذا فقدت الخلية حيويتها فلا يمكن حدوث اية زيادة في سمك الجدار ولا في تركيبه الكيميائي عادة، ولذا توصف التغيرات التي تحصل في الجدار الثانوي بكونها غير عكسية، وخلافًا لما عليه الحال في الجدار الابتدائي فأنّ الجدار الثانوي يقتصر وجوده على أنسجة وخلايا معينة حيث يوجد في:
1- العناصر الناقلة في الخشب كالأوعية والقصيبات.
2ـ النسيج السكرنكيمي (Sclerenchyma) كالألياف والخلايا الصخرية.
3ـ بعض الخلايا البارنكيمية كتلك التي في نسيج الخشب.
4- النسيج الفليني (cork).
5- في بعض طبقات البشرة كتلك التي في الصنوبريات والنباتات دائمة الخضرة وخلايا الفيلامين الموجودة في الاوركيدات (السحلبيات)، والتي تمثل بشرة مركبة تحاط خلاياها بجدران ثانوية وهي موجودة في الجذور الهوائية لهذه النباتات.