يمتاز كلّ نوع من أنواع الحيوانات بسلوكيات محدّدة تساعده على التنقّل والترحال من مكان لآخر، فالطيور يمكن لها الطيران مستعينة بقوّة الدفع التي تنشأ عن خفق الأجنحة بصورة رائعة، ويمكن للقردة أن تمشي وان تتسلق الأشجار مستعينة بأطرافها الطويلة وذيلها الرائع، ويمكن للثديات بصورة عامة أن تعدو مستعينة بأطرافها الأربعة كما هي الحال لدى الغزلان وكذلك هي الحال بالنسبة للعديد من الزواحف مثل التماسيح، ولكنّ الحال لدى الحشرات مختلف تماماً فهي تمتلك استراتيجية سلوكية خاصة في الطيران والسباحة والتسلق والعدو، فكيف يمكن للحشرات تسلق الأماكن المرتفعة؟
سلوك الحشرات في التسلق
يمكن للعديد من أنواع الحشرات أن تطير مثل النحل والدبور وهي تمتلك سلوكيات خاصة بالمشي أيضاً، ويمكن لبعضها الآخر الطيران ولكن في نفس الوقت تمتلك سلوكيات رائعة في المشي على الأسطح المرتفعة والمائلة بصورة لا تصدّق، ولعلّنا شاهدنا جميعاً ذبابة تقوم بالالتصاق بأحد الجدران بصورة معكوسة، أو قيام بعوضة بالمشي على الزجاج أو على حائط المنزل، ولا يخفى على أحد أن للنمل القدرة على تسلّق الجدران المنحدرة ذهاباً وإياباً بصورة رائعة.
إن حركة الحشرات بصورة عامة وكذلك العناكب في تسلٌ الجدران الملساء منها والخشنة وفي الوقف على الأسقف والمنحدرات يعتبر سلوكاً شاذاً لا نجده إلا في الحشرات والعناكب، ولعلّ هذا الأمر ليس عادياً ولا يمكن لأي حيوان آخر أن يقوم بهذا الأمر باستثناء بعض أنواع الزواحف، حيث يمكن للذباب المشي على الزجاج المنحدر والوقوف على الجدران بصورة مقلوبة ولأوقات طويلة، ولعلّ الطبية الجسدية لتلك الحشرات والعناكب تساعدها على القيام بهذا السلوك الغريب.
إنّ الحشرات والعناكب بصورة عامة تمتلك في أطرافها التي تساعدها على الحركة مجموعة من الشعيرات الدقيقة التي تشبه الكلاليب تساعدها على الحركة، حيث تكون هذه الشعيرات الدقيقة معكوسة بصورة تجعل المشي على الأسطح المرتفعة أو الملساء أمراً سهلاً وطبيعي، حيث أنّ الشعيرات الدقيقة التي تمتلكها الحشرات والعناكب تساعدها على القيام بسلوكيات نادراً ما يتم مشاهدتها في حيوانات غير الحشرات والعناكب.
أثبتت الدراسات الحديثة التي أجراها علماء سلوك الحيوان أن للحشرات القدرة على المسير بصورة طبيعية فوق الأسطح الملساء مثل الزجاج مستعينة بمادة لزجة تتواجد في أسفل القدم، وهذه المادة اللزجة عادة ما تساعدها على اكتساب سلوكيات خاصة في تسهيل الحركة والعدو بشكل غريب لا يمكن تخيّله، كما وأن أحجام الحشرات والعناكب يساعدها في الحركة بحرية فوق الأسطح المرتفعة والملساء
في الختام لا يسعنا إلا أن نقف منذهلين من السلوكيات الخاصة التي تقوم بها الحشرات على وجه الخصوص في الوقوف والتحرك بصورة غريزية فوق الأماكن المرتفعة والأسطح الملساء، ولعلّها مجهّزة بشعيرات دقيقة تساعدها على الحركة ومادة لزجة تزيد من ثباتها.