حيوان الفوسا وصغاره

اقرأ في هذا المقال


للوهلة الأولى يبدو حيوان الفوسا (Fossa) وكأنه نوع من القطط أو القرد أو ابن عرس، حيث لها كفوف بمخالب مثل القطة وذيل طويل مثل القرد وآذان صغيرة مستديرة مثل ابن عرس لذلك من السهل الخلط، وعلى الرغم من أنّها تشترك في بعض أوجه التشابه التكيفية مع القطط، إلّا أنّ حيوان الفوسا يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالنمس والزباد، فمعطفه قصير وكثيف وعادة ما يكون لونه بني غني مع مسحة ذهبية وبطن أفتح لونًا، ويشكل ذيل الحفرة حوالي نصف طول الحيوان.

أسطورة حيوان الفوسا

أساطير حيوان الفوسا يمكن أن تملأ كتابًا، فهي تشمل الحكايات التي تم نقلها الاعتقاد بأنّ الرائحة التي خلفها حيوان الفوسا تقتل الدواجن، ويمكن للحيوان أن يتقلص بؤبؤ عينه حتى يختفوا تمامًا وأنّ حيوان الفوسا تتسلل إلى المنازل وتسرق الأطفال من أسرهم، وحكاية أخرى تحكي عن حيوانات الفوسا التي تلعق شخصًا نائمًا بطريقة تجعل النائم في نشوة عميقة، وبمجرد أن يصبح النائم تحت تأثير التعويذة يصبح غير قادر على الاستيقاظ، ثم يتخلص حيوان الفوسا من ضحيته التي لا حول لها ولا قوة، وقد تبدو هذه الحكايات غير محتملة ولكنها تعكس الطبيعة الماكرة لحيوان الفوسا.

موئل حيوان الفوسا

لا يُعرف سوى القليل عن حيوان الفوسا ويرجع ذلك في الغالب إلى عدم وجود الكثير منها كما أنّهم يعيشون في مناطق الغابات النائية، ولقد حيروا العلماء منذ ثلاثينيات القرن التاسع عشر، وموطنها فقط جزيرة مدغشقر قبالة الساحل الشرقي لأفريقيا، حيوانات الفوسا هي أكبر الحيوانات آكلة اللحوم في تلك الجزيرة، وينطق السكان المحليون بالاسم (foo-sa) و (foosh).

النظام الغذائي

تستخدم حيوانات الفوسا وصغارها مخالبها الحادة لتسلق الأشجار صعودًا وهبوطًا أثناء صيد فريستها، ويعتبر حيوان الفوسا صغاره حيوانًا ذكيًا ورشيقًا يتحرك بسهولة أعلى الأشجار في منزله في الغابة، على الرغم من أن الحيوان يمكن أن يصل وزنه إلى 22 رطلاً (10 كيلوغرامات)، ويساعد هذا الذيل الطويل جدًا على توازن حيوانات الفوسا والقفز من فرع إلى فرع، وتساعد المخالب القابلة للسحب مثل مخالب القطة ومفاصل الكاحل المرنة على تسلق رأس الشجرة أولاً، وعلى الرغم من أنّها تقضي الكثير من الوقت في الأشجار إلّا أنّ حيوانات الفوسا مريحة بنفس القدر في الركض بأقدام مسطحة مثل الدب على الأرض.

لا يزال هناك المزيد لنتعلمه عن حيوانات الفوسا وصغارها النادرة، فحتى وقت قريب كان يُعتقد أنّ حيوانات الفوسا البالغين والصغار كانت ليلية لأنّه كان من الصعب العثور عليها في البرية، وتظهر الدراسات الحديثة أنّ حيوانات الفوسا تغفو وتطارد ليلاً أو نهارًا اعتمادًا على الحالة المزاجية أو الظروف، ويمكن أن تسافر حيوانات الفوسا لمسافة تصل إلى 16 ميلاً (26 كيلومترًا) في اليوم، ويكون انفراديًا إلّا خلال موسم التكاثر.

باعتبارها آكلة اللحوم تعتبر حيوانات الفوسا صيادًا ممتازًا، حيث يفترس الحيوانات الصغيرة والمتوسطة الحجم من الأسماك إلى الطيور والفئران والخنازير البرية، ولكن الليمور هو مصدر الغذاء الرئيسي وحيوان الفوسا هي المفترس الوحيد في مدغشقر القادر على قتل أكبر أنواع الليمور، وللإمساك بواحد يجب أن يكون المفترس أسرع من الليمور، ويمكن لحيوان الفوسا أن يتغلب على أسرع الليمور، كما يمكنه القفز والاندفاع ليكشف قليلاً عن أكثر من ضبابية شاحبة، وحيوان الفوسا صياد كمين حيث يستخدم أطرافه الأمامية ومخالبه للقبض على فريسته ويقتله بسرعة بعضة من أسنانه الحادة.

تكاثر وصغار حيوان الفوسا

تتطور صغار حيوانات الفوسا ببطء ولا تترك العرين لمدة أربعة إلى خمسة أشهر تقريبًا، وتستخدم حيوانات الفوسا الرائحة للتواصل وتتبع بعضها البعض أو رائحة الصخور أو الأشجار أو حتى الأرض فقط بغدد الرائحة على الصدر وتحت قاعدة الذيل، وكحيوانات منعزلة نادرًا ما تتداخل نطاقات موطنها، والمرة الوحيدة التي يبدو أنّهم يتكلمون فيها هي أثناء التكاثر، حيث تجذب الإناث الإناث الذكور، كما أنّ الذكور تعوي وتعوي عند التنافس على أنثى، وقد يزأر حيوان الفوسا لترهيب حيوان الفوسا الزميل أو للدفاع، وتُصدر صغار حيوانات الفوسا صوت خرخرة عند الرضاعة أو بالقرب من أمهاتهم.

تكون حيوانات الفوسا على استعداد لبدء أسرتها الأولى عندما يبلغون من العمر أربع سنوات تقريبًا وموسم التكاثر بين سبتمبر وديسمبر، وعندما يحين وقت الولادة تقريبًا في الفترة من ديسمبر إلى مارس تصنع الأم عرينًا في مكان مثل تل النمل الأبيض القديم أو عرينًا تحت الأرض أو شقًا صخريًا أو جوفاء شجرة، وهناك من اثنين إلى ستة من الجراء ذات الشعر الأبيض في القمامة، وهم يولدون بلا أسنان وأعينهم مغلقة، والأم تربيهم دون مساعدة من الذكور أو الإناث الأخرى.

تعتمد صغار الفوسا بشكل كبير على أمهاتهم في الأسابيع القليلة الأولى، وتبدأ عيونهم في الانفتاح ويبدأ فرائهم في التغميق عندما يبلغون من عمر أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع، وتتطور الجراء ببطء ولا تترك العرين لمدة أربعة إلى خمسة أشهر، حيث كانوا يعتمدون على والدتهم لمدة ثمانية أشهر أخرى، ولجذب انتباه الأم تصدر الجراء ضوضاء عالية النبرة تسمى الميئ، ويستمر صغار الفوسا في النمو حتى عمر عامين تقريبًا، وثم يجدون مساحة خاصة بهم وعادة ما يلتقون فقط بالحيوانات الفوسا الأخرى خلال موسم التكاثر في الخريف.

الحفاظ على حيوانات الفوسا

أصبحت حيوانات الفوسا وصغارها التي تقطعت بها السبل في مدغشقر لملايين السنين أكبر آكلات اللحوم المحلية وهيمنت على الجزيرة، واليوم تُصنف حيوانات الفوسا مع صغارها على أنّها من الأنواع المعرضة للخطر حيث يوجد حوالي 2500 فقط في البرية، وباعتبارها واحدة من أكبر الحيوانات المفترسة في الجزيرة فإنّ حيوانات الفوسا ليس لها أعداء طبيعيون.

ومع ذلك تشير التقديرات إلى أنّ 90 في المائة من موطن الغابات الأصلي في مدغشقر قد ولت وما تبقى يعتبر نقطة ساخنة رئيسية للتنوع البيولوجي، فهي موطن لـ 35 نوعًا من الليمور ولكن الليمور يحتاج إلى الغابة للبقاء على قيد الحياة، وفي المقابل تعتمد حيوانات الفوسا لغذائها وغذاء أطفالها على الليمور كمصدر للغذاء، ويجب أن تتنافس حيوانات الفوسا أيضًا على الطعام مع الأنواع المدخلة مثل الزباد.

هناك أمراض تهدد حيوانات الفوسا وتهدد صغارها، كما تواجه حيوانات الفوسا وصغارها أيضًا عقبة أخرى: فهي تتمتع بسمعة غير مواتية لدى القرويين الذين يرون أنّها حشرات ومنافسون على الموارد ومفترسون لحيوانات المزرعة، ويروون قصصًا قبل النوم عن حيوانات الفوسا وعن صغارها تطفئ نيران المخيمات وتقتل أقفاصًا كاملة من الدجاج، وأعطت هذه الحكايات سمعة سيئة للحيوانات الفوسا بشكل غير عادل، ولكن بسبب هذه المكانة الشريرة يخشى الكثير من الناس حيوانات الفوسا ويعتبرونها خطرة.

ومع ذلك فإنّ حيوانات الفوسا وصغارها لها مساعدة لأنّها محمية من التصدير والتجارة، والسياحة البيئية تساعد أيضًا حيوانات الفوسا والحياة البرية الأخرى في مدغشقر، وعندما يسافر الناس إلى هذه الجزيرة لمشاهدة تنوعها البيولوجي المذهل فإنّ زياراتهم توفر المال للسكان المحليين وتشجعهم على الحفاظ على الغابات كما هي.

المصدر: هيئة من المؤلِّفين (1999)، الموسوعة العربية العالمية (الطبعة الثانية)، الرياض، المملكة العربية السعودية: مؤسسة أعمال الموسوعة للنشر والتوزيع.ديانا أبي عبود عيسى (2003)، حياة الحيوانات (الطبعة الأولى)، بيروت: دار المجاني.أميرة عبداللطيف (1-3-2014)، "الأهمية الاقتصادية للحيوانات البرية ومنتجاتها في أفريقيا حالة خاصة السودان"، جامعة السودان، اطّلع عليه بتاريخ 18-10-2016.فادية كنهوش (2007)، أطلس الحيوانات (الطبعة الأولى)، حلب: دار ربيع.


شارك المقالة: